بكثير من المؤشرات والدلائل على أرض الواقع، يعيش قطاع التأمين في المملكة حالة من الانتعاش النوعي، ومعها حالة من الترقب لمستقبل أفضل تزدهر فيه عمليات التأمين بجميع مساراتها، حتى تلبي متطلبات رؤية 2030، التي وعدت بإيجاد وطن ذي اقتصاد متطور، ينمو بوتيرة متصاعدة، ويبشر بكل الأمل. المشهد العام في قطاع التأمين يؤكد حقيقة ثابتة، وهي أن هناك توسعاً ملحوظاً في عمليات القطاع، مصدره زيادة شركات التأمين، وبخاصة شركات وساطة التأمين، التي تعمل وفق مرئيات وآليات جديدة، تُعلي من قيمتها ونشاطها وتحسن من خدماتها التأمينية التي يحتاج إليها الأفراد والمؤسسات، ويعكس ذلك موافقات عدة، أصدرها البنك المركزي السعودي (ساما)، بالترخيص لشركات جديدة لمزاولة نشاط وساطة التأمين الإلكترونية، هذه الموافقات تأتي في إطار السعي إلى دعم وتمكين قطاع التأمين، من أجل تطوير التقنية المالية التأمينية، ورفع مستوى فاعلية ومرونة إصدار وثائق التأمين، والسماح بدخول أنشطة جديدة، كما يستهدف القرار تمكين وتشجيع الابتكار في الخدمات التأمينية المقدمة؛ لتعزيز مستوى الشمول المالي في المملكة، ووصول الخدمات التأمينية إلى جميع شرائح المجتمع. ولا أستبعد أن يتخذ قطاع شكلاً أكثر نمواً، يزداد معه عدد شركات وساطة التأمين العاملة في السوق السعودي، بعد قرار مجلس الوزراء الأخير بإنشاء هيئة التأمين، التي باشرت أعمالها يتعيين م. ناجي التميمي رئيساً تنفيذياً.. لتتولى الهيئة المسؤولية من "ساما"، هذه الهيئة كيان مستقل لتنظيم القطاع، والإشراف والرقابة عليه، وهو ما يعزز الرغبة الحكومية في تطوير أنشطة القطاع، ليخدم المستهدفات والتحولات الاقتصادية، التي لا غنى لها عن خدمات القطاع. وسيكون لشركات وساطة التأمين، مع زيادتها، أثرها الإيجابي في القطاع ومواكبة نمو الطلب المتسارع في نشاط التأمين الذي يأتي تماشياً مع رؤية المملكة 2030 في دعم ريادة الأعمال وتعزيز تقنية الخدمات المالية، وانطلاقاً من دور "ساما" سابقاً، و"هيئة التأمين" حالياً الداعم لتمكين وتشجيع نمو التقنية المالية ولمواكبة التطور الاقتصادي الذي تشهده المملكة، إلى جانب تعزيز مساهمة قطاع التأمين في إجمالي الناتج المحلي. ولا أعتقد أن تأثيرات الهيئة الجديدة، سيقتصر على زيادة عدد شركات التأمين فقط، وإنما ستصل إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يُسهم وجودها في دفع وتحفيز عمليات الاندماج والاستحواذ بين شركات التأمين، وخلق كيانات تأمينية قوية قادرة على النمو وتلبية الاحتياجات والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد، خاصة أن بعض شركات القطاع يعاني حالياً من ضعف الملاءة وخسائر متراكمة ووجود إدارات غير ملمّة بصناعة التأمين. النمو الذي يحققه قطاع التأمين، تعكسه الأرقام والإحصاءات، إذ شهد القطاع بكل مساراته، نمواً يُقدر ب26.9 % خلال عام 2022م، وبلغ إجمالي الأقساط المكتتبة 53.4 مليار ريال، كما شهد تأمين المركبات والتأمين الصحي ارتفاعاً ملحوظاً في إجمالي الأقساط المكتتبة، كما ارتفعت نسبة المبيعات من خلال المواقع الإلكترونية لشركات التأمين ومنصات وساطة التأمين الإلكترونية من 7.5 % في عام 2021م إلى 9.9 % في عام 2022م.