الاقتصادات المؤثرة عالميا ونحن في هذا العهد المبارك نسير نحو فلكها لم تنهض معرفيا وصناعيا واقتصاديا إلا نتيجة استقطاب القيادات التنفيذية الأجنبية المتميزة علميا ومهنيا وأخلاقيا وفق بنود تعاقدية تحفظ حقوق ومصالح ما تقدمه تلك الدول من إمكانيات وتسهيلات وتفرضه عليها من محددات لحماية مصالها، لأن الفائدة في الاستعانة بهذه القيادات مشترك بين الدولة المستقطبة والطرف المستقطب، فهم يفيدون بما لديهم من خبرات وتجارب ويستفيدون مقابل ما يقدمونه من جهود رواتب ومزايا مالية مجزية وتفوق بكثير ما تقدمه لهم دولهم بمراحل؛ ولهذا نعتقد بأن الانفتاح المدروس بحسب الاحتياج الضروري على الجنسيات الأجنبية لاستقطاب المتميزين من القيادات التنفيذية ذات الكفاءة والخبرة النادرة في ملفات محددة ومناصب معينة يظل خياراً للمساهمة في النهوض بما تزخر به مملكتنا الغالية في هذا العهد الميمون من مشاريع وبرامج تنموية متنوعة لتحقيق أهدافها، متى تم تقنينه بالشكل الذي يحقق الغايات والمصالح الوطنية منه، وبأن لا يكون الاستعانة بخدمات الأجنبي على إطلاقه ودون قيود، في ظل ما يزخر به وطننا من كفاءات وطنية قيادية عالية التأهيل من أفضل الجامعات العالمية وتشكل لديها خبرات تراكمية متفردة، ومع ذلك يستغنى عن خدماتها وهي في عز أوجها بالإحالة إلى التقاعد، مقابل استقطاب غيرهم ممن يتجاوزهم في العمر بمراحل ويتساوى معهم في الخبرات والقدرات، وأن يقيد خيار استقطاب القيادات الأجنبية بتميزها بخبرات فنية دقيقة ونادرة وعدم توفر ما يقابلها من خبرات وطنية. استقطاب الخبرات التنفيذية الأجنبية يفترض أن يقترن باحتياجات تنموية تقيده، وبنود تعاقدية تؤطره، وخطة عمل تنظيمية وفنية تحدد مسيرته وأجله ومستهدفاته، وأن لا يترك الأمر لرغبات بعض القائمين عليه من المسؤولين عنه وعلى حساب تحقيق الأهداف من الاستقطاب والمتمثلة في مصالح الوطن وأفضلية أبنائه، فهناك بعض المسؤولين -الذين نزعم بأنهم قلة- من يفضل الاستعانة بالقيادات الأجنبية على الكفاءات الوطنية، لأن الأجنبي من وجهة نظرها يسهل إدارته، وهو ما يعطي مساحة لذلك المسؤول المشرف على الأجنبي نوعا من حرية التحكم في إدارة الجانب الإداري، وكذلك إلى حد ما التدخل في المحور الفني في المشاريع والمبادرات، وفق ربما ما يراه أو يحقق مصالحه الشخصية الضيقة؛ إضافة وهو الأهم أنه يغفل عند استقطاب هذه القيادات الأجنبية تبيان محددات تعاقدية مهمه توضح نطاق عملها في إعطاء الأولوية لما يقع تحت إشرافها من فرص وظيفية لأبناء الوطن، وكذلك توضيح طريقة تعاطيها أو تفاعلها بخلاف عملها مع قضايانا قضايا الشأن الداخلي، لأن التقيد بالسبب الفني البحت والمتفق عليه لتواجدها على أراضي مملكتنا الغالية مفترض الالتزام به، ولكن كذلك يتوقع منها ضمنيا احترام مصالح هذا الوطن العزيز وقيادته وشعبه وأنظمته وقيمه وتقاليده ومشاعره، وأن يمتد هذا الالتزام والاحترام لهذه البنود المتفق عليها حتى بعد انتهاء فترة عملها، وأن يكون المسؤول المعني بالاستقطاب مسؤولا إذا ظهر خلاف ذلك.