لا تزال المملكة ملتزمة بمبادئها الثابتة بشأن القضية الفلسطينية، ولن تسمح لأي شائعات أو ادعاءات بتشويه هذه الحقيقة، فتطبيع العلاقات مع إسرائيل ليس مجرد خطوة سياسية يمكن اتخاذها دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني، فالمملكة تقف بجانب الحق والعدل، وتستمر في دعواتها إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تضمن حقوق الفلسطينيين، باعتبارها جزءًا أساسيًا من أي حل شامل ودائم في المنطقة.. انتشرت في الفترة الأخيرة العديد من الشائعات في الصحافة الغربية والإسرائيلية عن اقتراب تطبيع العلاقات بين المملكة والاحتلال الإسرائيلي، مروجة لفكرة أن بلادنا تقترب من التخلي عن مواقفها التاريخية الثابتة بشأن القضية الفلسطينية لصالح مصالح سياسية واقتصادية مشتركة مع الكيان المحتل، ولست هنا في موضع الدفاع، بل للتأكيد على أن هذه الادعاءات تتجاهل المواقف الواضحة والمعلنة للقيادة السعودية، التي تؤكد باستمرار على أن أي تطبيع للعلاقات لن يتم على حساب القضية الفلسطينية، وأن تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط يمر عبر حل القضية الفلسطينية وفقاً للشرعية الدولية. إن المملكة كانت وما زالت واضحة وصريحة في مواقفها، سواء في الغرف المغلقة أو في العلن، فموقفها لا لبس فيه، وهي "لن تكون هناك علاقات مباشرة بين السعودية وإسرائيل دون تحقيق مسار حل الدولتين"، الذي يقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدسالشرقية، وعلى حدود ما قبل حرب 1967، وهو شرط أساسي لا يمكن تجاوزه، ولا يمكن الحديث عن تطبيع حقيقي دون الاعتراف بهذه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وقد أكدت القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مراراً وتكراراً أن المملكة لا يمكن أن تتجاوز هذه القضية الجوهرية التي تحتل قلب سياستها الخارجية. لا تزال تصريحات خادم الحرمين الشريفين، تؤكد هذا الموقف الراسخ، وهو ما أوضحه في آخر تصريح له لقطع الشك السياسي باليقين السياسي، من أن المملكة لن تعترف بإسرائيل إلا بعد تنفيذ شروط مبادرة القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002. تلك المبادرة، التي حظيت بدعم عربي واسع، نصت على إقامة سلام شامل بين الدول العربية وإسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، والاعتراف بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، وعلى الرغم من مرور أكثر من عقدين على إطلاق هذه المبادرة، لم تتغير مواقف السعودية تجاه هذا الحل. تصريحات ولي العهد أيضاً توضح الالتزام الثابت تجاه القضية الفلسطينية. ففي مقابلاته مع وسائل الإعلام الدولية، شدد على أن القضية الفلسطينية تمثل "قضية العرب الأولى" وأن المملكة لن تتخلى عن مطالب الفلسطينيين المشروعة، وأشار إلى أن السعودية تعمل بشكل دائم مع المجتمع الدولي لتحقيق سلام عادل وشامل يحفظ حقوق الفلسطينيين، وفقاً لقرارات الأممالمتحدة والقانون الدولي. إن هذه المواقف ليست مجرد كلمات جوفاء أو دبلوماسية شكلية، بل هي تعبير عن واقع سياسي حقيقي يتمسك به الشعب السعودي وقيادته، وعلى مر العقود كانت المملكة في مقدمة الدول التي دعمت القضية الفلسطينية سياسيًا وماديًا، وساهمت في تعزيز حقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية.. ولم تكن لتخذلهم اليوم، مهما كانت الضغوط والتحديات، وآخرها قيادة تحالف دولي لإقامة الدولة الفلسطينية. ختامًا؛ المملكة لا تزال ملتزمة بمبادئها الثابتة بشأن القضية الفلسطينية، ولن تسمح لأي شائعات أو ادعاءات بتشويه هذه الحقيقة، فتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد خطوة سياسية يمكن اتخاذها دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني، فالمملكة تقف بجانب الحق والعدل، وتستمر في دعواتها إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تضمن حقوق الفلسطينيين، باعتبارها جزءًا أساسيًا من أي حل شامل ودائم في المنطقة.. دمتم بخير.