يحق لنا أن نشيد ونفخر بما تقدمه هيئة الأدب والنشر، وجمعياتها المتعددة، من منجز ثقافي متميز في المملكة العربية السعودية، عبر برنامج "الشريك الأدبي" الذي بات يشهد حضوراً واضحاً في الوسط الثقافي، حيث أصبحت الأنشطة الثقافية موزعة الآن بين كثير من المواقع المختلفة عبر المقاهي وعبر بعض الجهات الجماهيرية التي يرتادها الناس. هذه الخطوة -بلا شك- تعتبر خطوة متقدمة جداً لما كانت عليه الأندية الأدبية، حيث كانت مقتصرة -فقط- على نخبة من المثقفين والكتاب الذين يرتادونها وكان عددهم قليلاً جداً، ففي الأنشطة المنبرية -تحديداً- كان الأمر يقتصر على عدد بسيط من الحضور ربما لا يكون من ضمنهم -أعضاء مجلس إدارة الأندية نفسها-، وقد شهدت بنفسي -حين كنت أعمل في نادي الطائف الأدبي- عدداً من الأنشطة التي كان يحضر فيها أشخاص بعدد "أصابع اليد" فقط وكان يمثل أمراً مخجلاً بالنسبة لنا حين كنا نعمل في الأندية، بالذات إذا كان ضيف اللقاء قامة أدبية كبيرة، ثم نتفاجأ بهذا العدد من الحضور، ما يضعنا في موقف محرج مع هذا الضيف، وبخاصة إذا كان الضيف قادماً من إحدى مدن المملكة. وقد لجأت في ذلك الوقت بعض الأندية إلى إقامة حفل عشاء -على شكل وليمة كبيرة- ثم أصبح يحضر عدد من الناس بهدف تناول العشاء، ما جعل العدد يزداد قليلاً عما كان عليه. نحن ندرك أن النشاط الثقافي أو الأدبي -عموماً- هو نشاط نخبوي ولا يحضره سوى فئة معينة من المهتمين ومن متذوقيه، لكن اليوم بات الأمر مختلفاً -مع الشريك الأدبي- لأنه جعل الثقافة بين الناس وتزاحم الناس مكان وجود الناس، وهذه الفكرة رائعة جداً لأن كل مقهى له مرتادوه الذين سوف يشاهدون ذلك النشاط، كونه بينهم، خلاف الذين سيحضرون خصيصاً للمناسبة، وتصبح الثقافة مع الوقت جزءاً من حياة الناس أو موجودة في حياتهم، بفكرة تكريس الثقافة وسط جمهور العامة، فكرة مبتكرة وخلافة حقاً. تحية لرؤية المملكة 2030 التي سعت إلى تعزيز وابتكار مثل هذه الأفكار.