المثل الشعبي يعد مرآة تعكس الكثير من ثقافة وحياة المجتمعات والشعوب، بل واستخدامه أيضا يعد مؤشرا على ما يحمله مستخدمه من فهم لما تضمنه المثل والموافقة عليه وقبوله، فالمثل معروف أنه خلاصة تجربة وصياغته صنعة بلاغية ولغوية، ووظيفته الاختصار وتقديم صورة مشابهة لما يجري حوله الحوار، وكأن المتكلم يقول: لقد حصل قصة سابقة تؤيد ما نحن فيه ويشهد لها الواقع. لا يفهم المثل الشعبي في الغالب من تراكيبه فضلا عن بعضها، وإن كان بعضها أسهل في التلقي من بعض، ولكنه يفهم من مناسبته أو من سياق الحديث معه، ويتضح أكثر من خلال شرحه ممن عرفه، ومن تضمينه للقول و مجمل الكلام يوضح بعضه بعضا. وللدلالة على أن بعض الأمثال الشعبية لا تفهم من تراكيبها فقط نستعرض بعضا منها: يقول المثل الشعبي «سارح ولا تمارح»: فهو وإن كان من ثلاث كلمات إلا أنه يوضح لنا الأسلوب الأمثل للعلاقات المقبولة والتفاعل والتعامل مع الآخرين وكيف تكون عليه: فهو يعني: أن نتعامل مع الناس في أول النهار ولا نمارحهم في الليل، بل نخفف عنهم حتى لا نشغل يومهم كاملا فيملوا منا، فالناس لهم مصالح ولهم علاقات غيرنا. ومن الأمثال أيضا «يكسر العودان»: فظاهر القول أن الشخص الذي يكسر الأعواد لا يعطي مثلا، ولكنهم أخذوا منه صورة تمثل حالة الفراغ. وهذا المثل يضرب للشخص الذي ليس لديه ما يشغله، فهو يجلس على طرف من المزرعة أو قريبا من شجرة ويبدأ في أخذ الأعواد الصغيرة حوله، يسلي نفسه. ومن الأمثال أيضا «السماء تأخذ رصاص واجد» وهذا المثل يوجه النظر للسماء والأفق الواسع، وكأنه يرد على من ينقل له نميمة أو كلاما فيه إساءة وذم بأنه لا يهمه، أو بعبارة أخرى اترك الكلام يطير في الهواء ولا تلتفت له. لا يهمه كلام الناس فكما أن السماء واسعة لكل من يرمي بلا تأثر، فهو كذلك لا يعنيه كلام الناس. ومن الأمثال أيضا «قلل ودلل» وتعني قلل زراعة الأشجار ، وأكثر من العناية بالموجود، فإن النوعية الطيبة خير من الكثرة الهزيلة المهملة. والعكس أيضا فهناك أمثال شعبية واضحة الدلالة من كل عباراتها ومن مضمونها، كما نقول: «علمناهم الطرارة وسبقونا على البيبان الكبار» ومثله: «الدار دار أبونا والقوم طردونا» و»اللي ما يعرف الصقر يشويه» و»اللي ما يعرفك ما يثمنك» فهي عبارات قليلة محتصرة وواضحة الدلال دون الحاجة لشرح يوضح المقصود. ويتخلل الأمثال الشعبية واستخدامها إشكالات كبيرة تتعلق بعدة جوانب، تتعلق بصلاحيتها لأن تستخدم، فالمثل الشعبي يلزمه مناسبة خاصة يقال فيها ذات ارتباط بمن يشارك في التواصل والحديث، فليس كل مثل شعبي يخاطب به الكل، فمن الأمثال ما يعيب استخدامه في حضور ذوي الجاه، ومنها ما لا يليق أن يقال لكل أحد، بحسب قوة العلاقة وضعفها وأيضا مكانك وسن المتلقي. ويضمن الشعراء شعرهم شيئا من الأمثال الشعبية دعما له وحرصا منهم على وضوح المعنى، فالشاعر يختصر على نفسه وعلى المتلقي كثيرا عندما يدلل على مقصده بمثل شعبي مناسب، كما يوفر الوقت ويمنع الإطالة المخلة. يقول الشاعر مهنا السعدي : لي ابن عم ماتعدد خطاياه يخطي علي واقول:هذاابن عمي أحاول ادمح زلته واكسب رضاه وهويوجه سهم الاحقاد يمي مدحي عماه وسبتي غاية مناه يغتاض من مدحي ويفرح بذمي خوفي (يثور سلاحنا داخل خباه) من عقب صبري خايف يفوردمي واصير (من يطعن حصانه بشلفاه) اطيح ولا القى علي من يسمي ويقول الشاعر عمران الزراقي الشايب اللي بان وجه الزمن فيه والوقت غيّر فيه معظم صفاته الحزن طابع فوق وجهه مواريه والهم مستوطن بصدره وذاته على الرمال يخط شيٍ ويمحيه شيٍ من اللي واجهه في حياته أما عن اصحابه وجيله وماضيه وألا عن اللي باقي من أمنياته اللي ما يعرف الصقر يشويه على الرمال يخط شيٍ ويمحيه على الرمال يخط شيٍ ويمحيه