كل موهبة من الله لصاحبها تعد ثروة له و في الوقت نفسه أمانة عنده ، له إيجابياتها عند الاستخدام ، وعليه سلبياتها ، كما أنها عنده أمانة و نعمة ، فتصرفه فيها يستلزم مراقبة من وهبها ، فلا يستخدمها في ضرر ولا ما يغضب الله عز وجل وهذا شامل في كل مجال ، وإنما خصص هذا المقال للشعر و موهبته والتعبير بالكلمة المشبعة بالإحساس والشعور ، والكلمة كما نعلم كالرصاصة ، تصيد وتمنع وتدفع وتقتل و تحمي وتردع وتطيب وترتفع أو تهبط بصاحبها وتوجع. فالأمانة في الشعر والنثر والنشر تعد من أوجب الواجبات ، لما يترتب على ذلك من سرعة التأثير على النفوس ومخاطبة الشعور والمشاعر والأحاسيس وتغيير النفوس ، فهذه المجالات أساسية في التواصل فإذا تأكدت فيها الأمانة والمصداقية كانت مؤدية لرسالتها ، ومعروف أن هذه لها وقعها وأثرها في ردود أفعال الناس والمتلقين وتفاعلهم سلبا كان أو إيجابا. فكم من بيت شعر نبه غافلا أو منع تصرفا أو حث على خير أو زجر متهورا أو شجع مترددا أو شد من أزر جماعة أو أرشد ضالا. والجميع متفقون على أن الشعر بوح وتعبير يوصل فكرة والمعاناة سبب والمتلقي متأثر بمضامين الشعر سلبا أو إيجابا ، فهو في كل حالاته تعبير صادق أو يفترض أن يكون ، والانحراف عن المصداقية نشاز واستثناء لا يعتد به ، فالقريحة عادة تتحرك من واقع ومعاناة ، ومجال التعبير عنها محكوم بالعقل والتروي ورصد النتائج ، لا بالعاطفة وحدها ولا بما تهوى النفس من رغبة في انتقام أو إيذاء أو حتى مدح أو شهرة أو تحقيق مكسب مؤقت لا وزن له. فالشاعر الأمين لا يمدح من يستحق الذم ولا يذم من حقه أن يمدح ويثنى عليه ، فالهجاء في حق الأنقياء جرم ، كما أن رفع الوضيع وضاعة. وتغير العاطفة أحيانا مسار التعبير وقد يعمي بريق الضوء ويصم صوت التصفيق فينجرف البعض فلا يفيق إلا بعد فوات الأوان و بعد أن يستلم النشر زمام الفضاء ويطلق العنان لحصان لم يروض ، ويكون الشاعر قد زل في حق نفسه وحق غيره ، والسبب غياب الأمانة التي يفترض أن تكون هي الرقيب في كل كلمة وعبارة تقال . يقول الشاعر: عبد الله المفضلي الشمري : وصلت بي الحال اقول البيت وازيله اخاف من بلشةٍ تصعب عواقبها لاشفت ابو قلبٍ اسود شال دربيله عين الجرادة على الغافل يصوبها احذر لسان الردي واقطع مواصيله لو هي تجيني كذوبه يوم يكذبها ابعد عن الشر في دربي واغنّي له والشجرة اللي بها الديبان اجنبها عندي شعورٍ يسر النفس تفضيله النفس فرقى غثيث الناس يطربها مانيب شاعر نفاقٍ زاد تطبيله يمدح ضعوفٍ على الطفسة يصاحبها انا غريبٍ سراب البيد يومي له ارتاح في ديرةٍ قفرٍ مضاربها يقلع بي الناي واطرب مع مواويله واسعد مع النود لا هبت هبايبها ويقول الشاعر : سليمان الهويدي رحمه الله : يا صالح البحث خله واترك الماضي عوج الليالي عسى ربك يعدلها لاتتبع النفس ترث فيك الامراضي وادع الحواسيس عنك لا تخيلها واعمل بدنياك وآخرتك وكن راضي وارزاقنا عند رب العرش كافلها واسلك طريق سليم فيه تعتاضي بعض المواقف تبيض وجه فاعلها واحذر تسارع على الهرجة وتغتاضي ودعوى تعداك لا تشرح بفايلها عندك خبر بالعلوم طوال و عراضي ما تقضي الحاجة اللي ما تقوم لها وافطن لوقتٍ رمى راعيه بالحاضي دنيا لشروى الفهد تنصب حبايلها الوقت كالوقت والافراض الافراضي هذي نجوم السماء وهذي منازلها به ما تبدل ومد البحر ما فاضي تبدلن الضماير من يحللها لو تنصف الناس ما نحتاج للقاضي تلقى المحاكم خفيفاتٍ مشاكلها ولو مالغنايم تجي وهبات وحظاظي كان أكثر الناس ما تشوفه محصلها ومن راقب الخلق يكسب هم بالفاضي وكلٍ هدومه على قده يفصلها والختم اصلي عدد ما بارقٍ ناضي على نبي بدا السنة وكملها سليمان الهويدي عبدالله محمد المفضلي الشمري