في كتاب (واجهة ومواجهة) لمؤلفه د. إبراهيم بن عبدالرحمن التركي حوار مع شخصيات تسلمت مسؤوليات في مجالات مختلفة، المقدمات التعريفية الدقيقة عن كل شخصية، إضافة إلى طبيعة العمل والظروف والمشروعات والقضايا المرتبطة بكل قطاع في مرحلة من مراحل التنمية في المملكة وما تحقق من إنجازات وما لم يتحقق، كل ذلك شكل أرضية لاختيار الأسئلة المناسبة لكل مسؤول. طرح الأسئلة المناسبة يتطلب التحضير وقبل ذلك متابعة لما يتم في القطاعات المختلفة وما يدور في المجتمع من قضايا وما يطرح من آراء حولها، الحوار قد يجري بشكل مباشر وقد يكون بشكل مكتوب، في الحالة الأولى تتولد أسئلة من خلال الحوار وتتطلب الإنصات الجيد، وهذا النوع من الحوار يتطلب ثقافة المحاور، ومهارة أكثر في طرح الأسئلة، وفي الحالة الثانية لا تتوفر فرصة للنقاش، وقد يكون وضع الأسئلة في الحالة الثانية أصعب من الحالة الأولى. هل سيقود السؤال إلى إجابة صريحة أم دفاعية أم دبلوماسية؟ أعتقد أن فن السؤال يتطلب صياغة تشجع على الإجابة الصريحة، وليس على الأسلوب الدفاعي، الأسئلة الفكرية تختلف عن الأسئلة الإجرائية أو الإدارية إن صح التعبير. إذا كان إعداد الأسئلة في الحوارات الفكرية والإدارية والاجتماعية فن وهو كذلك، فإن الإجابة على تلك الأسئلة فن ومهارة، قد تكون الإجابة مختصرة وتغني عن مقال، وقد تكون طويلة لكنها لا تقول شيئاً، قد تكون موضوعية وقد تكون عاطفية، قد تكون واضحة وقد تتطلب مزيداً من الأسئلة، قد تكون تنظيراً وقد تكون عملية. هل تأتي الإجابة الجيدة نتيجة لسؤال جيد؟ الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي سفير خادم الحرمين الشريفين في أميركا سابقاً ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار طرح في الحوار معه رأياً حول دور الإعلام والصحافة في المجتمع، وأبدى ملاحظة حول أسئلة بعض الصحفيين، يقول في هذا الشأن: "ندعى لمناسبة معينة ويأتي بعض من الصحفيين قبل المناسبة، ويقول لي ما هي انطباعاتك وأنا لم أشهد المناسبة بعد.. ولدينا أيضاً صحفيون يكررون عليّ الأسئلة نفسها، وبعضهم يريد أرقاماً وإحصائيات لا تعني شيئاً وهي موجودة على موقع الهيئة في الإنترنت، موجودة في مركز الخدمة، موجودة في كل مكان، ولدينا أناس يهمهم اللقاء الصحفي أكثر من الحديث أو الشرح"، ص 702. في بيئة العمل نوع آخر من الأسئلة الضرورية التي تساعد على التقييم، وتتطلب إجابات محددة، طرح هذا النوع من الأسئلة وإن كان في الغالب مسؤولية الرؤساء فهو أيضاً مسؤولية ذاتية فكل فرد مطلوب منه أن يقيم نفسه من خلال الأسئلة والإجابات الصريحة، هذا فن أيضاً، ومن العوامل المساعدة على الشفافية والنجاح واستمرار النجاح، ويقال في هذا الصدد: اطرح أسئلة أفضل تحصل على إجابات أفضل. أما في الحوارات المفتوحة كما في كتاب (واجهة ومواجهة) مع شخصيات قيادية وثقافية وعلمية فإن مهمة إعداد الأسئلة أصعب من المهمة التي يقوم بها الرؤساء لتقييم الأداء لأن المحاور في هذا النوع من الأسئلة يمثل المتلقي العام وليس إدارة المنظمة فقط. في هذا الكتاب فن أسئلة وفن إجابات.. وللقارئ الحق أن يقيم وقد يجد مساحة لطرح أسئلة اضافية. أسئلة حوارات الكتاب والإجابات هي للقارئ المتخصص –رغم عامل الزمن- بوابة للبحوث والدراسات في مجالات التنمية المختلفة، الأسئلة والإجابات فرصة للطلاب والمتدربين للاستفادة من أصحاب الخبرات.