توقعات بضعف أسواق الكيميائيات الأوروبية مع ارتفاع أسعار الشحن

من المقرر أن تشهد مجموعة من أسواق المواد الكيميائية والبلاستيك في أوروبا تضييقًا في أوائل عام 2024، حيث أثرت التكاليف المرتفعة المرتبطة بزيادة أسعار الشحن على أسعار واردات البتروكيميائيات المسلمة، وفقًا لمصادر سوق البوليمر.
وتشهد أسواق الشحن على مستوى العالم ارتفاعًا في تكاليف التأخير وأوقات رحلة عبور أطول، وسط ازدحام في الممرات المائية الدولية الرئيسية في الأشهر الأخيرة، مع تأثر طريق قناة بنما الرئيسي بانخفاض مستويات المياه، مما يعني قيود سحب هيكل السفن وانخفاض أحجام العبور.
علاوة على ذلك، فإن المخاوف الأمنية في منطقة قناة السويس في الأسابيع الأخيرة - مع هجمات الطائرات بدون طيار على السفن وعمليات الاختطاف في البحر الأحمر التي أجبرت مالكي السفن والمستأجرين على تجنب الممر المائي المصري - أدت إلى ارتفاع التكاليف.
وقالت مصادر في السوق إن ارتفاع تكاليف الشحن يجب أن ينعكس في أسعار السلع البلاستيكية المستوردة مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين والبولي إيثيلين تيريفثاليت، أو البتروكيميائيات الوسيطة الأخرى مثل جلايكول الإيثيلين ومونومر الستايرين، من بين مواد أخرى وسيطة.
وقال أحد التجار: "إن تكاليف الشحن سوف ترتفع في كلا الاتجاهين، وسيستغرق الأمر ثلاثة أسابيع إضافية للدوران حول أفريقيا لتجنب قناة السويس، وإن ذلك يسبب عددًا لا بأس به من المشكلات لمنتجي ومستهلكي البولي إيثيلين تيريفثاليت، ولحمض التريفثاليك النقي التي مصدرها من آسيا"، وأضاف التاجر أن التكاليف ستضيف 20 - 30 يورو للطن المتري على أجرة الشحن لأي منتجات عامة وهو ما سيكون بمثابة ضغط على البعض إذا لم يكن لديهم هامش مدمج".
وحول توقعات الطلب القاتمة للعام الجديد، قالت مصادر في السوق إن الطلب على المواد الكيميائية والبلاستيكية كان ضعيفا ومن المتوقع أن يظل كذلك حتى النصف الثاني من عام 2024 مع استمرار تأثير التضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة في التأثير على دخل الأسر.
وبعد التأخير في إغلاق عقود البوليمر لعام 2024، أعلن بعض المنتجين الأوروبيين أخيرًا عن استكمال اتفاقياتهم لعام 2024، بعد أن أدت حالة عدم اليقين المحيطة بالواردات إلى عودة بعض المشترين إلى سوق العقود.
وأشارت المصادر إلى أنه سيتم الاتفاق على عقود مخفضة لعام 2024 على أساس إجمالي حجم الأجل بنسبة 50 ٪ مقابل السعر الفوري، بانخفاض عن مستويات 2023 البالغة حوالي 75 ٪، ونظرًا للتوقعات القاتمة، كان بعض المشترين يتطلعون إلى تأمين كميات أقل من أوروبا في عام 2024 لصالح المنتجات الأمريكية أو الشرق أوسطية منخفضة التكلفة.
لكن مصادر في السوق أشارت إلى تعطل الشحن كحافز لبعض المشترين الأوروبيين لتأمين المواد المنتجة محليا للتسليم العام المقبل، وقال أحد منتجي الراتنجات "إن تعطل قناة السويس قد ينطوي على طلب إضافي للمنتجين الأوروبيين لأن وقت عبور المواد المستوردة من المنطقة سيكون أطول".
وبالإضافة إلى ذلك فإن التكاليف المتوقعة الأعلى قد تساعد أيضاً في دعم المنتجين الأوروبيين إلى حد ما، من خلال جعل الواردات أكثر تكلفة، وبالتالي أقل قدرة على المنافسة في مواجهة إنتاج المواد البلاستيكية والمواد الكيميائية المشتقة من النافثا.
وقال تاجر آخر: إنهم ليسوا قلقين بشأن اضطرابات الشحن، بل قلقون أكثر بشأن ضعف الطلب، وقالوا إن المزيد من التوافر الفوري في العام المقبل قد تم أخذه في الاعتبار في تلك العقود. وقال تاجر ثان: "تلقينا عروض بعض المنتجين لتركيبات مختلطة، تخليص موانئ أمستردام وروتردام وأنتويرب في شمال غرب أوروبا.
وقال، "في مثل هذا الوقت من العام الماضي، لم يتم جلب سوى القليل من الشرق الأوسط، بدلاً من الولايات المتحدة. ولن يكون هناك تأثير يذكر لأن النسبة الأكبر من الكميات تأتي من الولايات المتحدة".
وشهد عام 2023 تقلبات أسواق البولي أوليفينات الأوروبية في نطاق أضيق نسبيًا بعد انفجار الفقاعة الوبائية وتراجع الأسعار عن أعلى مستوياتها على الإطلاق في العام الماضي. ومع ترك اختلال التوازن بين العرض والطلب بصماته على السوق، تعمقت جهود إدارة العرض من جانب المنتجين لمعالجة ضعف الطلب المستمر وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وتختتم أسواق البولي إيثيلين والبولي بروبيلين العام على نحو أضعف، مدفوعًا بأنشطة تقليص المخزون. وعلى الرغم من أن بعض المشترين قرروا تجديد مخزونهم للاستفادة من الأسعار المنخفضة، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن رياح التغيير قد بدأت تهب حيث لا يتوقع اللاعبون انتعاشًا مفاجئًا في الطلب في أوائل عام 2024.
وبالنظر لعام 2023، تتسبب مستويات التكاليف والعرض في حدوث انتعاشات قصيرة الأجل. وقد شهدت الأسواق الإقليمية موجات قصيرة الأمد من التحركات الصعودية حتى الآن هذا العام نتيجة لضعف الطلب الأساسي، مع ترنح أوروبا على حافة الركود. وشهدت الأسعار الفورية ارتفاعات فقط خلال الفترتين من فبراير إلى مارس ومن سبتمبر إلى أكتوبر، حيث وجدت الدعم من التكاليف وانخفاض الإمدادات.
وكان ذلك في الربع الثالث تقريبًا عندما وصلت درجات أفلام البولي إيثيلين، والهومو بولي بروبيلين إلى المستوى الحرج البالغ 1000 يورو للطن، مع التسليم، وهو أمر نادر جدًا بالنظر إلى البيانات التاريخية لمؤشر أسعار كيم أوربيس. ولم يكن المنتجون على استعداد للبيع دون هذا المستوى لأنه يضر بهوامشهم بالنظر إلى أن تكاليف الإنتاج أعلى بكثير من العام الماضي.
هوامش ضئيلة
وظلت هوامش البولي بروبيلين ضئيلة للغاية، وهوامش البولي إيثيلين في المنطقة السلبية، وعلى الرغم من أن تخفيضات معدل التشغيل قد خففت من الطلب الخامل، إلا أنها أضافت إلى تكاليف الإنتاج. ومن ثم، سعى الموردون إلى تحقيق ارتفاعات تتجاوز الزيادات المونومرية خلال الاتجاه الصعودي وحاولوا السيطرة على الانخفاضات أثناء الاتجاه الهبوطي لتخفيف الضغط على هوامشهم.
وكان مستوى الأسعار وتسوية البروبيلين على أساس تسليم شمال غرب أوروبا أقل من 100 يورو للطن منذ يوليو 2023، وهو أقل من المتوسط التاريخي. وكانت أسعار هومو بولي بروبيلين في أوروبا الغربية أعلى بمقدار 85 يورو للطن من تسوية البروبيلين في نوفمبر، والتي من المرجح أن تتقلص أكثر.
ويقع هامش الإنتاج لدرجات فيلم البولي إيثيلين في المنطقة السلبية. وكان المتوسط الشهري لأسعار البولي إيثيلين منخفض الكثافة، والبولي إيثيلين منخفض الكثافة الخطي سي4، أقل بما يتراوح بين 40 - 60 يورو للطن عن مستوى عقود نوفمبر، في حين انخفض سعر البولي إيثيلين مرتفع الكثافة درجة الفيلم بمقدار 25 يورو للطن أقل من تسوية المونومر.
وفي حين أن هوامش أفلام البولي إيثيلين منخفض الكثافة، والبولي إيثيلين منخفض الكثافة الخطي سي 4، كانت في المنطقة السلبية منذ مايو إلى يونيو، فقد بدأ تداول أفلام البولي إيثيلين مرتفع الكثافة تحت مستوى عقد الإيثيلين في يوليو.
ويعود التفوق الذي تتمتع به أوروبا على الأسواق العالمية، إلى التوازن. وعاد الفارق التاريخي بين أوروبا والأسواق الأخرى إلى طبيعته بعد تصحيحات حادة. وقد حصلت أوروبا على أكبر وأطول علاوة مقارنة بالأسواق الأخرى، وخاصة الصين، في عامي 2021 و2022. وقد تبخرت هذه العلاوة الضخمة تدريجيا منذ ذلك الحين.
ولا تزال أوروبا تتمتع بميزة تفوق الأسواق الأخرى كما ينبغي لها أن تفعل، في حين تثبت أحدث الأرقام مدى حدة الانحدار. على سبيل المثال، انخفضت علاوة مونو بولي بروبيلين درجة الحقن، إذ انخفضت الأسعار في أوروبا مقارنة بالأسعار المحلية في الصين إلى أقل من 300 دولار للطن بحلول أوائل ديسمبر 2023 من مستوى قياسي بلغ 1375 دولارًا للطن في أواخر مايو 2021. وبالنسبة لفيلم البولي منخفض الكثافة، تبلغ الفجوة أقل من 150 دولارًا للطن في الوقت الحالي مقارنة ب 1350 دولارًا للطن في عام 2021.
والطريق إلى التعافي سيكون وعراً، إذ ستستمر لعبة شد الحبل بين المضاربين على الصعود والمضاربين على الانخفاض في أسواق السلع الأساسية حتى عام 2024. وسيكون الطريق إلى التعافي وعرًا، نظرًا للمنافسة المحتدمة المقبلة وسط توقعات الطلب الغامضة وإضافات القدرات المقرر إجراؤها في العام المقبل. ولا يمكن تخفيف فائض العرض العالمي إلا من خلال تخفيضات أسعار الفائدة، مما يثبت مدى هشاشة توازن السوق حقًا، مع الأخذ في الاعتبار الافتقار إلى نمو صحي للطلب.
وظلت مصانع البولي أوليفين تعمل بمعدلات منخفضة، بنحو 70 %، منذ النصف الثاني من عام 2022. ومع ذلك، ظل السوق يتغذى جيدًا من مصادر الاستيراد، واعتبرت الإمدادات الإجمالية إما مريحة أو وفيرة، باستثناء بعض الدرجات الأكثر تشددًا بسبب مشكلات الإنتاج الإقليمية.
ويظل من الأهمية القصوى بالنسبة للاعبين الحفاظ على مراقبة معدلات التشغيل اليقظة عبر الكتلة. قد يكون الترشيد هو الوضع الطبيعي الجديد حيث تلعب الربحية وظروف السوق دورًا محوريًا في تشكيل الاستراتيجيات التشغيلية. وسوف تستمر التخفيضات السائدة في أسعار الفائدة في وحدات المنبع والمصب حتى نهاية النصف الأول من عام 2024. وقد يخفض المنتجون الإقليميون أسعار الفائدة بشكل أكبر أو يقومون بإغلاق مؤقت في حالة حدوث المزيد من التدهور في ظروف السوق، ناهيك عن الارتفاع المحتمل في أحجام الواردات.
إضافات ضخمة في القدرات
وتستعد أسواق البولي بروبيلين والبولي إيثيلين العالمية لإضافات ضخمة في القدرات، ومن المتوقع أن يتم توفير حوالي 10 ملايين طن من القدرات على مستوى العالم لكل المنتجات في عام 2024. وتقع حوالي 66 - 67 % من القدرات الجديدة في الصين، تليها الهند بحصة أصغر نسبيًا.
وبافتراض أن هذه الشركات الناشئة لن تشهد أي تأخير، فإن تخفيضات معدلات التشغيل لن تكون كافية لدرء تباطؤ الطلب. وهذا يعني أن تحولات التدفق التجاري والمنافسة السعرية قد تكون في المستقبل بسبب زيادة العرض المحتملة.
وقد يعزز الموردون الآسيويون صادرات البولي بروبيلين إلى الاتحاد الأوروبي. وكانت الفجوة بين الأسعار الفورية غير الأوروبية والإقليمية واسعة، مما زاد الضغط على الموردين لخفض أسعارهم. وقدمت عروض الاستيراد من كوريا الجنوبية على وجه الخصوص ميزة تنافسية ضد الآخرين بعد أن فقدت حصتها في الأسواق الأخرى بسبب القدرات المتنامية للصين.
ولم تصبح الصين مكتفية ذاتيا بفضل الإضافات الواسعة النطاق في طاقتها الإنتاجية في العامين الماضيين فحسب، بل إنها عززت أيضا صادراتها إلى بقية العالم منذ ذلك الحين. بعد أن وصلت صادرات الصين إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 1.4 مليون طن في عام 2021، بلغت حوالي 1.3 مليون طن في عام 2022. وفي الوقت نفسه، بلغت الصادرات في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023 أكثر من مليون طن، وهو ما يشبه إلى حد كبير رقم العام الماضي.
وبالنظر إلى المستقبل، قد يرى اللاعبون الأوروبيون المزيد من شحنات الواردات من آسيا بشكل رئيسي، إن لم يكن من الصين، حيث ستكون أوروبا بالتأكيد على القائمة وسط المنافسة الشديدة.
وتتعرض أسواق البولي إيثيلين الإقليمية لضغوط تنافسية من الشحنات الأمريكية، والتي تقع عند الحد الأدنى لنطاقات الأسعار. وتلقى الاتحاد الأوروبي المزيد من راتنجات البولي إيثيلين الأمريكية هذا العام، حيث ارتفعت الكميات بنسبة 9 ٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2022 إلى أكثر من 1.1 مليون طن خلال الأشهر التسعة الأولى. وإذا استمرت الصادرات في التدفق بهذه الوتيرة، فستظل الولايات المتحدة المورد الأول للاتحاد وستكون صادرات عام 2023 للعام بأكمله أعلى من 1.4 مليون طن المسجلة طوال عام 2022.
ومع النتائج الإيجابية، ستظل أوروبا واحدة من أفضل وجهات التصدير بعد الصين ودول أمريكا الجنوبية الكبرى، خاصة عندما يظل انتعاش الطلب بعيد المنال في هذه المواقع. ومن ناحية الأسعار، سيظل الموردون الأمريكيون قادرين على المنافسة بفضل هامش الإيثان المناسب للإيثيلين. ومن ثم، فإن بعض التجار في تركيا المجاورة لا يستبعدون إجراء تحقيق محتمل لمكافحة الإغراق بشأن البولي إيثيلين الأمريكي في المستقبل. وحول اتجاهات أسعار أوامر الشراء في أوائل عام 2024، كان اللاعبون يناقشون ما إذا كانت الأسواق ستكون قادرة على تحقيق انتعاش في وقت لاحق من الربع الأول مع ظهور توقعات شهر يناير بشكل مستقر. وبما أن البائعين قد بدأوا بالفعل في قياس القاع في ديسمبر، فسوف نشهد انتعاشًا في الربع الأول في مرحلة ما. وبعد أن قاموا بالفعل بتغطية احتياجاتهم مسبقًا، سيعود المعالجون إلى مكاتبهم بحلول منتصف يناير. وقد تبدأ الأسعار في رؤية مراجعات صعودية اعتبارًا من فبراير ومارس، حيث أنه من غير المستدام أن يتحمل منتجو البتروكيميائيات هوامش ربح ضيقة.
ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت طلبات الزيادة المحتملة ستؤتي ثمارها في فبراير، حيث من المقرر لهذه الفترة وصول المنتجات غير الأوروبية القوية، التي تم شراؤها بحلول نهاية الربع الرابع من عام 2023. وقد يؤدي ظهور الشحنات الرخيصة من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إلى إحباط محاولات الموردين الإقليميين لزيادة الأسعار.