دورة الألعاب الأولمبية تقام كل أربعة أعوام، وتعد أهم تجمع رياضي على مستوى العالم.. والمملكة التي برزت في حسن قيادتها على مستوى العالم، ووصلت أياديها البيضاء إلى مختلف الدول المحتاجة، وبرزت في الطب وغيره، مهيأة بإذن الله لتصبح في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال المهم.. علينا أن نبدأ التخطيط لهذا الحدث منذ اليوم، وبأساليب علمية، وأن نبدأ من حيث انتهى الآخرون.. توافد الشبان والفتيات إلى أولمبياد باريس في الشهر الماضي، ولأيام معدودة، توافدوا ومعهم مدربوهم وكل ما استطاعت دولهم أن تزودهم به. عضلات مفتولة، وأجسام رشيقة، ومعنويات عالية، وحركات مدروسة بعناية، خلفها سنين طويلة من التدريب والإعداد، انتهت قبل أسابيع تظاهرة رياضية عالمية، تتبارى فيها الدول فيما بينها، تشارك بأفضل أبنائها وبناتها الرياضيين للحصول على أكبر عدد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، وخلف كل فائز أو فائزة حكاية تروى، وسنين من التدريب، ودروس يجب أن تستوعب، دروس تعاد كل أربعة أعوام، لكنها للأسف تنسى مع مشاغل وأوليات لكل دولة. توقد الشعلة الأولمبية في اليونان، ثم تنطلق قبل الافتتاح بأكثر من شهرين، يتناوب على حملها رياضيون سابقون، ومتقدمون آخرون من مختلف الأعمار والأجناس، ومنهم ذوو الإعاقة، أما الافتتاح وما به من مفاجآت فيبقى سراً تستعد له الدولة المضيفة بكل عناية، ويشاهده أكثر من مليار متفرج حول العالم. من يفوز بجائزة ذهبية أو فضية يفتح الباب في بلده أمام الشباب من الجنسين، بل ويصبح ملهماً يقتدى به، ويشعل الرغبة في التفوق والتميز. وهذا هو ما قامت به نوال المتوكل من المغرب قبل أربعين عاماً حين أصبحت أول عربية تتوج بالذهب في سباق 400 متر، في دورة لوس أنجلس، وفي الدورة الحالية فازت الجزائرية كيليا نموّر بالميدالية الذهبية في لعبة الجمباز، وفازت إيمان خلف من الجزائر أيضا بالميدالية الذهبية في الملاكمة، وتعرضت للتشكيك في أنوثتها، وهبت مواقع التواصل في العالم العربي للدفاع عنها، لكن أفضل من تصدى للشائعات والدفاع عنها كان من قلب العروبة النابض، المملكة العربية السعودية ممثلة بسفيرتها في الولاياتالمتحدة، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، ونُقلت كلماتها الرصينة والمؤثرة في كل أرجاء العالم العربي وليس في الجزائر فقط. في هذه الدورة نجاحات وإخفاقات، من أهمها اعتراض معظم دول العالم على تلك اللوحة "العشاء الأخير" التي شوهوها بتلك الألوان والصور التي أثارت الاشمئزاز والتقزز. كما أن استبعاد روسيا من الدورة حرم العالم من مشاهدة إبداعات الشباب والشابات الروس. الصين كانت حاضرة بقوة، لتقول للعالم إنها قادمة بقوة، ليس في المجال الاقتصادي فقط، لكن في كل المجالات. دورة الألعاب الأولمبية التي تقام كل أربعة أعوام، تعد فرصة لا تعوض لتقديم شباب وشابات المملكة وإبداعاتهم إلى كل دول العالم. وهذا يتطلب جهوداً مشتركة من كل من له علاقة بالشباب وتدريبهم، وهنا أسوق الملاحظات الآتية: أولاً: المنافسة في دورات الألعاب الأولمبية صعبة وشاقة، ذلك أن المنافسة تكون بين ألمع الرياضيين على مستوى العالم، وتبذل الدول الفائزة بأكبر عدد من الميداليات جهوداً كبيرة، معتمدة على أبحاث ودراسات تشمل جميع الجوانب التي تؤهل اللاعب للمنافسة، بدءاً بسنّ الطفل الذي يبدأ تدريبه بين سنّ السادسة ولا يتعدى الثانية عشرة، كما يتم جلب أفضل المدربين من مختلف دول العالم، وبعضهم قد شارك وفاز في مسابقات أولمبية سابقة، وهو ما يعني أن نخطط للمشاركة في الألعاب الأولمبية القادمة، لكن يجب أن يكون التركيز على الألعاب الأولمبية التي ستكون في عام 2036، وقد طلبت مصر استضافتها. أي أن أمامنا 12 سنة للاختيار والإعداد وجلب المدربين العالميين وبناء الأكاديميات، مستعينين بوزارة التعليم وبأولياء الأمور، وبدعم كبير من وزارة الرياضة. ثانياً: يجب ألا نركز على الألعاب الجماعية فقط، لكن علينا أن نهتم بالألعاب الفردية، وكما رأينا ردود الفعل الإيجابية حين فاز البطل الباكستاني أرشد نديم في الذهبية في رمي الرمح، وتحطيم الرقم القياسي السابق، ليصبح ملهماً لغيره من أبناء بلده، الذهبية هي الذهبية سواء في لعبة تضم أحد عشر لاعباً أو لاعبا واحدا فقط، يجب ألا يكون التركيز على كرة القدم سبباً في إهمال الألعاب الجماعية الأخرى والفردية. دورة الألعاب الأولمبية تقام كل أربعة أعوام، وتعد أهم تجمع رياضي على مستوى العالم، والمملكة التي برزت في حسن قيادتها على مستوى العالم، ووصلت أياديها البيضاء إلى مختلف الدول المحتاجة، وبرزت في الطب وغيره، مهيأة بإذن الله لتصبح في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال المهم. علينا أن نبدأ التخطيط لهذا الحدث منذ اليوم، وبأساليب علمية، وأن نبدأ من حيث انتهى الآخرون.