إن التركيز على استثمار هذه التقنية في تحسين الأمن الطبي والنظم الصحية يمكن أن يسهم في إحداث ثورة معلوماتية تساعد في تحقيق طفرة في الرعاية الطبية، كما يُعد التوجه نحو تقنية البلوكتشين خطوة استراتيجية لتحسين جودة الخدمات الصحية وحماية بيانات المرضى وتحقيق أعلى درجات الأمان في تبادل المعلومات الحيوية.. عند الحديث عن تقنية البلوكتشين، تتجه الأذهان عادة إلى العملات المشفرة كالبيتكوين والإيثيريوم، إلا أن هذه التقنية الثورية تمتلك استخدامات أوسع وأعمق بكثير تتجاوز حدود النقد الإلكتروني. إن التطبيقات المتعددة لتقنية البلوكتشين تشمل، ولا تقتصر على، إدارة سلاسل التوريد، والعقود الذكية، وإثبات الملكية والهوية، والتصويت الإلكتروني، وحماية حقوق الملكية الفكرية، مما يشير إلى إمكانياتها الهائلة في إحداث ثورة في العديد من القطاعات. هناك توقعات إيجابية متزايدة تجاه سوق البلوكتشين في المملكة العربية السعودية، حيث توقعت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، نمو سوق تقنية "بلوكتشين" محلياً بوتيرة متسارعة من الآن حتى عام 2025. هذا النمو المتوقع يعكس الاهتمام الكبير والاستثمارات المتزايدة في هذه التقنية، مما يؤكد على أهميتها وتأثيرها المحتمل على مختلف القطاعات في المملكة بشكل خاص والعالم بشكل عام. فيما يخص قطاع الأمن الطبي، تبرز تقنية البلوكتشين كحجر زاوية مهم في تعزيز الكفاءة والشفافية والأمان. حيث تعد أبحاث الجينوم واحدة من الجوانب الحيوية التي يمكن للبلوكتشين أن تلعب دوراً مهماً فيها، إذ تُمكّن هذه التقنية من تأمين البيانات الوراثية وتسهيل تبادلها بين المختبرات والباحثين دون خطر الوصول غير المصرح به أو تغيير المعلومات كما ذكر في "Nature Reviews Genetics"، مما يتيح إجراء الأبحاث الموجهة لتطوير علاجات مخصصة بناءً على الملف الجيني للأفراد، مع الحفاظ على خصوصية وأمان البيانات. إضافة إلى ذلك، يُسهم البلوكتشين في تتبع الأدوية من الإنتاج حتى الاستهلاك، مما يضمن الحد من المنتجات المزيفة ويعزز من جودة الرعاية الصحية المقدمة. هذه التقنية تقدم آلية موثوقة وغير قابلة للتغيير لتتبع كل خطوة في سلسلة توريد الأدوية، وحفظها وتخزينها وبالتالي تساهم في حماية المرضى والحفاظ على حقوق المصنعين. من جهة أخرى، يُمكن للبلوكتشين أن يُحدث تحولاً جذرياً في آلية تنظيم التأمين الصحي، فبإمكان هذه التقنية تبسيط إجراءات التأمين، وتقليل الحاجة للوسطاء، والمساعدة في خفض التكاليف التشغيلية، كما يُعزز البلوكتشين من شفافية وعدالة المطالبات الطبية ويقلل من فرص الاحتيال، مما يرفع من كفاءة وفعالية النظام الصحي بأكمله. في ضوء هذه الاستخدامات المتعددة والمهمة، ينصح بالباحثين في مجال الصحة النظر بجدية أكبر في تطبيقات البلوكتشين، لأن التركيز على استثمار هذه التقنية في تحسين الأمن الطبي والنظم الصحية يمكن أن يسهم في إحداث ثورة معلوماتية تساعد في تحقيق طفرة في الرعاية الطبية. كما يُعد التوجه نحو تقنية البلوكتشين خطوة استراتيجية لتحسين جودة الخدمات الصحية وحماية بيانات المرضى وتحقيق أعلى درجات الأمان في تبادل المعلومات الحيوية. لتحقيق ذلك، ومن أجل تطوير منصات بلوكتشين مخصصة تلبي احتياجات القطاع الطبي بدقة، يجب أن تكون هذه المنصات قادرة على التعامل مع البيانات الكبيرة والمعقدة بشكل آمن وفعال. كذلك، على السلطات الصحية والحكومية التعاون مع خبراء التكنولوجيا لإنشاء إطار تنظيمي مقنن يدعم استخدام البلوكتشين في الرعاية الصحية دون المساس بالأخلاقيات الطبية أو خصوصية المرضى. إن تبني تقنية البلوكتشين في النظم الصحية يتطلب أيضاً تدريباً وتثقيفاً مستمرين للمهنيين الطبيين والإداريين على استخدامات وفوائد هذه التقنية، فمن الضروري الاستثمار في البحوث والتطوير لاستكشاف أفضل الطرق لدمج البلوكتشين في الممارسات الطبية اليومية لتحسين كفاءة الخدمات الصحية. يظل التقدم في تقنية البلوكتشين وسيلة مبشرة لتعزيز الأمن الطبي والشفافية في النظم الصحية، ومن المهم البحث عن طرق مبتكرة لاستغلال هذه التقنية لتحسين الرعاية الصحية وحماية البيانات الشخصية للمرضى. إن الاستثمار في تقنية البلوكتشين ليس استثماراً في تحسين النظم الصحية فقط، بل هو أيضاً خطوة نحو مستقبل أكثر أماناً وفعالية في إدارة الخدمات الطبية، وللحديث بقية.