هناك بعض الظواهر التي يرتبط ظهورها في المجتمع أو يتجدد نشاطها بحسب المناسبات والمواسم، أو نتيجة تراخي جهود الجهات المعنية بالتعاطي معها فتعاود الظهور بين وقت وآخر بعد اختفائها تكتيكياً، وهناك حالات مستحدثة تستلزم للتعاطي معها التفكير خارج الصندوق بإيجاد حلول عملية ومستدامة للتصدي لها كي تتلاشى من المجتمع ولا تعاود البروز على السطح مرة أخرى. ومن ذلك ظاهرة التسول، فنحن وطن قيادة وشعباً جبلنا على فعل الخير ومحبة مساعدة المحتاجين، لكن يجب ألا ندع عاطفتنا تستغل في هذا الشأن في ظل ما وفرته الدولة -رعاها الله– من قنوات ومنصات آمنة لتلقي لصدقات والتبرعات ووسائل لبذلها في مصارفها المستحقة؛ فمن الواضح أنه مازال بيننا من لا يدرك خطر عصابات التسول المنظمة والتي تنتشر وتنشط بشكل لافت في الأماكن والمناسبات الدينية من قبل جماعات وافدة ويتزايد خطرها يوماً بعد يوم نتيجة ما تلجأ إليه من تقنيات متنوعة من أجل جمع الأموال بطرق ملتوية، وكذلك استغلال بعض الجنسيات فترة مكنة الزيارات للمملكة في التسول بالمخالفة لما تقره الأنظمة في هذا الشأن، ولكن يبقى الدور الأهم على الجهات المعنية لبذل المزيد من التوعية وفرض القوانين دون تردد أو تساهل، فالتسول له مخاطره المتعدية على أمن الوطن والمواطن. الأمر الآخر هو انتشار ظاهرة الحاجة لتفريغ سيارة مرور ووقوفها أمام بعض المحال والمنشآت التجارية الخاصة التي يتدفق لها عدد كبير من الزبائن سواء عند افتتاحها، أو نتيجة عروض موسمية من أجل حفظ النظام وتنظيم الحركة المرورية لفئة معينة من الناس هم زبائنها مقارنة بمقتضيات أهم هي المصلحة العامة؛ فكثير من عملاء هذه المحلات التجارية تجلب فوضى مرورية تتسبب فعلياً في إغلاق المنافذ للأحياء المجاورة لموقعها وخلق أزمة مرورية بسبب اصطفافهم غير النظامي وغير المنظم، وهنا يبرز تساؤل للجهات المختصة في عدم حصر جهود الخطط والسياسات المرورية لتوفير الدعم للمشاريع الخاصة ذات المردود المادي، وأن يلزم أصحاب تلك المحال بالتعاقد مع شركات أمنية خاصة لتوفير خدمات تنظيم حركة زبائنها المرورية بدلاً من تعطيل جهود الأجهزة العامة لما هو أهم، في ظل ما تعانيه شوارعنا من بطء في سلاسة وسلامة الحركة المرورية فيها. الحالة الأخير وهي متصلة بما سبقها، وهو ما خلقه قطاع توصيل الشحنات والطلبات لما نحن في غنى عنه من انتشار غير صحي للدراجات النارية والسيارات الصغيرة وخلفته من فوضى مرورية نتيجة عدم تقيد قائديها بالحد الأدنى لأنظمة السلامة المرورية أثناء أداء عملهم؛ فلا مشاحة فيما يحصل عليه غير السعوديين العاملين في التوصيل من مردود مادي مجزي مقابل عملهم، ولكن من غير المقبول أن يترك الأمر دون تنظيم وقيود في شأن تحديد ساعات العمل أو الرحلات، والتساهل في مقومات الهندام والنظافة، وعدم الالتزام بمتطلبات القيادة الآمنة والسلامة المرورية؛ فما نشاهده حقيقة في شوارعنا من فوضى وتهور وتجاوزات لقائدي الدراجات والسيارات الصغيرة أثناء قيادتهم في شوارع الأحياء والطرق السريعة، وما ينتج بسببهم من حوادث مأساوية نتيجة السرعة والاستعجال وعدم مراعاة عوامل السلامة المرورية، يستدعي فرض النظام والمتابعة الدائمة لتنظيم كامل مفردات قطاع توصيل الشحنات والطلبات لتأثيراته ومخاطره الدائمة. تلك بعض من الظواهر السلبية التي تحتاج إلى المراجعة الدائمة والمتابعة المستمرة والقرارات الناجعة والمعالجات السريعة لتبعاتها المؤثرة على ما هو أبعد من محيط حدوثها.