تتغير نظرة الإنسان نحو الأشياء حين يدرك القيمة الحقيقية لذاته، تلك القيمة التي أصبحت اليوم مشوبة بالكثير من الأفكار التي فرضها الآخرون على عقولنا فحين نبحث بعمق ندرك أن العديد من الأفكار في الواقع لسنا منبعها بل هي أفكار لغيرنا تبنيناها وسرنا خلفها مغمضي الأعين وبلا تساؤلات! حتى وجدنا أنفسنا قابعين تحت معايير لا تناسبنا، فصارت معظم اختياراتنا هي مجرد إرضاء لتلك المعايير، ماذا سنفعل ومتى سنفعل ؟! لم يعد هذان السؤالان مطروحين على صاحب القرار من داخله بل أصبحت هذه الأسئلة التي لا يفترض أن يسألها أحد غيرنا لنا هي مقررة الإجابات من الآخرين، فالمجتمع فرض مسبقا ما التخصص الأفضل وما السن المناسب للزواج وعدد الأطفال المناسب بل حدد حتى ملامح الوجه المثالية! لذا أصبحنا نرى البعض وللأسف حولنا يتبع تلك المقاييس بدقة ويركض خلف مثالية زائفة لا يرضيها مهما بلغت! ونسينا القيمة الحقيقية لأنفسنا، والتي لا تحكمها مظاهر ولا ماديات بل على العكس إنها الجوهر الكامن بداخل كل منا، الحقيقة النابعة من أفكارنا التي قد لا يسمعها أحد ومن مشاعرنا التي ربما لم نعبر عنها يوما، هي الصوت الذي ظنناه غير جدير بالاستماع لأننا سرنا وراء أصوات أخرى حتى دفن دون أن نعيره انتباهنا! قيمتك هي أنت وحين أقول أنت أعني متجردا من كل الأشياء الثمينة التي تحيط نفسك بها لتجذب الانتباه أو لتشعر بالإطراء، أنت دون كل تلك الأشياء التي لم تعد تستشعر وجودك دونها وكأنك لست قيما إلا بها، أنت بروحك ونقائك بضميرك وماضيك وحاضرك، أنت بمميزاتك وحتى بعيوبك، فامنح نفسك فرصة لتستمع إلى الصوت الصاخب الذي بداخلك وتتغير نحو الأفضل وفقا لما تريده أنت لا غيرك.