المتأمل للأمن والرخاء الذي يعيشه حجاج بيت الله في هذا العهد الزاهر في ظل الرعاية الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه واهتمام سمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – يرى الفرق الشاسع بين الماضي القريب الذي سبق تأسيس هذا الكيان العظيم على يد المؤسس الراحل جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - من انعدام للأمن وانتشار الهلع والخوف عند مغادرة الحجيج أماكن إقامتهم متوجهين إلى مكةالمكرمة لأداء مناسك الحج من كل بقاع الأرض حيث كان من يريد الحج يدخل في رحلة مغامرة الذاهب فيها مفقود والعائد مولود، ويرى كذلك كيف أصبح الحج آمناً وطمأنينة مع دخول المؤسس الراحل جلالة الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – إلى مكةالمكرمة في أول رحلة ملكية قام بها الملك عبد العزيز إلى مكةالمكرمة كان لها قيمتها في بناء الدولة الحديثة وتوطيد أواصر الحكم في المملكة العربية السعودية، حيث بدأت في 13 ربيع الثاني 1343ه الموافق 10 نوفمبر 1924م، مغادرة على ظهور الجمال وتحمل العدة والعتاد من الرياض إلى الدرعية التي شهدت توديع أبنائه الأمراء وامتطاءه راحلته وإصدار أمره ببدء الرحلة على الدواب ( الجمال )، وقام جلالته بالكتابة للحواضر والهجر لملاقاته براياتهم على الطريق للانطلاق نحو مكةالمكرمة التي أرسل إلى أهاليها وفدًا لإبلاغهم بقدومه، وكان ذلك في 25 ربيع الثاني 1343ه الموافق 22 نوفمبر 1924م، كما استقبل ( المؤسس ) خلال الرحلة الوفود الذين قدموا للسلام عليه في 5 جمادى الأولى 1343ه الموافق 2 ديسمبر 1924م، ثم إحرامه ورجاله من الميقات (السيل) لتأدية مناسك العمرة في 7 جمادى الأولى 1343ه الموافق 4 ديسمبر 1924م، وواكب دخول الملك عبدالعزيز دخول مكةالمكرمة إصدار العدد الأول من جريدة أم القرى يوم الجمعة 15 جمادى الأولى 1343ه الموافق 12 ديسمبر 1924م، تم نشر بلاغ مكة الذي وزع بهذه المناسبة، والذي أوضح فيه أسس الدولة والمنهاج الذي سيسير عليه في الحكم، ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا والحجيج ينعمون بالأمن والطمأنينة وراحة البال ويؤدون مناسكهم بكل يسر وسهولة في ظل الاهتمام المتزايد بأمن وراحة الحجيج حيث يقام حفل سنوي يتم فيه استعراض قوات أمن الحج من قبل القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة، وهي قوات خاصة تتبع للمديرية العامة للأمن العام بوزارة الداخلية، ومقرها مكةالمكرمة، تُعنى بخدمة قاصدي الحرمين الشريفين أمنيًا وتنظيميًا وإنسانيًا، وتتكون من 95 ألف فرد من قطاعات الوزارة المختلفة وبمساندة من وزارتي الدفاع والحرس الوطني ورئاسة الاستخبارات العامة، وقد تأسست القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة في 2008م، ويقوم وزير الداخلية في كل عام باستعراض قوات أمن الحج قبل موسم الحج وذلك للتأكيد على الجاهزيّة التامة لقوَات أمنْ الحجّ في تنفيّذ كافة الخطط الأمنية التي وُضعت بعناية بالغة تيسيراً على حجاج بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج وتوفير كافة أوجه العناية بهم، وذلك تنفيذاً لأوامر خادم الحرميّن الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ عهده الأمين - حفظهما الله -، وذلك بإشراف مباشر من رئيس لجنة الحج العليا. فقدان أمن تشير المصادر التاريخية إلى ما آلت إليه أحوال الحج وشؤون الحجيج في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي من تدنٍ وأهوال، بلغت حدّ قتلهم وسلب أموالهم وحوائجهم من قبل قطّاع الطريق أو موتهم جوعاً وعطشاً وبرداً، ويبدو أن أحوال الحج وشؤون الحجيج في بداية القرن العشرين لم تتحسن كثيراً عما كانت عليه خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، حيث يؤكد محمد طاهر الكردي في كتابه ( التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم )، اشتعال عدد من الفتن والقتال داخل حدود الحرم خلال موسم الحج، مشيراً إلى أنه وفي شهر الحج من عام 1326ه اشتعلت فتنة بين الصفا وباب الوداع، وترامى الطرفان بالرصاص، مما نتج عنها قتل عدة أنفار من العسكر والمدنيين، ويعزز إبراهيم رفعت صاحب كتاب ( مرآة الحرمين ) ما ذهب إليه محمد طاهر الكردي عن أحوال الأمن في مكةالمكرمة في مطلع القرن العشرين الميلادي، مؤكداً أن من كان يريد زيارة جبل النور، وهو جبل قريب من المسجد الحرام يوجد به غار حراء، أن يحمل معه الماء الكافي، وأن يكون الحجاج على شكل جماعات يحملون السلاح حتى يدافعوا عن أنفسهم من اللصوص الذين يتربصون بهم لسلب أمتعتهم، وهكذا كانت شؤون الحج وأحوال الحجيج قبل العهد السعودي فزعاً وهلعاً نفسياً واضحاً وإجهاداً بدنياً وصحياً مبرحاً لضيوف الرحمن منذ وصولهم إلى مكةالمكرمة وإلى أن يعود من سلم منهم إلى دياره، واستمرت الأوضاع على هذا النحو حتى استردّ جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الحجاز، حيث أكّدت تصريحاته في ذلك الوقت على أن تحرّكه صوب الحجاز لم يكن طمعاً في أراضيه أو تسلطاً على أهاليه، وإنما كان لإعادة العدل والاستقرار والأمن والاطمئنان لأهالي الحجاز، وحجاج بيت الله الحرام وزوّار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما صار بالفعل منذ دخول المؤسس الراحل جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - أرض الحجاز وضمها إلى سلطانه فقد استطاع أن يحقق الأمن المفقود وأمّن للحجيج الطرق وأزال ما كان يعرقل طريقهم نحو مسعاهم، كما جعل رعاية شؤون الحج والحجاج وخدمتهم في موضع اهتمامه منذ انضمام الحجاز إلى الدولة السعودية، فقد أسس للحج في عام 1345ه إدارة تعنى بشؤون الحج باسم ( لجنة إدارة الحج ) ثم صدر في عام 1365 ه أمر ملكي بتشكيل ( المديرية العامة لشؤون الحج ) وكانت مسؤوليتها النظر في الأمور المتعلقة بشؤون الحج من إشراف على كل ماله علاقة بالحج ومشروعاته واستقبال الحجاج في موانئ القدوم الرئيسية في الحجاز ورعاية شؤونهم الصحية وتوفير وسائط النقل لهم بين المشاعر المقدسة وذلك بالتنسيق مع الدوائر الحكومية وهيئات نقل الحجاج، ويتضح ذلك جلياً من خلال إشرافه المباشر بنفسه على خدمة الحجاج والمعتمرين لبيت الله الحرام في كل عام، فسَادَ الأمن، ولمحاربة المخالفات البدعية التي كانت تمارس خلال موسم الحج من قبل بعض المطوفين نتيجة الجهل في بعض الأمور الشرعيّة فقد أصدر جلالته مرسوماً ملكياً في عام 1347ه يقضي بإلحاق جميع المطوفين بمدرسة تم تأسيسها للمطوفين، وذلك لتلقي العلوم الدينية المفيدة لهم في مجال عملهم. إشادات منذ بداية انضمام الحجاز إلى ملك المؤسس الراحل لاحظ الكثيرون التغير المفاجئ في بسط الأمن والطمأنينة في وقت وجيز حيث تبدل الخوف إلى الأمن والطمأنينة وقد شهد ذلك إشادات من قبل الكثيرين من الزوار من الأدباء والكتاب والمفكرين أدهشهم هذا التغير السريع والذي يسر كل مسلم ومن ذلك ما قاله شكيب أرسلان أمير البيان - الذي حج في عام 1348ه -: إنه ما أن تأسست الدولة السعودية ودخل الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مكةالمكرمة، والذي كان همه الأول بسط الأمن وتأمين طرق الحجاج، حتى عم الأمن والأمان ربوع المملكة العربية السعودية لا سيما منطقة مكةالمكرمة والمدينة المنورة وأضاف: ( لو لم يكن من مآثر الحكم السعودي سوى هذه الأمنة الشاملة الوارفة الظلال على الأرواح والأموال التي جعلت صحاري الحجاز وفيافي نجد، أأمن من شوارع الحواضر الأوروبية، لكان ذلك كافياً في استجلاب القلوب واستنطاق الألسن في الثناء عليه )، وفي وصف دال على اهتمام الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بسلامة الحجاج يقول شكيب أرسلان: كانت قوافل الحجاج من جدة إلى مكةالمكرمة خيطاً غير منقطع والجمال تتهادى تحت الشقادف، وكثيراً ما تضيق بها السبيل على رحبها، وكان الملك المؤسس من شدة إشفاقه على الحاج وعلى الرعية لا يرفع نظره دقيقة عن القوافل والسوابل ولا يفتأ ينبه سائق سيارته بعدم العجلة، وكل هذا لشدة خوفه أن تمس سيارته شقدفاً أو تؤذي جملاً أو جمالاً، وهكذا شأن الراعي البر الرؤوف برعيته، الذي وجدانه معمور بمعرفة واجباته. إشراف اعتاد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - سنويًا على قيادة موكب الحج والإشراف بنفسه على خدمة الحجيج على مدى ثلاثين عامًا من حياته حتى توفي - رحمه الله - ولم يتخلف خلال تلك الفترة عن مواسم الحج إلا ست سنوات، أناب في اثنتين منهما نائبه في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وأربع منها أناب ولي عهده الأمير سعود بن عبدالعزيز - رحمهما الله - والسبب في ذلك الذي جعلته لا يؤدي الفريضة في تلك السنوات التي غابها هو حرصه على المحافظة على المال العام وتوفير بعض مصاريف الحج لكي تكون من نصيب المحتاجين من هذا البلد وكذلك تخصيص جزء من هذه الأموال لإعطائها المواطنين غير القادرين على الحج كي يتمكنوا من أداء فريضتهم، وفي مناسبات مشابهة قام - رحمه الله - بإنابة أبنائه الملوك سعود وفيصل رحمهما الله لقيادة مواكب الحجيج والإشراف على راحتهم وسار على نهجه أبناؤه من بعده، وفي عصرنا هذا نرى كل المسؤولين في الدولة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، - حفظهما الله - إذ كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مدرسة في التعامل مع شؤون الحج بما قدّمه من خدمات جليلة للحجاج ما زالت عالقة في الأذهان وتتذكرها الأجيال على مر الزمان. استعراض جرياً على العادة السنوية وقف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، على جاهزية قوات أمن الحج لتنفيذ مهامها في حفظ أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام، جاء ذلك خلال رعاية سموه الحفل السنوي الذي نظمته قوات أمن الحج المشاركة في موسم حج هذا العام. تنظيم وخدمة حجاج بيت الله من أولى اهتمامات بلادنا جهود أمنية كبيرة لخدمة الحجاج