إنها بداية عام صعبة لأسعار النفط، بعد أن تلاشت ما حققته من مكاسب في الأسابيع الأولى من شهر يناير في نهاية الشهر وبداية شهر فبراير ب 8 % إلى 79.94 دولارا لبرنت و8.6 % إلى 73.39 دولارا لغرب تكساس، رغم تحقق ما توقعه المحللون من رفع الاحتياطي الفدرالي لسعر الفائدة ب 25 نقطة مئوية وتثبيت أوبك لإنتاجها حتى نهاية العام، لكن ما زالت الشكوك تدور حول سرعة تعافي الطلب الصيني على النفط، حيث تظهر المؤشرات الاقتصادية الصينية انتعاشًا ضعيفًا حتى مع انتعاش السفر والتنقل، كما ساهمت المخاوف المستمرة من الركود في الولاياتالمتحدة في خفض معنويات السوق، واستمرار ارتفاع مخزونات النفط الأميركية في الوقت الذي تنتظر الأسواق تأثير العقوبات الغربية على النفط الروسي ومنتجاته. وقد تراجع سعر برنت 2.71 % أو2.23 دولارا إلى 79.94 دولارا الجمعة الماضية، بينما تراجع غرب تكساس 3.28 % أو 2.49 دولار إلى 73.39 دولارا، بعد ظهور تقرير الوظائف الأميركية المفاجئ بإضافة 517 ألف وظيفة لسوق العمل وانخفاض البطالة إلى 3.4 ٪، مما قد يحفز الفدرالي على رفع أسعار الفائدة بمعدل أعلى ويطول مداها، كما واصلت المخزونات التجارية الأميركية ارتفاعاتها على مدى أربعة أسابيع متتالية، حيث ارتفعت بمقدار 4.1 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 27 يناير، رغم ثبات الإنتاج عند 12.2 مليون برميل يوميا وتحسن نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأخير واستمرار تراجع مؤشر مديري المشتريات من 48.4 في ديسمبر إلى 47.4 في يناير 2023. وما زال الاحتياطي الفدرالي متمسكا بالاستمرار في رفع أسعار الفائدة حتى يتم السيطرة على التضخم، مما دعم ارتفاع مؤشر الدولار ب 1.22 % أو 1.24 نقطة ليغلق عند مستوى 102.99 نقطة، كما رفع البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة مئوية في الأسبوع الماضي لخفض معدلات التضخم القياسية. إن التفاؤل بتباطؤ الاقتصاد العالمي، ونمو الطلب على النفط في الصين بنحو 1.0 مليون برميل يوميا، وهو نصف نمو الطلب العالمي، في النصف الثاني من 2023، حيث من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.9 أو 2,2 مليون برميل في اليوم في عام 2023، وفقا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الأوبك. ولكن صندوق النقد لدولي يتوقع أن ينخفض النمو العالمي من 3.4 ٪ في 2022 إلى 2.9 ٪ هذا العام وهو أفضل من توقعاته السابقة، بينما سينخفض معدل التضخم العالمي إلى 6.6 % في نفس العام. أما على جانب العرض، فقد يؤدي تباطؤ نمو الإنتاج الأميركي وسعي شركات النفط الصخري لجني المزيد من الأرباح على حساب زيادة إنتاجها ونمو الطلب العالمي واحتمالية خفض روسا لإنتاجها إلى عجز في المعروض، مما سيدعم الأسعار. إن التفاؤل بارتفاع أسعار النفط في النصف الثاني من هذا العام، وهو ما يراهن عليه المستثمرون والمضاربون على السواء، من خلال تخفيض الفدرالي لمعدل رفع الفائدة أو حتى إنهائه بنهاية العام، قد لا يتحقق، وكذلك يمكن القول إن وتيرة نمو الطلب الصيني قد تكون أقل من المأمول، ليصبح الركود الاقتصادي العالمي هو العلامة الفارقة في نمو الطلب على النفط.