الإعلام مهنة.. وليس مجرد بطاقة تُعلق أو صفة تضعها تحت اسمك في مواقع التواصل، مهنة لها اساسياتها وقواعدها وقبلها أخلاقيات تتحكم فيها. وعربيا يحظى المجالان الإعلاميان السياسة والرياضة بمتابعة جماهيرية كبيرة، حتى أن الأمر تجاوز حتى بلغ من التنافس في جذب الاهتمام الى خروج عن القاعدة الموضوعية في التقييم والتحليل والنشر.. وأصاب الأمر كثير من الخلل.. داؤه المتفشي دخول من ليس لهم علاقة بالإعلام في هذين المجالين حتى بلغوا درجة إفساده.. ممن ليسوا على دراية أو اكتراث بهذه القواعد والأخلاقيات التي ينتهكها في كل مجال إعلامي يدلفون إليه. ولا أخفي ظاهرا بأن ثمّة شعورا عاما يعبّر عن عدم الرضا عن واقع الإعلام الرياضي السعودي في هذه المرحلة بشكل عام فما يحدث فيه بات منفرا! حتى بلغ الأمر شأنا كبيرا من التسابق للاستعانة بالتافهين التي تضيف مشهدا مضحكا ولا تخجل من أن تزور الحقائق وتلعب حتى في المواثيق التاريخية.. وعليه نقول إن الإعلام المهنيّ المدرك لكل معاني المسؤوليّة الاجتماعيّة الوطنية ومتطلباتها، هو قوة فاعلة وحاسمة، وهو المؤهّل بأخذ دوره المتقدّم، لرفع كلّ القضايا والأحداث إلى مستوى النقاش العامّ في الرياضة وغيرها. نشدد على ذلك انطلاقا من أن الإعلام الوطنيّ السعودي هو واحد من أهم أركان الرؤية السعودية العظيمة "2030" التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- والعمل عليها قائم ومستمر إسهاماً مباشراً وفاعلاً، في التوعية، والتثقيف، والإرتقاء بالحوار، ناهيك عن دور الإعلام بالثقة، والشراكة، والتفاعلية المحققة للأهداف العامّة والمصالح العليا.. وهو ما يتطلب تعزيز دوره، ووزارة الإعلام تفعل كل ما في وسعها لتطوير بيئته المهنية ومعايير أدائه الأخلاقية، وتقاليده الراسخة وتفوقت في ذلك.. لكن الخلل الذي نعنيه يأتي من عبث مواقع التواصل والقنوات من تلك التي تريد ارباحا سريعة حتى لو على حساب الفكر! كيفية العبث الأساسية أتت من مفهوم مهنة إعلامي كمسمّى لا سيما وأنها مهنة خاصة ذات مواصفات وشروط وقبل كل ذلك الموهبة تعزز بالتخصص والمؤهل العلمي او من خلال الخبرة المعتمدة والسنوات الطوال في المجال الإعلامي، حاليا هي مهنة تم تحريفها والتلاعب بمضمونها، ليصبح كل من هب ودب يضعها تعريفا له وهو لا يمت للإعلام بصلة. فوضى الألقاب أصبحت دارجة في هذه المهنة والمجال، وجدير أن يعاد ترتيب هذا النظام وأحقية من يحمل المسمى.. وللتأكيد على سوء ما فعله هذا الإنفلات الوصفي ها نحن نشاهد جيلاً جماهيريا رياضيا هشاً علما وثقافة هدفه هو الظهور فقط، فلا بد من إيقاف كل عابث، لا سيما وأن المجال الإعلامي الرياضي كمثل قائم يعاني من اقتحام التافهين وادعائهم أنهم ينتمون له، وبما اساء للاعلام الرياضي السعودي حتى خارجيا ولنا أن نتذكر كثير من المواقف المخجلة وهم يُستضافون في قنوات خليجية عملت على استغلال تفاهتهم وكيدهم لبعضهم كي تصنع منهم برامج مسيئة لواقعنا الرياضي البريء منهم؟! للبدء في إيقاف العبث أولا ادراك أن الإعلامي مهنة لها قواعد وأصول يؤخذ بها، ليس من بينها الكذب ولا بث الشائعات، ولا الترويج للبضائع والأكلات، مهنة الإعلام تنطوي على رسالة عظيمة، فكرية وأخلاقية ومهنية وتربوية واجتماعية وثقافية، وحينما تختل وظيفته ويخرج عن قواعدها في أي من تلك الميادين والمجالات المتنوعة، فهو ليس إعلاميا حسب أصول هذه المهنة، فالإعلام مهنة لها ضوابطها ومخرجاتها وأهلها. المهم في القول أن مجالي الإعلام السياسي والرياضي فيهما كثير من الخلل و يفتقران إلى الاحترافية المهنية في معالجة الأحداث، فهما ينقادان للعاطفة وبما جعل غير المؤهلين هم الحاضرين على منصات الإعلام.. ومع ذلك فإننا جميعا متطلّعون لصناعة إعلامية مستقبلية أكثر قوة ومهنية وتأثيرا.. عبر إفاقة حقيقية لنبدأها أولا في الإعلام الرياضي تهزه من داخله نغيره وتجعله قادرا على المواكبة والتأثير الإيجابي.