بوتيرة مطمئنة، وخطوات مدروسة، يسير قطاع التأمين في المملكة في مساره الصحيح، محققاً رؤية 2030، عندما أعلنت قبل سبع سنوات، أنها تسعى إلى إيجاد قطاعات استثمارية، قادرة على إعادة بناء الاقتصاد الوطني من جديد، على مرتكزات صلبة، وثوابت لا تلين، ومن هنا، شملت الرؤية، القطاعات كافة، وخصت "التأمين" بنصيب وافر من برامج التطوير والتحديث، التي أثمرت أخيراً عن تأسيس "هيئة التأمين" لتتولى شؤون القطاع، بدلاً من البنك المركزي السعودي (ساما). وكان أكبر وعد أطلقته الرؤية على الملأ، العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، وضخها في المشاريع الوطنية العملاقة، لرفد منظومة الاقتصاد الوطني، وتوفير العملة الصعبة، والأهم من ذلك، تأمين فرص العمل لشباب الوطن، ولم يكن ليتحقق هذا الهدف على أرض الواقع، إذا لم تكن هناك عوامل مساعدة، وعلى رأسها قطاع تأمين قوي، يستشعر مع المستثمرين؛ شركات وأفراداً، الأمان والاطمئنان على استثماراتهم ومشاريعهم، خوفاً من تعرضها لأي طارئ، قد يفسد عليها استدامتها وأرباحها. ويبدو أن هيئة العقار الجديدة قرأت التاريخ جيداً، وقررت أن تتلافى جميع السلبيات التي ألحقت الضرر بالقطاعات الاقتصادية في وقت سابق، ورأت أن تصعد بقطاع التأمين خطوة خطوة، مرتكزة على ثوابت وأسس تضمن استدامة حيوية القطاع، وانتعاش عملياته، ومن هنا كان قرارها بتوطين كل وظائف مبيعات المنتجات التأمينية بدءًا من منتصف أبريل المقبل، من منطلق دعم وتعزيز فاعلية القطاع، وسعياً لدعم وتمكين الكفاءات والقدرات الوطنية فيه. القرار يعكس حرص الهيئة على تدريب كفاءات سعودية، تتولى عمليات بيع المنتجات التأمينية، وهذا الأمر وإن كان يحتاج بعض الوقت والجهد في التدريب والتأهيل، إلا أنه يؤسس لقطاع وطني قوي، يديره أبناء الوطن، ولا ينازعهم فيه أحد آخر، قد يفسد السوق عليهم، وهو ما رأيناه في قطاعات أخرى، شهدت ربكة بسبب تلاعب الأيدي الأجنبية، واستحواذها عليها دون رادع. قرار التوطين لن يكون حبراً على ورق، وإنما سيكون أسلوب حياة، داخل القطاع، وستراقبه الهيئة، للتأكد من تنفيذ شروطه، وعلى رأسها عدم منح العاملين غير المختصين في المبيعات أي عمولات، في إشارة إلى رغبة الهيئة التأكد من أن مناديب التأمين في الشركات، مدربون جيداً، ومؤهلون، ولديهم الخبرة والدراية والثقافة التأمينية لبيع منتج تأمين، مع توضيح مزاياه وخصائصه كاملة للعميل قبل شرائه، ما يعني نشر المعلومة التأمينية، ونقلها بكل أمانة وشفافية ومصداقية إلى الفئات المستهدفة. لا أبالغ إذا أكدت بأنني متفائل كثيراً بقرار التوطين، وأراه بداية قوية للنهوض بالقطاع، وسيكون للقرار أثر كبير ومباشر على إجمالي نسب التوطين في المملكة، فضلاً عن التأثيرات الإيجابية في تطوير الكفاءات الوطنية المتخصصة والمهتمة بالقطاع، وتحسين الأداء العام، ورفع جودة الخدمات المقدمة، وهذا ما كان ينقص قطاع التأمين السعودي في سنوات مضت، وجاء اليوم لاستكمالها، في إطار برامج رؤية 2030 الطموحة، التي نجحت حتى اليوم في تحقيق أهدافها، مازال للنجاح بقية، سنحتفل به عندما يُنجز في قادم السنوات.