عندما وعدت رؤية 2030 في الكثير من بنودها، بالعمل على جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وضخها في صورة مشروعات نوعية، كانت تدرك أن لهذه الاستثمارات تأثيرها المباشر في تعزيز ورفد منظومة الاقتصاد الوطني، وتوفير العملة الصعبة، والأهم من ذلك، تأمين فرص العمل لشباب الوطن. وعاماً بعد آخر، تفي الرؤية بوعدها، ونجحت في جذب مليارات الريالات من الداخل والخارج إلى الأسواق المحلية، ولم يكن لها أن تحقق هذا الهدف على أرض الواقع، دون توفير بيئة تشريعية وتنظيمية واستثمارية مناسبة للمستثمرين المحليين والأجانب، تبث الاطمئنان في نفوسهم، وتؤكد لهم بأن أموالهم ستكون في أمان، طالما تعمل داخل الوطن، وحققت المملكة هذا الهدف بعوامل عدة، أبرزها تقديم خدمات تأمينية نوعية، تضمن استدامة وعدم خروجها من الأسواق لأي سبب كان. وعلى مستوى الاستثمارات الأجنبية، هناك مؤشرات إيجابية تعلن عن نفسها، في صورة أرقام وإحصاءات رسمية، غالباً ما تأتي على هامش الإعلان عن موازنة البلاد عاماً بعد آخر، وقبل الإعلان عن موازنة المملكة للعام المقبل (2024)، تعكس أرقام الاستثمارات الأجنبية التي طرقت أبواب المملكة في العامين الماضيين، حجم الجهود المبذولة لجذبها، إذ يكفي أن نقول إن الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة حقق خلال الربع الأول من العام الجاري (2023)، نمواً على أساس سنوي، بمعدل بلغ 10.3 %، ليصل إلى 8.1 مليارات ريال، وفي العام الماضي (2022) جذبت البلاد استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 29.6 مليار ريال، مقابل 72.3 مليار ريال خلال 2021، وذلك وفقاً لوزارة الاقتصاد والتخطيط، ولم يكن لهذه الاستثمارات أن تختار المملكة -دون سواها- لولا أن الرؤية أهلت قطاع التأمين لدعم الاقتصاد الوطني، ودعمته بالأنظمة والقوانين اللازمة، وزودت شركاته، التي تتجاوز 200 شركة، بما تحتاج إليه من تنظيمات وبيئات عمل محفزة، وتلبية رغبات المستثمرين الأجانب والوطنيين، في التأمين على مشاريعهم، حتى تثمر عن مكاسب، بعيداً عن أي تهديدات أو مؤثرات قد تفسد عليها استدامتها. وليس في الأمر أي جديد، عندما نؤكد أن الدعم الذي تلقاه قطاع التأمين تحت مظلة الرؤية الطموحة استثنائي، وقفت خلفة الحكومة الرشيدة ودعمته، ليس لسبب سوى أن هذا القطاع عنصر فاعل ومهم، لا تستغني عنه الاستثمارات الأجنبية والمحلية الراغبة في الدخول بكل ثقلها في المشاريع الضخمة، وكان أكبر دعم تلقاه القطاع حتى الآن، قرار مجلس الوزراء بإنشاء هيئة التأمين، تتولى ترتيب أوراق القطاع وإدارته بطريقة احترافية. لا أستبعد أن تشهد الأسابيع المقبلة، انطلاق قطاع التأمين إلى آفاق رحبة، عندما تنتقل أعمال القطاع من البنك المركزي السعودي (ساما)، إلى الهيئة الجديدة، وعندما تعلن الأخيرة عن برامج التطوير والتوسع في الخدمات التأمينية التي تحتاج إليها المنظومة الاقتصادية في المملكة، عندها سيكون لدينا قطاع تأمين محلي، يجاري القطاع العالمي في البرامج والخدمات.