عندما نتحدث عن تاريخ المملكة العربية السعودية، تستحضر أذهاننا قصصًا مفعمة بالأحداث العظيمة. حروب وانتصارات، أهداف وإنجازات، وأحداث تركت بصمتها. لكن البعض يجهل حامي تلك القصص والحكايات. مدوِّنها الذي أفضى خزّان حروفه في بَرّ وبحر وجوّ المملكة العربية السعودية. عبدالرحمن بن سليمان الرويشد -رحمه الله- أحد أبرز المؤرخين الذين وثّقوا تاريخ هذا الوطن. كرّس الرويشد حياته في توثيق ورصد أحداث المملكة العربية السعودية، حيث عاش وشَهِدَ تحولاتها عبر الزمن، حتى أصبحت تلك الأحداث جميعًا مرآة تعكس أصالة هذا الوطن العريق، لتستمر في إلهام الأجيال المتعاقبة. وقد كان الدافع وراء ذلك هو حب الرويشد وشغفه بالعلم، حيث ينتمي إلى أسرة عريقة توارثت العلم. لذا، كان محل تقدير واحترام الكثيرين، وأنموذجًا يُحتذى به. فهو رمز من رموز التاريخ الوطني السعودي. وبسبب لغته الرصينة، وأدبه، تكاثرت مؤلفاته. التي كان محتواها غالبًا ما يدور حول وطنه. من أبرز تِلك المؤلفَات: * الرياض المسيرة التاريخية والتقدم الحضري. * آثار الدرعية: نشأة بيت وتاريخ دولة. * الستون رجلاً خالدو الذكر. * قصر المربع. * إمارات اليمامة من حكم الفوضى حتى قيام الدولة السعودية. * المقارن للتاريخ الهجري بالميلادي: الأزمنة والفصول وخواص البروج. * الجذور الأصلية للتعليم في وسط الجزيرة العربية لم يكتفِ الرويشد بكتابة المؤلَّفَات ونشر المقالات، بل تفرّد عن غيره بإعادة رسم شجرة آل سعود، الذي وصل عدد المدوَّنين فيها إلى حوالي ستة آلاف فرد، وأصبحت هذه الشجرة مرجعًا لا غنى عنه لأفراد الأسرة والجهات الرسمية، وطُبعت مرات عدة لتظل مرجعًا محفوظًا. والعجيب أن الرويشد اهتم بتأريخ وطنه، حتى أصبح الوطن ذاته يؤرِّخه بعد رحيله، فكما قال أرسطو: "نحنُ نُصبح ما نُمارسه باستمرار"؛فقد نُشرت عنه مقالات عديدة، ومقابلات متنوعة عن مواضيع تتعلق بالتوثيق التاريخي للمملكة، وجهوده في الحفاظ على هذا التراث. وتناقلت الأخبار نبأ وفاته، وكأن أراضي السعودية تنعاه. طيّب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، فقد خلّد اسمه بين صفحات تاريخ وطنه الغالي؛ ليظلّ ذكره حيًّا.