تحرك الرحالة المغربي العياشي وهو عبدالله بن محمد بن أبي بكر العياشي، رحالة عربي مغربي، وفي السادس والعشرين من شهر رمضان 1662م ورفاقه من مدينة إمبابة، قاصدين ميناء القاهرة النيلي في بولاق، رمضان شهر القرآن الكريم، وفيه يقبل المسلمون الصائمون على قراءته وتجويده، لذا هب العياشي إلى زيارة شيخ القراء ورئيس أهل التجويد الشيخ سلطان، وقد سلَّم الشيخ عليه ودعا له، وكان ذلك غاية ما أراده الرحالة وقصّاد الحج المغاربة من تلك الزيارة، وقد سجل لنا في رحلته بندم وأسى أنه لم يحضر إلى الأزهر في يوم التاسع والعشرين من رمضان لأسباب ثلاثة، أولها لبعد منزله عن المسجد، والسبب الثاني ما لحقه من التعب بسبب الصوم. أما السبب الثالث فكان ذلك اللغط الذي ثار في القاهرة حول تحديد أول أيام عيد الفطر المبارك. ويروي العياشي أن قاضي الشافعية صعد مع الشهود العدول في ليلة الثلاثين إلى أعلى المئذنة، ويعني بذلك مئذنة مسجد المنصور قلاوون بالنحّاسين، وبقي الجميع فوقها من قبيل الغروب حتى انتشر الظلام، فلم يروا شيئاً، فأوقدوا المصابيح في المئذنة كما هي عادتهم في ليالي الشهر كلها، فعلم الناس أن الغد من رمضان، وكذبت أقوال المنجمين، كما أشار إلى الاهتمام بالسحور، وكان التسحير في غير الجوامع يتم بواسطة الطبلة المعروفة الآن، يطوف بها أصحاب الأرباع وغيرهم على البيوت، ويضربون عليها، وبعد أن أتم العياشي صيام شهر رمضان في مدينة القاهرة نجده يجري على عادة المصريين في الخروج لزيارة المقابر، فيخرج عشاء إلى القرافة الصغرى، ولكنه لم يستكمل مراده من الزيارة، فعاد إلى القاهرة لشدة الحرّ من ناحية، ومن ناحية أخرى (لكثرة زحام النساء بالمقابر)، وعلى الرغم من أن الرحالة العياشي قد ذهب إلى القرافة بغرض الزيارة والتبرك بمقابر الأولياء، فإنه لم يجد أي غضاضة في أن يصف عادة المصريات بأنها «عادة مذمومة في جميع الأيام، فما بالنا بيوم العيد؟ إنه يوم أكل وشرب ومرح وسرور، وزيارة القبور تذكر بالآخرة وتثير في القلب حزناً» المصدر: (الرحلة العيّاشية.. عبدالله بن محمد العياشي)