هل يمكن القول إن وراء كل حوار ناجح مدير حوار يمتلك مهارة إدارة الحوار؟ وهل مهارة الإصغاء هي المهارة الأهم التي يجب توفرها في مدير الحوار؟ هل مهارة الإصغاء كافية؟ الحوار متنوع بتنوع مجالاته وأهدافه، قد يدور مع شخص واحد وقد يكون حلقة نقاش يشارك فيها مجموعة من المسؤولين أو المتخصصين في مجال معين، موضوعات الحوار قد تكون فكرية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية. الحوار مع شخص واحد ربما يبدو هو الأسهل لمدير الحوار الذي يمكن أن نطلق عليه مسمى (رئيس الأسئلة). هذا الرئيس لن يصل إلى الأسئلة المناسبة إلا بالتحضير، وإذا كان من تجري معه المقابلة يتعرض أحياناً للإحراج بسبب عدم التحضير أو بسبب عدم إلمامه بعمله أو بالموضوع المطروح، فإن مدير الحوار أيضاً قد يتعرض للإحراج حين تكون أسئلته لا ترقى لمستوى الحوار ولا تلبي رغبة المتلقي! مدير الحوار الناجح لا يقتصر دوره على تحضير أسئلة مكتوبة، ولكن عليه أن ينصت جيداً ويكون جاهزاً لمناقشة الإجابات واستنباط أسئلة جديدة من مجريات النقاش. الموضوعية تتطلب من مدير الحوار ألا يطرح أسئلة توجه الطرف الثاني نحو إجابات معينة، أو يطرح أسئلة تتضمن الإجابات. حين يكون الحوار مع أكثر من شخص فسيكون من شروط نجاح الحوار إتاحة الفرصة للجميع بالمشاركة والالتزام بالحياد، مثل هذه الحوارات هي بمثابة اختبار لمهارات مدير الحوار ومن أمثلتها المناظرات الفكرية والسياسية. السؤال هنا: هل مدير الحوار الناجح المتميز هو الذي يلتزم بقواعد الحوار المتفق عليها أم هو الذي يخرج عن النص، الذي يطرح أسئلة غير متوقعة، الذي يوصف بالمحاور المثقف المبدع، الذي لا يكتفي بطرح الأسئلة وإنما يمارس دور رئيس الأسئلة فيطرح ما يشاء من الأسئلة، ويناقش الإجابات فلا يكتفي بسماع الإجابة ثم ينتقل للسؤال الثاني كأن اللقاء اختبار في مادة مدرسية! الحوار فن ممتع يشترك في تقديمه للمتلقي كل المشاركين وفي مقدمتهم مدير الحوار، نجاح الحوار يتطلب مهارات من جميع أطرافه ومنها التركيز واللغة المناسبة وعدم التكلف أو الإطالة وعدم الاستحواذ على معظم الوقت على حساب الآخرين، وتبادل الاحترام مهما كان الاختلاف في الآراء وعدم الاكتفاء بالإصغاء، لأن الحوار في هذه الحالة يكون مجرد عملية تسجيل.