حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    قلصت الكويت وقت الإقامة والصلاة في المساجد ؟ توفيرا للكهرباء    أعربت عن تعازيها لإيران جراء انفجار الميناء.. السعودية ترحب بالإجراءات الإصلاحية الفلسطينية    رؤية السعودية 2030 في عامها التاسع.. إنجازات تفوق المستهدفات ومؤشرات توثق الريادة    أمير القصيم: خارطة طريق طموحة لرسم المستقبل    381 ألف وظيفة في قطاع التقنية.. 495 مليار دولار حجم الاقتصاد الرقمي السعودي    أمير جازان: آفاق واسعة من التقدم والازدهار    أمة من الروبوتات    الأردن.. مصير نواب "العمل الإسلامي" معلق بالقضاء بعد حظر الإخوان    تفاهمات أمريكية سورية ومساعٍ كردية لتعزيز الشراكة الوطنية    ينتظر الفائز من السد وكاواساكي.. النصر يقسو على يوكوهاما ويتأهل لنصف النهائي    القيادة تهنئ رئيسة تنزانيا بذكرى يوم الاتحاد    أمير الشرقية: إنجازات نوعية لمستقبل تنموي واعد    الآبار اليدوية القديمة في الحدود الشمالية.. شواهد على عبقرية الإنسان وصموده في مواجهة الطبيعة    ضبط أكثر من 19.3 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    المملكة تفتح أبواب جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    برعاية سمو وزير الثقافة.. هيئة الموسيقى تنظم حفل روائع الأوركسترا السعودية في سيدني    خادم الحرمين: نعتز بما قدمه أبناء الوطن وما تحقق جعل المملكة نموذجاً عالمياً    خطى ثابتة نحو مستقبل مُشرق    برشلونة يكسب "كلاسيكو الأرض" ويتوج بكأس ملك إسبانيا    مدرب كاواساكي: قادرون على التأهل    قدامى الشباب ينتقدون نتائج توثيق البطولات    تقرير يُبرهن على عمق التحوّل    المملكة تقفز عالمياً من المرتبة 41 إلى 16 في المسؤولية الاجتماعية    الجبير يترأس وفد المملكة في مراسم تشييع بابا الفاتيكان    إطلاق مبادرة "حماية ومعالجة الشواطئ" في جدة    ترامب يحض على عبور "مجاني" للسفن الأميركية في قناتي باناما والسويس    دفع عجلة الإنجاز وتوسيع الجهود التحولية    اللواء عطية: المواطنة الواعية ركيزة الأمن الوطني    1500 متخصص من 30 دولة يبحثون تطورات طب طوارئ الأطفال    الأميرة عادلة بنت عبدالله: جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان عززت المنافسة بين المعاهد والبرامج    فخر واعتزاز بالوطن والقيادة    تدشين الحملة الوطنيه للمشي في محافظة محايل والمراكز التابعه    رئيس مركز الغايل المكلف يدشن "امش30"    الحكومة اليمنية تحذر موظفي ميناء رأس عيسى من الانخراط في عمليات تفريغ وقود غير قانونية بضغط من الحوثيين    اكتشاف لأقدم نملة في التاريخ    قدراتنا البشرية في رؤية 2030    الذهب ينخفض 2 % مع انحسار التوترات التجارية.. والأسهم تنتعش    101.5 مليار ريال حجم سوق التقنية    تصاعد التوترات التجارية يهدد النمو والاستقرار المالي    800 إصابة بالحصبة بأمريكا    فواتير الدفع مضرة صحيا    الذكور الأكثر إقبالا على بالونة المعدة    الأهلي يكسب بوريرام بثلاثية ويواجه الهلال في نصف نهائي النخبة الآسيوية    السعودية تعزي إيران في ضحايا انفجار ميناء بمدينة بندر عباس    القيادة تهنئ تنزانيا بذكرى يوم الاتحاد    حين يعجز البصر ولا تعجز البصيرة!    32 مليون مكالمة ل 911    مكافحة المخدرات معركة وطنية شاملة    التحول الرقمي في القضاء السعودي عدالة تواكب المستقبل    قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزارة التعليم تستعرض منصاتها في معرض تونس الدولي للكتاب 2025    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام ليس دوره مطاردة رغبات الناس
نشر في الرياض يوم 26 - 03 - 2024


الرد على البعض يمنحه قيمة ومصداقية لا يستحقها
أخلاقيات الإعلام اليوم «تتآكل»
الفن والرياضة مصادر لقوتنا الناعمة
صورتنا في الخارج ليست مسؤولية الإعلام
قال وكيل وزارة الخارجية سابقاً، السفير د. سعود كاتب، في حديث خاص ل»الرياض»: إن رؤية 2030 كانت عيد ميلاد حقيقي للقوة الناعمة السعودية، والتي استندت على أرضية صلبة من الإرث والتاريخ والمنجزات.
ورأى أن كثيراً من عناصر تلك القوة وكنوزها الثمينة، ظلت لعقود تعمل بحدها الأدنى، بشكل لا يتناسب مع مكانة المملكة ومسؤولياتها، وما تعرضت له من تحديات ومخاطر. وانطلاق تلك الرؤية كان بمثابة استيقاظ لعملاق قوتنا الناعمة في شتى المجالات، ومنها الآثار والسياحة والمسرح والسينما، والتنوع البيئي والثقافي والتراثي وغيرها.
واعتبر كاتب، أن الحملات الإعلامية تستهدف دوماً الدول العظيمة، ولم يسبق لنا مشاهدة حملات ضد دول ضعيفة. ولأن المملكة دولة قوية ومؤثرة، ولديها قيم ومبادئ راسخة، فمن الطبيعي أن تكون عرضة للهجوم والانتقاد. وفي الوقت الذي ينبغي علينا متابعة وفهم تلك الحملات، وعلينا ألا نكون حساسين تجاهها، كما أنه ليس علينا الرد على كل ما يقال، لأن البعض يتمنى ويتطلع لردنا عليه، لأن ذلك يمنحه قيمة ومصداقية لا يستحقها.
وفيما يلي نص الحوار:
* عملت في المجموعة السعودية للأبحاث لفترة قاربت 20 عاماً، كيف كانت بدايتك في هذه المجموعة؟ وكيف تصفها في تلك الفترة؟
* بدأت العمل في المجموعة عام 1985م بوظيفة مساعد مدير إدارة المتابعة وشؤون الناشرين، في الشركة السعودية للتوزيع. وكانت هذه الشركة هي الأضخم والأهم في العالم العربي في مجال توزيع المطبوعات، حيث كانت بالإضافة لتوزيعها مطبوعات المجموعة السعودية مثل: صحيفة "الشرق الأوسط" و"المجلة" و"سيدتي" و"الرياضية"، تتولى أيضاً توزيع مجموعة كبيرة جداً من أشهر الصحف والمجلات العربية والعالمية. وقد أكسبني العمل في هذه الشركة مهارات دقيقة متنوعة، نظراً لارتباط التوزيع المباشر بالتحرير ومواعيد الطباعة والإعلان ورغبات وميول القراء، والعلاقة مع دور النشر ومع مؤسسات الإعلام والثقافة الحكومية وغير الحكومية.
المجموعة، كان لها فضل كبير علي لا يمكن أن أنساه، حيث قامت بإرسالي لبريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية، ثم تعييني مساعداً لمدير عام المجموعة في واشنطن. وفي مرحلة لاحقة تلقيت اتصالاً من العضو المنتدب الأستاذ محمد معروف الشيباني، بتعييني مديراً عاماً للمكتب في أميركا، والذي بقيت فيه حتى أواخر عام 1998م حيث صدر قرار بعودتي للمملكة وتعييني مديراً عاماً لشركة الأفق لنظم المعلومات والاتصالات، وهي الذراع التكنولوجي للمجموعة، وقمنا حينها بتأسيس شركة "عرب نت" للإنترنت، وكانت من أوائل مزودي خدمة الإنترنت في المملكة.
هذه المجموعة الإعلامية الرائدة، كانت وما زالت نموذجاً متميزاً لما ينبغي أن يكون عليه الإعلام من تطور وركض مستمر للأمام، جعلها دائماً تتقدم بخطوات عديدة عن أقرب منافسيها.
* صف لنا شخصية الأمير أحمد بن سلمان -رحمه الله- من خلال عملك معه في المجموعة.
* رغم أن عدد المرات التي التقيت فيها بسموه -رحمه الله- كانت قليلة، إلا أنها كانت كافية لرؤية الكاريزما التي تميز بها، وجمعت بين قوة الشخصية، وسرعة البديهة وحدة الذكاء، واللطف والتواضع. أذكر جيداً طلبه لقائي أواخر عام 1997م، وكنت مقيماً حينها في العاصمة واشنطن، وسافرت إليه في لوس أنجلوس ودعاني للعشاء على انفراد، حيث قضينا وقتاً طويلاً، سألني خلاله عن حياتي ودراستي وعملي الحالي. كما تحدثنا مطولاً عن الإنترنت وسرعة انتشارها وتأثيراتها المحتملة. وفي نهاية اللقاء طلب مني الاستعداد للعودة للمملكة، وأنه يريدني أن أتولى وظيفة مدير عام شركة الأفق لنظم المعلومات والاتصالات، وتأسيس شركة تزويد خدمة إنترنت. وسمعت منه حينها عبارات محفزة ووعداً بالدعم، خفف كثيراً من توتري وقلقي من هذه المرحلة الجديدة والمختلفة.
* كيف أثرت عليك الصعوبات المادية التي مررت بها في بداية مشوارك؟ وما أهم الدروس التي استخلصتها من تلك المرحلة؟
* ربما يكون من السهل علي اليوم بعد تجاوز تلك المرحلة أن أصفها بأنها كانت مرحلة كفاح وصبر وعِبَر ودروس، وهذا كله صحيح جداً. ولكن الواقع والوصف الأدق والأقرب هو أنها كانت مرحلة صعبة مليئة بالخوف والألم والقلق والمعاناة، والتي زاد منها كونها في الغربة وبعيداً عن الوطن والأهل. وأحمد الله على فضله ونعمه التي لا تعد ولا تحصى.
* الكثير كتب عن مفهوم "الدبلوماسية العامة"، فما التعريف الذي تراه الأنسب من وجهة نظرك؟
* التعريف الأدق في رأيي هو أنها "التواصل مع الشعوب بهدف تحقيق أهداف السياسة الخارجية، عبر توظيف القوة الناعمة للبلد.. ومن خلال ممارسة أنشطة متناغمة ومتكاملة، تتسم بالتناسق ووضوح الرؤية والأهداف، وتجنب الازدواجية وتضارب الرسائل".
* هل تعتبر الدبلوماسية العامة نوعاً من الدعاية كما يصفها البعض؟
* الدبلوماسية العامة هي تماماً مثل الإعلام، من حيث إنها تفقد قوتها وقدرتها على التأثير عندما تضعف مصداقيتها. فكما أن "البروباغاندا" والكذب والمبالغة والتهويل وليّ عنق الحقائق، هي أكبر أعداء الإعلام، لأنها تفقده مصداقيته وثقة الناس به، فإن هذه الأمور هي بالمثل ألد أعداء الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة، لأنها تفقدها جاذبيتها وتأثيرها لدى المتلقين خارجياً وداخلياً.
* ذكرت في كتابك "الدبلوماسية العامة" عشر قواعد ذهبية للقوة الناعمة، فلو طلبنا منك اختيار قاعدة واحدة فقط باعتبارها الأهم، فأي واحدة سوف تختار؟
* الحقيقة أن جميع هذه القواعد تعتبر أساسية ومهمة، لذلك وصفتهم جميعهم بأنهم "قواعد ذهبية"، ولكن لو اضطررت للاختيار في وسط هذه المرحلة الراهنة التي نعيشها في المملكة، فإني سوف أختار القاعدة رقم (2) وهي: (الدبلوماسية العامة تحتاج إلى مظلة قادرة على رؤية الصورة كاملة)، وذلك لأن هذه المظلة –أو الكيان- هي وحدها القادرة على صياغة استراتيجية واحدة شاملة لمصادر قوتنا الناعمة، من سياسة وثقافة وإعلام ورياضة وسياحة وتعليم وفن وترفيه، وذلك بشكل متناغم ومتناسق خالٍ من الازدواجية والتعارض. وقد شبهت هذه الجهة في الكتاب بأنها بمثابة "المايسترو" الذي ينظم عمل الأوركسترا، ويجعل جميع العازفين بها يعزفون بتناغم وتكامل يجعل القطعة الموسيقية تخرج في أجمل صورة ممكنة بدون أي نشاز. كما أني وصفت قوتنا الناعمة بأنها "يتيمة" بسبب عدم وجود هذه المظلة حتى الآن.
* كيف تصف أنشطة بعض السفراء الأجانب في المملكة؟ وهل ما يقومون به يعتبر نوعاً من أنواع الإعلام الخارجي لدولهم؟
* تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) على عدد من المهام لرئيس البعثة ومنها: "تمثيل الدولة، وتوطيد العلاقات الودية وتدعيم الصلات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المُعتَمَد لديها والدولة المُعْتَمِدَة". فمهام السفراء اليوم تتطلب المرونة والقدرة على التطور في كافة الجوانب، ومن أهمها الجوانب المتعلقة بالدبلوماسية العامة، التي أصبحت تمثل جناحاً ثالثاً لوزارات الخارجية يختص بالتواصل مع الشعوب، وذلك بجانب جناحي العلاقات الثنائية، والعلاقات المتعددة مع المنظمات الدولية. فمهام السفراء اليوم لا تقتصر على الشأن الدبلوماسي، بل تشمل أنشطة الدعم advocacy activities وتحولهم لمنصات إعلام خارجي ومنابر ثقافية فاعلة لدولهم، وداعم للصلات الاقتصادية والعلمية والتعليمية والترويج للسياحة والاستثمار.
* كيف نستطيع جعل الشعوب تأخذ فكرة إيجابية عن بلادنا؟
* التصور السابق السائد، بأن تعزيز الصورة الإيجابية خارجياً هو مسؤولية الإعلام وحده هو في رأيي فكرة خاطئة. فتعزيز الصورة هو منظومة متكاملة، تشمل الإعلام والدبلوماسية العامة وتوظيف مصادر قوتنا الناعمة، بالإضافة لما يسمى "أنشطة الدعم" advocacy activity والتي يكون للجميع دور بها، ويشمل ذلك الدبلوماسيين والرياضيين والمشاهير والمؤثرين ورجال الأعمال، وصولاً للمواطن العادي.
* كيف تنظر لوضع المرأة السعودية بعد تمكينها؟ وهل لا يزال ملف المرأة يمكن استغلاله من بعض الجهات والمنظمات الأجنبية؟
* الجهود التي بذلت وتبذل لتمكين المرأة من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، هي جهود عظيمة في المجالات كافة، وأثبتت المرأة السعودية خلالها عن قدرتها وكفاءتها بل وتميزها. وفيما يتعلق بالانتقادات الخارجية، ففي اعتقادي أننا -ولله الحمد- وصلنا مرحلة متقدمة من الثقة بالنفس، والقدرة على التعامل مع أي انتقادات بهدوء وبُعد عن الحساسية المبالغ بها. حكومة المملكة تقوم بما تراه صحيحاً والانتقادات لن تتوقف، ويكفي القول إن وضع المرأة السعودية اليوم، هو أفضل من وضعها في معظم دول العالم، بما فيها كثير من الدول الغربية.
* ذكرت في أحد كتبك بأن رؤية 2030 هي البداية الحقيقية ل"الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة". حبذا لو تشرح للقارئ ذلك.
* صحيح، أنا وصفت رؤية 2030 بأنها تمثل "عيد ميلاد القوة الناعمة السعودية"، فكثير من عناصر تلك القوة وكنوزها الثمينة، ظلت لعقود تعمل بحدها الأدنى بشكل لا يتناسب مع مكانة المملكة ومسؤولياتها، وما تعرضت له من تحديات ومخاطر. وانطلاق تلك الرؤية كان بمثابة استيقاظ لعملاق قوتنا الناعمة في شتى المجالات، مثل: الآثار والسياحة والمسرح والسينما والتنوع البيئي والثقافي والتراثي وغيرها.
* كان لك كتابات ودراسة، خلصت لعدم رضا المجتمع عن دور الإعلام السعودي، كيف يمكن لنا أن نرتقي بهذا الإعلام، بما يتناسب وحجم ومكانة وتاريخ المملكة؟
* الإعلام رغم أهميته الكبيرة التي لا يختلف عليها اثنان، إلا أنه كثيراً ما يتم تحميله أكثر مما يحتمل. فالبعض يتوقع بأن لدى الإعلام عصا سحرية قادرة –أو ينبغي لها- حل كل مشكلاتنا، وهذا تصور غير صحيح، وربما يكون أحد أسبابه، هو النظر للإعلام بأنه "حيطة واطية" يسهل انتقادها، في حين أن الإعلام حتى يتمكن من تحقيق أهدافه، فإنه يجب أن يعمل ضمن منظومة متكاملة من جهات عديدة مختلفة.. الإعلام مثلاً يمكنه تعزيز الصورة الجيدة، ولكنه لا يستطيع صناعة صورة جيدة من العدم، أو حتى قلب الصورة من سلبية إلى إيجابية.
* هل انتهيت من دراستك حول "الاستقطاب الفكري" في المجتمع السعودي؟ وكيف رصدت وجهة نظر العينة التي شاركت في تلك الدراسة؟
* هذه دراسة لموضوع مهم جداً، وقد اكتملت لدي معظم عناصرها، ولكني فضلت التريث في نشرها بعض الوقت وذلك لإجراء المزيد من البحث حولها.
* لماذا نسمع بين الحين والآخر من يقول إن إعلامنا لا يفهمنا، ولا يدرك طبيعة مجتمعنا؟ وهل تتفق مع هذا الرأي؟
* عبرتُ كثيراً عن قناعتي بأن إعلامنا هو الأقوى والأكثر انتشاراً وتأثيراً عربياً، ولكني في الوقت نفسه أؤمن بأن بعضاً من ذلك الإعلام أصبح نتيجة لشدة المنافسة، يهتم فقط بالإثارة والشعبوية، ونسي أو تناسى أن عليه مسؤولية في الارتقاء بذائقة الناس وتوعيتهم، وليس مجرد مطاردة رغباتهم. وسبق لي كتابة مقال بهذا الشأن، أشرت فيه لتقمص قنواتنا التلفزيونية لشخصية تيك توك وسناب شات، وهذا خطأ كبير يرتكبونه. نظرة سريعة لواقع برامج رمضان هذا العام والأعوام السابقة، يقدم لنا صورة وإجابة للأمر.
* هل بمقدورنا إيقاف حملات التشويه تجاه المملكة؟ وهل ترى أن الأفضل هو الرد عليها أم تجاهلها؟
* الحملات الإعلامية تستهدف دوماً الدول العظيمة، ولم يسبق لنا مشاهدة حملات ضد دول ضعيفة. ولأن المملكة دولة قوية ومؤثرة، ولديها قيم ومبادئ راسخة، فمن الطبيعي أن تكون عرضة للهجوم والانتقاد. وفي الوقت الذي ينبغي علينا متابعة وفهم تلك الحملات، فإن علينا ألا نكون حساسين تجاهها، كما أنه ليس علينا الرد على كل ما يقال، لأن البعض يتمنى ويتطلع لردنا عليه، لأن ذلك يمنحه قيمه ومصداقية لا يستحقها.
* كنت مسؤولاً كبيراً في وزارتين من أهم الوزارات وهما الإعلام والخارجية، فهل ترى أنك نجحت في مهمتك تلك أم لا؟ ولماذا؟
* الحديث عن النفس صعب وغير محبوب، ولكني سأجيب باختصار شديد على سؤالك، فأنا أحمد الله أن بصمات نجاحي المميزة وغير التقليدية كانت في كل الجهات التي عملت بها: ففي المجموعة السعودية ترقيت من وظيفة بسيطة الى مدير عام لمكتب أميركا، ثم مديراً عاماً تنفيذياً لإحدى أهم شركات المجموعة، والتي عملت بها على تأسيس إحدى أوائل شركات تزويد خدمة الإنترنت في المملكة. وفي الجامعة تم تكليفي خلال أقل من عام برئاسة القسم، ونائباً للمشرف العام للمركز الإعلامي، وكنت أول من درس الإعلام الجديد، وكان كتابي عن الإعلام الجديد –ولا يزال- مقرراً في أكثر من جامعة، ومع بداية الفيسبوك أقمت لطلابي صفوفاً افتراضية تفاعلية يذكرها كثير منهم حتى اليوم. وانتقالي بعدها لوزارة الإعلام (بالمرتبة 14)، ثم إلى وزارة الخارجية (بمرتبة سفير 15) جاء بطلب من تلك الجهات، وقد رفض بشدة معالي وزير الإعلام د. عادل الطريفي في البداية انتقالي، واستغرق الأمر عدة شهور لإقناعه بقبول ذلك.
ومن الأمور التي أفخر بها خلال عملي في وزارة الإعلام، إشرافي على أول معرض دولي للكتاب في جدة، وترؤسي للجنته الثقافية وعضوية لجنته العليا، التي كانت برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز.
* خلال عملك وكيلاً لوزارة الخارجية للدبلوماسية العامة، ما أهم قرار تفخر أنك اتخذته، لا سيما أنك كنت المؤسس لتلك الوكالة؟
* تأسيس وكالة جديدة كلياً بوزارة الخارجية لم تكن مهمة سهلة، وقد عملت عليها مع زملائي وأولهم سعادة السفير أسامة نقلي، وتم تكليفي حينها بهذا الملف. إحدى أكبر الصعوبات حينها تمثلت في كون الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة لا تزال مفاهيم جديدة غير مألوفة، بالإضافة لكون مصادر القوة الناعمة للمملكة تتوزع بين العديد من الجهات المستقلة. لذلك قمت كوكيل للوزارة بوضع استراتيجية شاملة للدبلوماسية العامة السعودية، تضع كافة تلك الأمور في الحسبان. وتم وضع أهداف شملت التعريف والتوعية والتثقيف لكافة الجهات والأطراف المعنية بهذه المفاهيم، ووضع تصور للربط بين تلك الجهات لضمان التناغم والتكامل وتجنب الازدواجية والتعارض. ونتيجة كل ذلك كانت ما نراه اليوم من انتشار للمفهوم وكتب ومقالات وبحوث، بل ومواد يتم تدريسها في الجامعات باسم الدبلوماسية العامة، أفخر بأن كتابي وأفكاري حول الموضوع تدرس كمقرر رئيس بها.
الجديد والمهم بهذا الشأن هو تأسيس مركز تفكير think tank جديد متخصص تحديداً في الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة، ويعتبر الأول من نوعه في المنطقة، وهو بدعم وتحت مظلة جامعة الأمير سلطان.
* من خلال الدراسات التي أجريتها، والمناصب التي تقلدتها، برأيك حين يذكر اسم المملكة في الخارج، ما هو الانطباع الأول الذي يتبادر للأذهان حول هذا البلد؟
* وفقاً للدراسة التي أجريتها مع مركز أسبار عام 2020م، فإن أهم العلامات الوطنية للمملكة هي بالترتيب: مهبط الوحي وأرض الحرمين الشريفين، قيادة العالم الإسلامي، تعليم عالي متميز، نموذج اقتصادي جذاب، ومملكة شابة ومتطورة.
* البعض يقول الدكتور سعود كاتب يصلح لقاعات الجامعات والتدريس، لكنه لا يصلح للمناصب واتخاذ القرارات، ما ردك على ذلك؟
* هذه المقولة رددها وروج لها كثيراً وبشكل مكثف وممنهج، بعض الأشخاص الذين شعروا بالقلق من آرائي الخاصة بموت الصحافة المطبوعة، في محاولة منهم للتقليل من صحة ودقة تلك الآراء أو حتى إخراسها. وقد قاموا كثيراً بوصف تلك الآراء تارة بأنها مجرد تنظير، وتارة أخرى أنها نابعة من كرهي وحقدي على الصحافة المطبوعة. واليوم وبعد ثبوت خطئهم بشكل حاسم، وتأكُّدْ كل كلمة قلتها منذ التسعينات فإنهم ما زالوا يقومون بترديد تلك المقولات تشفياً، لا ألومهم عليه. وأنا عموماً أفخر جداً بكوني أكاديمي وباحث ومؤلف، فهي مزايا أعجب أنهم يجهلون أهميتها، وأعجب أيضاً أنهم يتجاهلون أن 80 % من حياتي العملية كانت في العمل المهني المباشر، مقابل 20 % فقط في العمل الأكاديمي.
* كتبت في إحدى تغريداتك عن مصطلح هو "أخلاقيات الإعلام"، ماذا تعني به؟ وهل نحن بحاجة لهذه الأخلاقيات؟
* لكل مهنة أخلاقيات، فلمهنة الطب مثلاً أخلاقيات محددة ومعروفة، تضمن التزام ممارسيه بمعايير محددة ضرورية لحماية الناس والمهنة. وبالمثل فإن للإعلام أخلاقيات تشمل المصداقية والموضوعية ومراعاة القيم السائدة. وفي اعتقادي أن تلك الأخلاقيات تمر اليوم بمرحلة تآكل غير مسبوقة تستلزم التوعية والتذكير، بل وحتى الاستعادة الإلزامية.
* كيف يمكن أن نستثمر ما تشهده المملكة من قمم ومؤتمرات وفعاليات، لخلق صورة إيجابية ومختلفة عن بلدنا؟
* هذه المناسبات والفعاليات هي جزء مهم من قوة المملكة الناعمة، التي تتطلبها المرحلة الراهنة وما تشهده المملكة من تطورات سريعة في المجالات كافة، وهي جميعها تحظى بعناية ودراسة عميقة تضمن تحقيق أقصى فائدة من كل منها.
* أنت المؤلف والأكاديمي والكاتب الصحفي والدبلوماسي، لماذا اتجهت في فترة من الفترات إلى كتابة الرواية، ثم توقفت؟
* أنا إنسان مولع بالكتابة، ولا أتردد في التعبير عن أفكاري وطرحها بمختلف الوسائل سواء البحوث والدراسات أو المقالات الصحفية، أو الكتب العلمية أو التغريدات، وتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة. وفي مرحلة من مراحل حياتي، وجدت في كتابة "الرواية" وسيلة من تلك الوسائل للتعبير عن أفكار ومشاعر محددة، وقمت حينها بكتابة رواية بعنوان "التقدم إلى الخلف"، وكانت تجربة لم يسعفني الوقت ولا حتى الرغبة في تكرارها، نظراً لانشغالي بأولويات كثيرة أهم.
د. سعود في لقاء بالأميرة ريما بنت بندر بن سلطان
د. سعود مع الوزير عادل الجبير
السفير د. سعود كاتب، خلال حديثه للزميل عبدالعزيز الشهري (عدسة: بندر بخش)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.