منذ أن أُقيم أول احتفال باليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر من العام 1992، بات العالم يولي اهتماماً متزايداً بأهمية العناية بالصحة النفسية، وأنماط الحياة الإيجابية، والتوازن في الحياة بين العمل والراحة، وفي هذا السياق، برزت الهوايات كأحد أهم العوامل التي تساهم في تعزيز الصحة النفسية وتحسين جودة الحياة. لطالما كانت الهوايات ملاذاً آمناً للكثير ممن يعانون من سوء الحالة النفسية، حيث يتوجهون إليها للهروب من ضغوط الحياة اليومية والروتين الممل، ففي عالم مشغول بالتكنولوجيا والمسؤوليات، توفر الهوايات فسحة من الوقت والهدوء للتركيز على الذات والاستمتاع بلحظات من السعادة البسيطة. إزالة التوتر والشعور بالرضا أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن ممارسة الهوايات لها آثار إيجابية كبيرة على الصحة النفسية، فمثلاً أشارت دراسة إلى أن ممارسة هواية معينة يعد علاجاً فعالاًللتخلص من التوتر والقلق، حيث يساعد على الشعور بالراحة والرضا عن النفس، والسبب في ذلك يعود إلى أن عملية الممارسة تتطلب التركيز والانتباه إلى التفاصيل، مما يشتت الذهن عن الأفكار السلبية. ولا يقتصر الأمر على الصحة النفسية فقط، بل إن العديد من الهوايات الأخرى، مثل الرسم والقراءة والرياضة والموسيقى لها تأثيرات مشابهة، فالرسم على سبيل المثال، يُعتبر وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار بطريقة إبداعية، مما يساعد على تخفيف التوتر والقلق. والقراءة كذلك تنقل القارئ إلى عوالم أخرى، مما يوسع آفاقه ويغني خبراته، والرياضة تساهم في إفراز هرمونات السعادة، مما يحسن المزاج ويقلل من الشعور بالإرهاق، لذلك ليس من قبيل المصادفة أن توصي الأممالمتحدة بممارسة الهوايات كوسيلة فعالة لتحسين الصحة النفسية. علاوة على ذلك، فإن السفر، الذي يعتبره الكثيرون هواية، له فوائد جمة على الصحة النفسية، فالسفر يوسع الآفاق الثقافية، ويعزز القدرة على التكيف مع التغيرات، ويقلل من الشعور بالملل والروتين. إن ما يميّز ممارسة الهوايات، هو أنها تسمح للأفراد بالتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطريقة فريدة من نوعها، فمن خلال التفرغ لها، يستطيع الفرد أن يعبر عما بداخله من مشاعر سلبية وإيجابية، مما يساعده على التخلص من تلك المشاعر وتنظيمها. يمكن القول إن ممارسة الهوايات تلعب دوراً حيوياً في تعزيز الصحة النفسية وتحسين نوعية الحياة. فهي ليست مجرد وسيلة للاستمتاع بوقت الفراغ، بل هي استثمار في الذات والصحة والعافية، لذلك ينبغي على الجميع أن يخصصوا وقتاً لممارسة الهوايات التي يحبونها، سواء كانت فنية أو رياضية أو اجتماعية. وفي هذا السياق، تلعب البوابة الوطنية للهوايات "هاوي" دوراً محورياً في تعزيز ممارسة الهوايات في المملكة العربية السعودية. فقد نجحت "هاوي" في توفير منصة شاملة تجمع هواة مختلف المجالات، وتتيح لهم فرصة للتواصل وتبادل الخبرات وتنظيم الأنشطة والفعاليات. من خلال "هاوي"، يمكن للأفراد اكتشاف هوايات جديدة والانضمام إلى أندية هواة متخصصة، مما يساهم في تنمية المجتمعات المحلية وتعزيز الترابط الاجتماعي. كما تعمل البوابة على دعم المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تطوير قطاع الهوايات في المملكة، وتوفير الدعم المالي واللوجستي للأندية والجمعيات الهواة. إن جهود "هاوي" تأتي ضمن محور تعزيز حيوية المجتمع في رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة وتحسين مستوى الرفاهية للمواطنين والمقيمين ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة. ومن خلال دعم ممارسة الهوايات، تساهم "هاوي" في تحقيق هذا الهدف، حيث إن الهوايات تلعب دوراً هاماً في تعزيز الصحة النفسية والعقلية، وتنمية الإبداع والابتكار، وتقوية الروابط الاجتماعية." تنظم "هاوي" مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات التي تلبي اهتمامات مختلف الفئات العمرية، مثل ورش العمل التدريبية، والمعارض، والمسابقات، والرحلات، وقد حققت هذه الأنشطة نجاحاً كبيراً في جذب الشباب والشابات للمشاركة في مختلف الهوايات، مما ساهم في تنمية المواهب والإبداعات لدى الشباب السعودي.