يسعى الفنان يوسف إبراهيم جاهداً أن يؤكد دوره الفني الجمالي العربي والإسلامي والخطي واللوني والزخرفي في تقديم الحرف العربي تقديماً تشكيلياً مبدعاً يليق بكيان وأناقة وبهاء الحرف العربي مبنىً ومعنىً، يمزج بين أصولية الحرف والقواعد المتوازنة المتوارثة التي يقوم عليها رسم شكل الحرف وبين الاتجاه التجريدي التجديدي في الفن الإسلامي وفي الفنون المعاصرة الحالية. إن خاصية التجريد التي تمتاز بها الحروف العربية في نظام أو بُنية الحرف العربي الهيكلية قد جعلت طبيعة التكوين الفني طبيعة تجريدية مثالية متسامية تتجاوز في معناها في البعد الكتابي الوظيفي المحض، ليضيف إليه الفنان بعداً جمالياً متنامياً تنامياً رؤيوياً لدور الحرف والخط والزخرفة واللون في داخل اللوحة التشكيلية محكوماً بين محاولة الفنان والخطاط التقليدي في إنتاج تكوينات خطية متسامية الشكل بالمضمون وبين محاولته في السعي وراء الكمال المطلق في تمثيل الفن الإسلامي تمثلاً روحياً خالصاً، ليتجه بالحرف العربي بالتجريب والتجديد نحو الجمال الخالص بالتجريد الزخرفي الهندسي أو النباتي ودمجها بتجريدات الحرف العربي، حيث وظّف إمكانيات حنايا الخطوط اللينة وطاقة الألوان المتناغمة وقدرتها على التشكيل والتصوير بمرونة وطواعية بنظام الحركة والإيقاع والترديد شبه المنظم والتدرّج والإنسيابية معتمداً على مبدأ الانسجام ليوحّد هذه التنوعات، ما يجعل العمل مفعم بالحيوية والجاذبية والثراء البصري. تميزت تجربة يوسف إبراهيم الفنية العريقة بابتكار تشكيلات وتراكيب خطية "كاليغرافي" وزخرفية ولونية وكأنها معزوفات لمخلوقات راقصة محكومة بقوانين رياضية محملة بالدلالات والمعاني والتأثير على نفس المشاهد لتلك الأعمال الفنية البديعة الزاخرة واللامتناهية بتشكيل وتركيب وتداخل وتشابك الحروف العربية والزخارف الهندسية، ما يوحي له بالخروج من الحيز المحدود إلى السرمدية أو اللانهائية. *أكاديمي وناقد فني