تتفاخر الأمم بثقافاتها التي ربما تتجاوز حدودها الجغرافية وتتحول إلى حضارة يشهد لها التاريخ بمراحله المتعاقبة مثل الحضارات السومرية، اليونانية، الرومانية، والإسلامية. لكن المجتمعات بطبيعتها المتطورة والمتبدلة التي تتغير معها أطر الاختلاف عابرة زمانياً عبر مناحي الحياة. يعرف عالم الأنثروبولوجيا ادوارد تايلور الثقافة بأنها "ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون، وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع" وأكد أن الثقافة لا تنفك بمكوناتها المادية من قانون، لباس، أدوات حرفية وموسيقية، ومبانٍ عن ركنها المعنوي الذي يشمل الدين، القيم، الأعراف، والأخلاق وتناغم تلك المكونات يجعل من أفراد المجتمع يفتخرون بهويتهم الرئيسة الجامعة وهوياتهم الخاصة المختلفة. نعم تجمعنا ثقافة وهوية واحدة ونفتخر كوننا سعوديين لنا ولاء لحكامنا ولنا انتماء لأرضنا ونسيجنا الاجتماعي يزداد تماسكاً عبر الأزمات التي تحيط بنا بفضل الله. معالي الوزير د. وليد الصمعاني أثبت لنا حنكة سمو سيدي ولي العهد عندما تحدث عن ضرورة أن يكون المسؤول في هذه المرحلة الانتقالية لمجتمعنا ذا فكر خلاق ومبدع ويملك مقومات النجاح من شخصية قيادية وحس بالمسؤولية الاجتماعية نحو ولاة أمره ومجتمعه ومنسوبي وزارته. نعم يقول معالي الوزير أثناء لقائه بنا نحن كتاب الرأي والإعلاميين: اسألوا دون قيود والوقت متاح حتى أجيب عن كافة ما يخالج صدوركم. هل نفخر بحلم أصبح واقعاً وذلك بواقع الشفافية والوضوح من أحد قادة المجتمع ومسؤوليه الذين راهن عليهم ولي العهد، أم نفخر بما سمعناه منه من إنجازات التحول الرقمي، والاعتماد المهني للقضاة، والعمل على السجل العدلي لجميع التصرفات العدلية. أم نفخر بما سطره عنا الشرق والغرب من تطور المعاملات القضائية والحقوقية في بلادنا حتى أصبحت مثالاً يطالبُ بالاحتذاء به. وما يزيدنا فرحاً أن معالي وزير العدل خريج أحد التخصصات الدينية التي كان مجتمعنا يوصف بأنها سبب تخلفه وتأخره وعجزه عن مواكبة الثقافات الأخرى مادياً ومعنوياً، فنجد خريج هذا التخصص يحلق بوزارته عبر تسع سنبلات خضر يانعات ونحن من يقطف حصادها فخراً واعتزازا. نعم إن القانون أحد مقومات الثقافة ولكن التحدي في إثبات أن الثقافة تنبع من المجتمع ذاته وأن البيئة أحد أهم عوامل تشكيل الثقافة وذلك كونها تفرض شروطها عليه وهذا هو الرابط الذي جمع بين معالي وزير العدل وتايلور فالقانون وتطبيقه بتشريعاته ولوائحه كانت عقبة أمام الاستثمار الأجنبي ومانعاً لدخوله السوق السعودي وبالتالي مانعاً لدخول أتباع الثقافات الأخرى ليروا ثقافتنا ويحملوا معهم من أثرها الطيب وعبقها ما يعكس حقيقتنا كما هي الرياضة والفنون والموسيقى والرقصات الشعبية والقهوة والآثار. نعم خريج التخصصات الدينية يواكب رؤية ولي العهد ويجعل من المثلبة منقبة ومشكاة يشع نورها ليبلغ الآفاق. نعم أيها المواطن كان الكثير يرفض وضع القوانين التي تنظم الحياة بدعوى أنها قوانين وضعية ليأتي من أبناء التخصص من يعتمد القوانين التي تنبع من القرآن والسنة مواد يسهل على القضاة تطبيقها. * أستاذ الإعلام السياسي والعلاقات العامة الدولية