يُروى عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: اعتزل كل ما يؤذيك، وعليك بالخليل الصالح وقلَما تجده، وشاور في أمرك الذين يخافون الله. رضي الله عنك يا عمر، وتعليقاً عليه أقول: -من خلال تجربتي في تطبيق التك توك منذ انطلاقته في عام 2017م قد لقيت العجب العجاب، فقد وجدت أن هناك خلطة من الحسابات التي تنقسم ما بين من يدعي حراسته للفضيلة وربما قد يصدق فالنوايا علمها عند الله، ومن يناصر الرذيلة، يظهر من خلال ما يبديه من عداء مستحكم من الدين، ولقيم المجتمع وأخلاقياته، لأنه يراها تقف في طريق ممارسته الانحلال المنفلت وفق حرية غير منضبطة، وحسابات لديها أجندات عقدية وفكرية، تنطلق خلف أهداف تسعى إلى تحقيقها، كحسابات ناكري السنة والملحدين والمشعوذين، عادة يقف خلفها جهات خارجية لدعمها، ومعظم الحسابات في التطبيق مجهولة، فيمكن وصف أصحابها «بالمبرقعين والمبرقعات»؛ يشذون في أفكارهم، ويطرحون آراءهم بدون تحكيمها بميزان الدين والعقل: «يخشون الناس أكثر من خشيتهم لرب الناس»، وهم يعلمون أن الله جلت قدرته: «يعلم سرهم ونجواهم ويعرف مكرهم وأقوالهم وأفعالهم». يقول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) لهذا أقول بعد هذه التجربة للعقلاء فقط: لا تكثروا من اللوم والعتب، ولا تسرفوا في الوعظ والتوجيه، فجهودكم ستصب في آذان حشيت وقراً، وعندما لا يكون الأمر ممكناً لممارسة أجواء التعبير عن طروحاتكم في خط من الاعتدال والحكمة، فعليكم «الرحيل من هذا التطبيق، أو التجاهل في حالة الرغبة في البقاء في التطبيق دون الدخول في معترك الفوضى»؛ فليست سوى مسألة وقت، حتى يمكن لمن سيبقى في تطبيق التك توك رصد «سقوط الأقنعة عن كثير، وظهور زيف مدعي الفضيلة، ومن يقف خلف الرذيلة، وانكشاف أهداف من يقفون خلف الحسابات المجهولة». أقولها صراحة للعاقل بعد تجربتي: «ارحل» عندما تحس بأن الأجواء قد أصبحت خانقة، وأنك غير قادر على المحاورة والمناقشة وفق أجواء تؤمن بأهمية الحوار وبأدبياته، ويقدر مسؤوليات الكلمة «ارحل» عندما تلمس أن «الإسقاط والقذف والشتم وإلقاء التهم» تلقى بدون إنكار من أحد، بل ربما يشرعن البعض القذف «ارحل» عندما تلمس أن ما يدور من حوار أبعد ما يكون عن الحوار البناء المثمر السليم الذي من خلاله «تنبثق الحقيقة ويشع النور كما قال سقراط»؛ أقول: «ارحل» عندما تشعر أن هناك أناساً في التطبيق يسعون لإرضاء البشر ويطلبون مناهم، مع أن الله أحق أن يُرضى، وكلمة الحق أحق أن يُصدح بها، «ارحل» ولا يغرنك ما يدور من محاورات حول قضايا «تمس الرجل والمرأة» قد لا تمثل الواقع، فكثير من المبالغات حول تلك القضايا تحدث في العالم الافتراضي، ولا تعكس حقيقة ما على أرض الواقع، رغم عدم إنكاري بأن هناك «أخطاء في حياة الرجل والمرأة» لكنها لا تعمم، وأقول لا تنخدع بمن يزعم مناصرة المرأة «فالمرأة في غنى عمن يدافع» عنها فهي الأحق بالدفاع عن نفسها أولاً، ولديها محارم وأهل هم أولى من الغرباء بالدفاع عنها ثانياً، وثالثاً الدولة -أعزها الله ونصر ولاة أمرها- قد كفلت حفظ حقوق المرأة، وقررت حزمة من القوانين والأنظمة لحمايتها وحفظ حقوقها. لهذا أقول للعقلاء من الجنسين: «ارحلوا» مادامت الأجواء في «تطبيق التك توك خانقة» وغير صالحة للحوار، ومؤذية، وأن من يقود الرأي فيه هم من «الجهلاء الدهماء الحمقى» الذين لا يتورعون من الإسقاط والقذف والشتم، وقد تصدروا المشهد، واعلموا أنكم بمحاورتكم الحمقى توقعوا أن يسقطوا عليكم، وقد قيل: «لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما». أقول للعقلاء من الجنسين: «ارحلوا» عندما لا يمكنكم إيصال رسائلكم الهادفة، عندما لا يكون وجودكم في وسائل التواصل، سوى كسب المزيد من الذنوب والخطايا والآثام، وكسب السيئات، وهدر المزيد من الوقت الثمين من أعماركم، فالعمر وما بقي فيه أثمن، من أن يضيع هدراً دونما فائدة لا ترجى «ارحلوا» ولا تعودوا «إلا» عندما ترون أن الأجواء قد تحسنت أو تغيرت نحو الأفضل وإلا فالرحيل أفضل، ولا تخشوا ترك الساحة بعدكم، فالله قد تكفل بحفظ دينه وكتابه وسنة رسوله، واعلموا أن الغلبة دوماً للفضيلة، والخسران للرذيلة «ارحلوا» واقتربوا من كل قول وفعل يقربكم من الله زلفى، وتزودوا من كل ما من شأنه، أن يسعدكم ويقوي إيمانكم. وعوداً على بدء أقول: «اعتزلوا» كل ما يؤذيكم، فالدنيا قصيرة، ورحلة العمر أقصر، والتزود من الطاعات أعظم فائدة من ضياعها في البثوث والغوص في «حوارات الطرشان» التي لا تفضي إلى نتائج ومعالجات بناءة، ولعل خير الزاد التقوى لكسب المزيد من الحسنات فهي التي تنفع العبد في ذلك اليوم العظيم، الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. ما يدور في التك توك له أضرار على المجتمع أفراداً وأسراً تحتاج وقفة صارمة لصون المجتمع وأفراده.