نظم مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية "سايتك" التابع لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، مساء أمس الأول (الاثنين) اللقاء الأول للبلوكتشين وتطبيقاتها المستقبلية بالمنطقة الشرقية، وذلك بحضورد. حسن الأحمدي، مدير عام "سايتك" وعدد من المسئولين والمهتمين بالاقتصاد الرقمي. ووضع اللقاء خارطة طريق وطنية لخمس جهات حكومية بالتعاون مع جهات خاصة في كيفية تبني الاقتصاد الرقمي وآخر المستجدات في هذا الشأن. واستعرض اللقاء أحدث التقنيات التي تساعد في دعم وتحقيق الاقتصاد الرقمي، وقدرتها على توفير حماية فعالة لتشفير أنظمة المعاملات الرقمية ومواجهة التهديدات المتنامية في أمن المعلومات، حيث تغذي هذه التقنية الابتكار في العديد من المجالات المالية والقانونية والعلمية للدفع بالاقتصاد نحو النمو . حيث ذكر د. هشام صالح بن عباس، مستشار تقنية البلوكتشين بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بأن تقنية البلوكتشين تعتبر أحد أبرز خمس تقنيات من التقنيات الحديثة، وهي بالنسبة لحجم الاستثمارات تعد اهم ثالث تقنية بعد الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وتعتمد تقنية البلوكتشين على مفهوم قواعد المعلومات الموزعة على الطرفيات (الحواسيب) بحيث تحتفظ كل طرفية بنسخة موحدة من قواعد البيانات وترتبط فيما بينها بروابط مشفرة وموزعة لزيادة الحماية الأمنية، ويتم تحديث البيانات بالإجماع بين هذه الطرفيات بدون الحاجة الى جهة مركزية، مضيفاً بأن هذه الالية تمنح القدرة على حماية المعلومات، وزيادة الشفافية والفاعلية لتعقب اي تحريف في السجلات. وبين، بأن تقنية البلوكتشين هي تقنية مهمة جداً واستخداماتها جاذبة لكثير من القطاعات سواء حكومية أو أهلية وقد بدأت بالفعل كثير من الشركات حول العالم بتفعيل الخطوات الاولى نحو التحول الرقمي في مجال البلوكتشين، وسيصل الاستثمار عالميا في هذه التقنية الى 11،7 مليار دولار بحلول عام 2021 بحسب توقعات متعاملون في هذا الشأن. وقال د. هشام، من أجل دعم وتمكين تقنية البلوكتشين يجب الإلمام بعدة تحديات سواء كانت فنية او تنظيمية او متعلقة بتهيئة البنية التحتية ووضعها جميعاً تحت نطاق العمل والتطوير، فمن ابرز تحديات البلوكتشين هي كونها تقنية ناشئة على مستوى العالم ولا يوجد لها اطر تنظيمية متفق عليها عالميا حتى الان بالرغم من وجود جهود كبيرة مختلفة حول العالم لدعم نشر و تبني هذه التقنية، ومن التحديات التي تواجه هذه التقنية هو توفر الكوادر المؤهلة سواء عالميا او محليا مما يجعل تطبيقها مكلف مادياً. وكشف، بأنهم يعملون على مستوى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لوضع استراتيجيات لدعم تمكين التقنيات الناشئة ومنها البلوكتشين بهدف توطين التقنية، وبهدف الاسهام إيجابيا في الناتج المحلي. وعن الاستفسار عن دور تقنية البلوكتشين في الجانب الأمني، بين بأنهم ينظرون الى هذه التقنية كتقنية بشكل عام والعمل مع جميع الأطراف المستفيدة سواء جهات أمنية او مالية او صحية او غيرها على تطوير استخدامات ونماذج عمل تخلق من جهة اخرى فرص عملية واستثمارية في السوق المحلي تعزز من القدرات الرقمية الوطنية في هذه التقنية. من جهته ذكر محسن بن علي الزهراني، نائب الرئيس للاستراتيجية والتميز – المدفوعات السعودية- بمؤسسة النقد العربي السعودي ، بأن البلوكتشين تقنية جديدة ومؤسسة النقد العربي السعودي تنظر لهذه التقنية عن قرب، معتقداً بأنها لم تصل لمرحلة النضج كتقنية، وهنالك جهات كثيرة سواء كانت حكومية أو شركات تحاول دراسة حالات مختلفة باستخدام التقنية، مُضيفاً بأن التقنية واعدة وتعد بمميزات كثيرة عن العلاقات الحالية وجزء منها له علاقة بالأمان والجزء الآخر له علاقة بإعطاء الأفراد صلاحيات أكثر في تنفيذ العمليات دون وجود جهات وسيطة، وهي تقنية واعدة ولكنها لازالت تعاني من تحديات لها علاقة بسرعة وتكاليف تنفيذ العمليات ولازال لديها تحديات تتعلق بالخصوصية. وبين، بأن التقنية تعتمد على التطبيق وماهي حالة التطبيق فقد تكون التقنية مناسبة لحالات معينة وقد تكون غير مناسبة لحالات أخرى ، معتبرا تقنية البلوكتشين تقنية بنية تحتية قريبة من تقنية الإنترنت وهي تقنية مفتوحة وعلى أساس هذه التقنية يتم بناء تطبيقات مختلفة بتصاميم مختلفة وهي منفصلة عن ما يسمى بالعملات المشفرة التي تعد أحد تطبيقات البلوكتشين. ونوه الزهراني، بأن تطبيق العملات المشفرة لا يعد التطبيق الوحيد ولكن يوجد هنالك تطبيقات أخرى ويمكن استخدام البلوكتشين في حالات مختلفة حتى بدون استخدام العملات المشفرة، موضحا في ذات السياق، بأن مؤسسة النقد قامت بدراسة تطبيق البلوكتشين و تعمل على مشروع باستخدام هذه التقنية ولكن بعدم استخدام عملة مشفرة تجارية بل انشاء عملة مشفرة من البنك المركزي من المؤسسة نفسها واستخدام تقنية البلوكتشين للمدفوعات واستخدام العملة المشفرة التي تم إصدارها من البنك المركزي نفسه. وأضاف بأن مؤسسة النقد تعمل مع المصرف المركزي الإماراتي بإنشاء عملة مشفرة مغطاة بالنقد في البنك المركزي وستستخدم بين البنوك السعودية والاماراتية كمدفوعات في البنوك على عدد محدد من البنوك، متوقعا أنه في منتصف عام 2019 سيتم الانتهاء من أجزاء كبيرة من هذا المشروع وستقوم المؤسسة بدراسة مدى ملائمة استمراريتها والتوسع فيها بين البنوك أم لا. وذكر ايضا، بأن مؤسسة النقد أطلقت مشروع تجريبي بداية عام 2018 مع شركة ريبل الامريكية وهي شركة لديها تقنية بلوكتشين للمدفوعات الخارجية مع عدد من البنوك المحلية وسيتم إطلاق هذه التقنية مع عدد من البنوك المحلية قريباً للمدفوعات الخارجية مع دول مختلفة وهي لا تستخدم أي نوع من العملات المشفرة ، مؤكدا بأن تقنية البلوكتشين ستساعد البنوك في التحويلات الخارجية لأنها أكثر أمان وسرعة. وشددت د. فاطمة باعثمان، الاستاذ المساعد بكلية الحاسبات وتقنية المعلومات في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، على أهمية تطبيق البلوكتشين في التجارة الإلكترونية بالمملكة وتأثيره على الاقتصاد، مضيفةً بأن الكثير من الجهات الحكومية والمؤسسات بدأت في تطبيق البلوكتشين كتقنية في تطبيقات عديدة، ومن هذه الحكومات حكومة دبي حيث تم تطبيقها في قطاع النقل والقطاع البحري في عمليات النقل، وفِي السعودية هناك مساع إيجابية من مؤسسة النقد والاتصالات والجمارك، لتطبيق هذه التقنية. وبينت باعثمان، بأن المملكة توجه اهتمامها فيما يتعلق برؤية 2030 بجمع التقنيات المهمة ومنها تقنية البلوكتشين وإنترنت الأشياء والريبورتات، لاسيما وان هذه التقنيات اساسا تحت مظلة الذكاء الاصطناعي المساهم في عملية تطويرها، وشكرت باعثمان القائمين على مشروع الرؤية 2030 ، في الأخذ بالإعتبار بالتقنيات الحديثة حيث أصبح لدى المملكة خارطة طريق لهذه التقنيات، لافته بأن الدول الآن تتسابق في استخدام التقنيات ومن يتميز فيها سيكون له الصدارة ، في الوقت الذي بدأت المملكة حالياً الاهتمام بتقنية البلوكتشين، مازال هناك حاجة ملحة لإنشاء استراتيجيات متكاملة وبهيكلة شاملة لكي يتم التعامل مع هذه التكنولوجيا على مستوى استراتيجي ومتطور بالوطن.