استيقظت من بعد ليلة سعيدة نمتها متدثرًا بأمان وطني فالحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور، خرجت من منزلي وقد خلعت لباس الجوع بإفطار من خيرات وطني، ركبت سيارتي التي كانت تنتظرني وحيدةً ما خفت عليها من سارق ولا عابث فما اعتدت على ذلك ولله الحمد في وطني، سرتُ بها وسار بي بصري في شارع وطني شارع فسيح ومنظَّم يباريه رصيف أنيق فكأن وطني يهمس في أذني: تنعَّمْ بمسارك ولا تقفز على مسار الآخرين، أوقفتني إشارةٌ مرور فوقفت وما في السلامة فيها شكّ لواقف، صماءً يسير بأمرها الأحياءُ فتسمح لهذا وتمنع ذاك فما أعدلك يا وطني أعطيت كلَّ ذي حريةٍ حريَّته، وفوق شارع وطني أنوار جعلت ليله كنهارِه فلا للظلام سبيلً في وطني ومن حوله أشجارٌ تظلل ضحاه فكم من مسترخٍ في ظل وطني من أهله ومن غير أهله، ترمقني جوانب شارع وطني وأرمقها فعن يميني مدارسٌ بناها وطني فبنَتْنَا، وعن يساري أسواق أعطاها وطني فأعطتنا، وهذا مسجد في حضنه منارةٌ علا اسمُ رب العالمين على بنيانها فعلا ذكرٌ وطني على أمثاله، وهناك محطتان للمياه، تحلية وتنقيه سقانا الله فيها ماء زلالاًً وقد كنا نشربه كدراً وطينا ومن دونها محطتان للكهرباء ذللت مصاعب الحياة لنا ولزائرينا، وتلك ناصية من شارع وطني يقبع فيها معهدٌ يَمُنُّ عليَّ بخبِْرةٍ وما أحلى مِنَّة وطني، وناصيةً أخرى تشمخ فيها جامعة صنعتني مهندسًا وما أغلى صَنْعَة وطني وإذا رأيتَ ثَمََّ رأيتَ مستشفى كبيرا قد قيًّدَ أدواءنا بدوائه وتمتع الخارجُ منه بشفائه، وأخيرًا انتهيت إلى حديقة فيها خضرةًًَ يرمي الكبارُ فيها التعب وملاعبً يحلو للصغار فيها اللعبُ. هذا شارع وطني وقد سار فيه الجميع بعزيمة فأقعدنا الله أوائل بعد أن كان مقعدنا الأخير، فصرنا نقود القوافلَ مُطيعةً وغيرُنا يجرُّ حبلاًً ليس فيه بعير ،فما أروعك يا وطني شدَّ الله مُلكَكَ فشددت أجسادنا وعقولنا. فَلَكََ مني يا وطني أجملُ تحية كل صباح وكل عشية فأنت سلامٌ أحاط بنا سرادقه ورخاءٌ اصطفتْ أمامنا مرافقه. فالحمد لله هذا فضل وطني فأروني ماذا تفضلت به من دونه الأوطان فيا رب أسبغ عليه قيادةً وشعبًا رضاً منك ورفعةً، وادحَر كل من كان في قلبه لوطني شنآن.