مع دخول اليوم الثاني على الهدنة الإنسانية المؤقتة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والجيش الإسرائيلي، يمضي الغزيون أوقاتهم بتفقد أحوالهم ومحاولة التواصل مع عائلاتهم وأقاربهم، في حين يواصل النازحون لجنوب القطاع محاولة العودة لمنازلهم في مدينة غزة ومناطق شمال القطاع. وفي ظل الدمار الواسع الذي خلفّه العدوان الإسرائيلي طيلة الأسابيع الماضية، تواصل طواقم هندسة المتفجرات بالشرطة في غزة، العمل على إزالة خطر مخلفات الاحتلال من صواريخ وقنابل، كانت قد انهالت على منازل المواطنين دون أن تنفجر. أهالي غزة يقفون على أطلال مدينتهم وفي ذات الوقت، تسود أجواء الترقب والانتظار لإتمام الدفعة الثانية من صفقة تبادل الأسرى، المقررة بين كتائب الشهيد عز الدين القسام والجيش الإسرائيلي بوساطة قطرية، حيث من المقرر أن تعلن قطر عن عدد الأسرى من الجانبين الذين سيُفرج عنهم. الاحتلال يحذر السكان من العودة وتم الإفراج عن 24 أسيرة و15 أسيرًا من الأطفال، وعودتهم لأحضان عائلاتهم، أمس الأول، في حين سلّمت كتائب القسام 24 محتجزا لديها، هم 13 إسرائيليا و10 تايلنديين. ويعيش أهالي الأسرى الفلسطينيين مشاعر الترقب والقلق، حيث لم تعلن أي جهة رسمية بعد قوائم الأسرى المقرر الإفراج عنهم ضمن الدفعة الثانية أمس. استمرار تدفق المساعدات السعودية ومن المقرر أن تسلّم كتائب القسام عددًا من المحتجزين لديها للصليب الأحمر الدولي في غزة، بالتزامن مع تسليم الاحتلال لعدد من الأسرى الأطفال والأسيرات للصليب الأحمر في الضفة الغربيةالمحتلة. وبمشاعر مختلطة بين الفرح بالحرية، والحزن على آلاف الشهداء في قطاع غزة، استقبل آلاف الفلسطينيين الأسيرات والأسرى الأشبال المحررين أمس في مختلف مناطق الضفة الغربية، معبرين عن آلمهم وتضامنهم مع أهالي القطاع الذين فقدوا عائلاتهم ومنازلهم طيلة أيام العدوان الدموي. وكانت قطر، قد أعلنت الأربعاء الماضي (22 نوفمبر)، نجاح جهود الوساطة المشتركة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأميركية، بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة (حماس)، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق لهدنة إنسانية. ويقضي الاتفاق بإطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال لدى حماس من النساء والأطفال دون سن (19 عاماً)، مقابل الإفراج عن 150 أسيرا فلسطينيا من النساء والأطفال دون السن نفسه، من سجون الاحتلال. كما يتضمن، تكثيف إدخال الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود، إلى كل مناطق قطاع غزة، وضمان حرية حركة الناس وعدم التعرض لهم خاصة على شارع صلاح الدين، بحيث يمكن التنقل من شمال القطاع إلى جنوبه. وشملت البنود وقف حركة الطيران في جنوب القطاع على مدار أيام التهدئة الأربعة، ووقف حركة الطيران في الشمال 6 ساعات يوميا من الساعة العاشرة صباحا، وحتى الرابعة مساءً. شهداء واعتقالات في الضفة وفي الضفة الغربية استشهد طبيب، وأصيب آخران بجروح، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، في بلدة قباطية جنوب جنين. وأفاد مدير مستشفى الرازي في جنين فواز حماد، باستشهاد الطبيب شامخ كمال (25 عاما)، وإصابة شقيقه بالرصاص، خلال المواجهات المندلعة مع الاحتلال عقب اقتحام البلدة. وأوضح، أن الشهيد أصيب بالرصاص الحي في منطقة البطن أثناء خروجه وشقيقه من منزلهما، ما أدى إلى استشهاده على الفور، فيما أصيب شقيقه بالرصاص الحي في القدم، وشاب آخر في منطقة الفخذ. وأشارت مصادر أمنية ومحلية، إلى أن مواجهات اندلعت بين قوات الاحتلال والشبان، عقب تسلل وحدة خاصة "مستعربين" البلدة، ومحاصرة أحد المنازل بالقرب من مدرسة بنات قباطية. استئناف القتال بعد الهدنة ذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وعدت حكومته بالعمل على إطلاق سراح جميع الرهائن الذين احتجزتهم حماس، في هجوم على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر، أن مسؤولي الأمن الإسرائيليين يراجعون القائمة. وهذه الهدنة هي أول توقف في الحرب التي اندلعت قبل سبعة أسابيع، لكن الجانبين قالا إنهما سيستأنفان الأعمال القتالية فور انتهاء الهدنة. وعبر الرئيس الأميركي جو بايدن عن أمله في إمكانية تمديدها. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إنه تم نقل الرهائن المفرج عنهم، ومن بينهم نساء وأطفال إسرائيليون وعمال مزارع تايلنديون، إلى خارج غزة، وتسليمهم إلى السلطات المصرية عند معبر رفح الحدودي، برفقة ثمانية موظفين من الصليب الأحمر في قافلة من أربع سيارات، وبعد ذلك تم نقلهم إلى إسرائيل لإجراء فحوصات طبية. كما تم إطلاق سراح 13 إسرائيليا، بعضهم يحمل جنسية أخرى، بالإضافة إلى عشرة تايلنديين وفلبيني واحد من عمال المزارع، الذين كانوا يعملون في جنوب إسرائيل عندما تم احتجازهم رهائن. وفي المقابل تم إطلاق سراح 39 فلسطينيا من النساء والأطفال من السجون الإسرائيلية، وأدانت إسرائيل بعضهم بتهم أو احتجزتهم للاشتباه في حيازتهم لأسلحة أو ارتكابهم لأعمال عنف. ومن بين الرهائن الإسرائيليين الذين تم تحريرهم أربعة أطفال، برفقة أربعة من أفراد عائلاتهم، وخمس نساء عجائز. القضاء على حماس صعب قال بايدن إن هناك فرصة حقيقية لتمديد الهدنة، وإن وقف القتال يمثل فرصة حاسمة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. ورفض التكهن بالمدة التي ستستغرقها الحرب بين إسرائيل وحماس. وعندما سُئل في مؤتمر صحفي عن توقعاته، قال بايدن إن هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس مشروع لكنه صعب. وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن 196 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والمياه والإمدادات الطبية، تم تسليمها عبر معبر رفح أمس الجمعة، وهي أكبر قافلة مساعدات إلى غزة منذ هجوم حماس على إسرائيل والقصف الإسرائيلي للقطاع ردا على ذلك. وأضافت أن نحو 1759 شاحنة دخلت القطاع منذ 21 أكتوبر. واستغلت منظمات الإغاثة الهدنة لإجلاء المرضى وأفراد الأطقم الطبية من بعض المستشفيات بشمال قطاع غزة، والتي انهارت بسبب الهجمات ونقص الوقود. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس عبر منصة إكس، إن المنظمة ساعدت في نقل 22 مريضا من المستشفى الأهلي إلى جنوب قطاع غزة أمس. وأضاف "لتلبية جميع الاحتياجات الصحية في غزة، هناك حاجة إلى مزيد من الدعم وقبل كل شيء وقف دائم لإطلاق النار". قتل 66 % من الصحفيين ومنذ 7 أسابيع، أمطرت إسرائيل القطاع بالهجمات لتقتل حوالي 14 ألفا من سكان غزة، 40 بالمئة منهم تقريبا من الأطفال، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية. وفر مئات الآلاف من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، بما في ذلك معظم سكان النصف الشمالي من القطاع. وتفيد تقديرات نقابة الصحفيين الفلسطينيين بأن ما يصل إلى 66 من ممثلي وسائل الإعلام قتلوا، من بينهم ست صحفيات، مع اختفاء اثنين في غزة منذ السابع من أكتوبر. وبعد أن خضع الرهائن الإسرائيليون المفرج عنهم لفحوصات طبية أولية، قالت السلطات الطبية إنهم يبدون في حالة بدنية جيدة ويخضعون لمزيد من الفحوصات. وفي المقابل، أطلق سراح 24 أسيرة فلسطينية و15 طفلا. وقال شهود إنه في ثلاث حالات على الأقل، قبل إطلاق سراح السجناء، داهمت الشرطة الإسرائيلية منازل عائلاتهم في القدس. وامتنعت الشرطة عن التعليق. قالت سوسن بكير، والدة الأسيرة الفلسطينية مرح بكير (24 عاما) التي سُجنت ثماني سنوات بتهمة تنفيذ هجوم بسكين في 2015، "فش فرحة أصلا حتى الفرحة الي بنستنى فيها"، وشوهدت الشرطة الإسرائيلية وهي تداهم منزل سوسن في القدس قبل الإفراج عن مرح. وأضافت سوسن "عمالنا بنستنى، ومش قادرين نفرح بسبب الأوضاع إللي في غزة". أسير فلسطيني ضمن المفرج عنهم في صفقة التبادل (رويترز) عائلات استغلت الهدنة للخروج من شمال غزة (رويترز) سيارة للصليب الأحمر تقل الرهائن الإسرائيليين (أ ف ب)