تخيل عزيزي القارئ أن سؤال العنوان يوجهه لك طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره وممسكاً بيده جهازه أو جواله وعلى ما يبدو أنه شاهد شيئاً دفعه لهذا السؤال الذي يفوق اهتمامات طفل بهذا العمر بكثير! قبل أكثر من عشرة أعوام وفي عام 2011م تحديداً قدمت في جامعة لندن محاضرة حول دراسة بحثية ناقشت فيها الوعي السياسي لدى الشباب السعودي وأهميته لتعزيز الوطنية وممارسة المواطنة الرقمية لصد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف أولئك الشباب ضد وطنهم وقد أثبت الشباب السعودي على الشبكات الاجتماعية أنهم لا يتمتعون بوعي سياسي فحسب بل ولهم دور كبير في تنمية الوعي، فإذا كانت صحافة المواطن قد لعبت دورًا تخريبيًا وتنظيميًا فيما يسمى ب"الربيع العربي" فهذا يعكس خطورة وأهمية ما يُسمى بالمواطنة الرقمية وصحافة المواطن في الوقت ذاته، وأنها وإن بدت عفوية شخصية، فهي يمكن أن تُنظم وتوجه الرأي العام والعالمي كذلك والنتيجة أن ذلك خلق وعيًا جديدًا في ممارسة المواطنة الرقمية من خلال صحافة المواطن وبالذات لدى المواطن السعودي.. خاصة في ظل ما شهده المجتمع السعودي في العقدين الأخيرين من انفتاح واسع على استخدامات الإنترنت ووسائل الاتصال والتقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في ظل ثورة الاتصالات الرقمية وما تتيحه من سهولة وسرعة الوصول إلى المعلومة والتواصل مع أي شخص في أي مكان بالعالم! وعلى الرغم مما تحمله من جانب إيجابي في تسهيل عمليات التواصل الإنساني والمجتمعي سوى أنها في المقابل تحمل آثاراً سلبية إذا تم توظيفها من قبل خصم أو عدو أو تم استغلالها لاستهداف القيم أو أفراد المجتمع أو كمهدد لأمن الوطن واستقراره. وعلى الرغم من أن وزارة التعليم قد أحسنت صنعاً بإقرار مقرر المواطنة الرقمية للأهمية الاستراتيجية بتفعيل المواطنة الرقمية والتي ستُشكّل رافداً قوياً لتحقيق العديد من الأهداف المؤسسية خاصة أن الوعي السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي قد تجاوز مرحلة التشكل إلى الحضور السعودي المتصدر ونحن نعيش في عصر رقمي ونتعامل مع أجيال رقمية بامتياز. فضلاً عن ذلك تأسيس ثقافة المواطنة الرقمية هو ضرورة وطنية في ظل الحروب الإعلامية التي تواجهها المملكة والحروب السيبرانية وتحديات الأمن الوطني والتي تُحتّم ضرورة تثقيف المجتمع بسلوكيات المواطنة الرقمية وتعزيز مهاراتهم الرقمية من المشاركة إلى التمكين وإدراك قيمة المواطنة الرقمية وتفعيل إمكانات المواطنين الرقميين فضلاً عن ذلك فإن المواطنة الرقمية مرتبطة بنظام الحوكمة الذكية والحوكمة الرقمية والحوكمة الاجتماعية لأنه يفضي للتحسين الفعال لنضج المواطنين الرقميين. ومثل هذه المقاطع أو الأسئلة ليست إلا محاولات بائسة لهزّ ولاء الأطفال واقحام تفكيرهم بمواضيع سياسية يستغلون فيها المتاجرة بالقضية الفلسطينية وعلاقات الدول ويغزون بها تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الأطفال بنسبة أكبر ما يدفعنا للتفكير بعدم الاكتفاء بتثقيف الطفل بالمواطنة الرقمية والبدء بها من بداية مراحله التعليمية حتى لو كان بمفردات ومفاهيم بسيطة ومن الصف الأول الابتدائي وعدم الاكتفاء بمحتوى مقرر المواطنة الرقمية بمصطلحات ومفاهيم علمية أو نظرية بوضع خطة لتوعية الطلبة سياسياً وتحصين وعيهم الوطني كما يجب.