يعيش قطاع التأمين السعودي هذه الأيام فترة من الانتعاش الاستثنائي، الذي يبشر بمستقبل مزدهر للقطاع، يرتقي بأدائه العام وحجم عملياته في مقبل الشهور، هذا الانتعاش تترجمه الأرقام التي أشارت إلى نمو القطاع العام الماضي (2022) بمعدل 27 %، فيما قفز بهذا النمو خلال العام الجاري (2023) لتصل إلى 44 %، في إشارة جلية إلى أن هذه النسبة مرشحة لتتجاوز 50 % خلال العام المقبل (2024)، خاصة بعدما تولت هيئة التأمين الجديدة مهام عملها رسمياً في شهر نوفمبر الماضي، لتبدأ على الفور بتنظيم القطاع وأولوياته، ويدعم فاعليته، ويعزز استقراره، بما يتوافق مع تحقيق أهداف رؤية 2030 وتطلعات القيادة الرشيدة ببناء قطاع قوي، يدعم الناتج القومي للبلاد، ويوفر آلاف من فرص العمل لشباب الوطن. لا شك في أن الهيئة الجديدة، بما تملك من صلاحيات قوية، تدرك طبيعة الدور المنتظر منها، كما تدرك ماهية القرارات التي ينبغي أن تبدأ بها عملها، من أجل تحقيق حزمة أهداف أُنشئت من أجلها الهيئة، ومن أبرزها تنظيم القطاع والإشراف عليه، إضافة إلى حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، وترسيخ مبادئ العلاقة التعاقدية التأمينية، وتوفير المزيد من الابتكارات والمنتجات التأمينية، ورفع الوعي التأميني، والعمل على دعم القطاع وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني. تحقيق تلك الأهداف لن يكون سهلاً إذا لم تكن هناك برامج خاصة من هيئة التأمين، تستهدف تعزيز التنافسية بين الشركات المختلفة، بما ينعكس على جودة الخدمة المقدمة، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، خاصة إذا علمنا أن الأسواق السعودية تترقب وتنتظر نوعية من المنتجات التأمينية التي تلبي للسوق احتياجاته، وتوفر كل ما يتمناه المستثمر المحلي والأجنبي الباحثين عن الأمان وضمان استثماراتهم من أي طارئ يحدث لها. المشهد العام للقطاع حتى هذه اللحظة، يؤكد حقيقة واحدة، وهو أنه سلك طريق التطوير والتحديث النوعي، وسيواصل المسير فيه دون توقف، من أجل مواكبة تطلعات رؤية 2030 التي تدرك أهمية الخدمات التأمينية لتعزيز المشهد الاقتصادي، وتتجسد ملامح هذا التطوير في بدء عمليات استحواذ مهمة، سواء بين شركات تأمين خليجية وشركات وطنية، أو بين شركات وطنية مع بعضها البعض، ومنها استحواذ «أدنيك» الإماراتية على 51 % من «أليانز السعودي الفرنسي»، هذا بخلاف التوسع في خدمات التأمين في المسار الصحي، من خلال الإعلان المتوقع لنحو 100 مشروع في هذا الشأن. ما سبق يشجعني على التأكيد أن 2023 هو عام الصفقات الكبرى في قطاع التأمين السعودي، على أن يكون عام 2024 عام التطوير الفعلي في عمليات القطاع، والتوسع في مشاريعه وعملياته، مع التركيز على مسارات تأمينية أخرى، لم يهتم قطاع التأمين السعودي بها في الفترة الماضية لعدم الاقبال عليها، وجاء الوقت للاهتمام بها بصورة فيها احتراف ومهارة، في إطار تلبية احتياجات المرحلة الراهنة، مثل التأمين على الشحن البري والجوي وغيرهما، وبهذا المشهد، يكتمل قطاع التأمين السعودي تألقاً، ليكون أحد المرتكزات للاقتصاد الوطني.