لا شك أن أداء الاقتصاد الأمريكي له تأثير كبير على اتجاه أسعار النفط، فهو أكبر اقتصاد وأكبر مستهلك للنفط في العالم. لذا ركزت أسواق النفط على مسار التضخم وما ستؤول إليه أسعار الفائدة للاحتياطي الفدرالي في النصف الأول من العام، بينما تحول التركيز في النصف الثاني إلى ضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي وإعادة تقييم احتمالات حدوث ركود اقتصادي. فمازالت المخاطر تحوم حول استمرارية تباطؤ النمو وعدم إقدام الاحتياطي الفدرالي على خفض سعر الفائدة في وقت مبكر. وانخفضت أسعار النفط إلى أدنى مستوى في ثمانية أشهر يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، حيث هبط سعر برنت إلى 76.30 دولارًا وغرب تكساس إلى 72.94 دولارًا، عندما ارتفعت طلبات إعانات البطالة الأمريكية في 1 أغسطس. لهذا تغلبت حالة الاقتصاد الكلي الأمريكي على أساسيات السوق إلى حد كبير وعلى التوترات الجيوسياسية. لكن الأسعار عادت إلى الارتفاع الخميس الماضي، بعد تراجعٍ دام لأربعة أسابيع متتالية، حيث ارتفع سعر برنت إلى 79.16 دولارًا وغرب تكساس إلى 76.19 دولارًا، عندما انخفضت طلبات إعانات البطالة الأمريكية بأكثر من المتوقع، بمقدار 17 طلباً إلى 233 ألف طلب معدل موسمياً للأسبوع المنتهي في 3 أغسطس، وكان المتوقع أن ترتفع إلى 241 ألف طلب في الأسبوع الأخير، مما يشير إلى مرونة سوق العمل. لكن تقرير الوظائف الشهري الأسبوع الماضي، أظهر أن نمو الوظائف الأمريكية تباطأ أكثر من المتوقع في يوليو، بإضافة 114 ألف وظيفة فقط، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3 ٪، مما قد يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي للبدء في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر. أما على مستوى الأسبوع، ارتفع خام برنت 2.85 دولار أو 3.7 % إلى 79.66 دولارًا، بينما ارتفع غرب تكساس 3.3 دولارًا أو 4.5 % إلى 76.84 دولارًا. بدعم من انخفاض طلبات إعانة البطالة الأمريكية وتقلص مخزونات النفط الأميركية بأكثر من المتوقع، بمقدار 3.7 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 2 أغسطس، وذلك لشهر السادس على التوالي، مع انتعاش الطلب على مدى الشهرين الماضيين من موسم الصيف، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأربعاء الماضي. وبهذا اتجه تركيز أسواق النفط على حالة الاقتصاد الأمريكي وتجاهلت مخاوف تراجع واردات الصين النفطية، أكبر مستورد للنفط عالمياً، والتي تراجعت 12 % إلى 9.97 ملايين برميل يوميًا في يوليو على أساس شهري، وبانخفاض 3 % على أساس سنوي، حسب الأرقام الرسمية الصينية. وفي الأشهر الأخيرة، كان الطلب الضعيف الواضح وتباطؤ الواردات في الصين من أكبر العوامل التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط. رغم انتعاش الطلب على وقود الطائرات، لكنه لا يمثل إلا نسبة بسيطة من إجمالي استهلاك الوقود في الصين، مقارنة بحصص البنزين والديزل. ومازالت البيانات والقراءات الاقتصادية الضعيفة من الصين، تعزز المخاوف بشأن تباطؤ النمو الصيني. وفي الأسابيع المقبلة، سيحدد أداء المؤشرات الاقتصادية الأمريكية اتجاه أسعار النفط، بعد أن طغت مخاوف الركود الاقتصادي الأمريكي على مخاوف تراجع الطلب الصيني على النفط. رغم أن الاقتصاد الأميركي نما في الربع الثاني بضعفي النمو في الربع الأول عند 2.8 ٪، والذي قد يقلل من بعض المخاوف بشأن الركود الاقتصادي.