لازمتُ كتاب «دع القلق وابدأ الحياة» ملازمة زرار الثوب للصدر، وخرجت منه بجملة من الوصايا التي لها أصل في الشريعة. وأقول وبلا تردد ونفسي مطمئنة إنه من الكتب التي أثّرت فيّ في وقت سابق، إذ عشت معه كالظل لصاحب الظل، وغير مرة نمت وهو على صدري، هو نسخة مخبأة من كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) ولكن من منظور إسلامي وعليهما قامت فكرة كتاب لا تحزن. ومما يذكر أن الشيخ عبدالرحمن بن سعدي -رحمه الله-: رأى كتاباً في إحدى المكتبات في رحلة علاجه إلى بيروت عنوانه (دع القلق وابدأ الحياة)، فاشتراه ثم قرأه وأُعجِبَ به، وقال: إن مؤلّفه منصف ثم اشترى نسخة أخرى ليضعها في مكتبة عنيزة، وطلب أقلاماً وأوراقاً، لأنه عزم على تأليف رسالة على ضوء ما كتبه (كارنيجي) قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: «أراني -السعدي- مرة رسالة صغيرة اسمها: «دع القلق وابدأ الحياة» وقال: هذا كتاب جيد وربما ألّف الرسالتين الصغيرتين على أساسه، يقصد: «الوسائل المفيدة في الحياة السعيدة» و»الدين الإسلامي يحلّ جميع المشاكل» انتهى كلام الشيخ. قلتُ ولا غرابة في ذلك، فقد تعلم أبو هريرة فضل آية الكرسي من شيطان. ومن القلق ما يسمى (قلق السعي إلى المكانة) وهذا عنوان كتاب ألفه الفيلسوف البريطاني آلان دو بوتون بطريقة مرحة ومسلية للراغبين في طرق البحث عن حب الناس وتقديرهم لنا، أي عن مكانتنا في نظرهم. في هذا الكتاب يوضح دو بوتون أن سعينا لأن نكون محبوبين ومقدرين يتفوق على سعينا لحيازة أي شيء آخر. لكن الذي قصدته من عنوان المقال شيئاً مختلفًا عما قصده المؤلف (دو بوتون)، فابتداء القلق هو الشعور غير السار المصحوب بالخوف والجزع من أحداث متوقعة وربما أنها قد لا تقع إلا أن القلق يستدعيها فتقع، على حدّ قول المتنبي: وما الخوفُ إلا ما تَخَوَّفَه الفتى وما الأمنُ إلا ما رآه الفتى أَمنا إن المرء العاقل لا يستطيع أن يمنع طيور القلق أن تحلق فوق رأسه لكنه يستطيع أن يمنع جيوش الهم أن تخيم وتعسكر في رأسه، لأنه وإن فعل فقد فقد لذة يومه، وما أدرك ما سيأتي به المستقبل! فلا هو الذي عاش اللحظة ولا هو الذي أدرك ما بعدها. لقد تسببت أشياء صغيرة القلق لكثير من الناس وكان يمكنهم أن يتغاضوا عنها وينسوها وكان عليهم أن يتذكروا أن الحياة أقصر جداً من أن يهتموا بالصغائر. فلنغلق الأبواب على الماضي والمستقبل ولنعش في حاضرنا ولنترك المستقبل حتى يأتي. وهذه نصيحة ديل كارنيجي لمن يعانون: «من القلق، أن يستغرقوا في العمل لينسوا، فالرأس البشري لا يستطيع أن يفكر بشأنين في وقت معًا فلنشغل عقلنا بعمل ما لننسى التفكير بمخاوف المستقبل». فبعد التجربة: العمل يقضي على القلق، يقول برناردشو: «سر تعاستك أن يكون لديك من الفراغ ما تسأل نفسك هل أنت سعيد أم لا». اقرؤوا هذا الكتاب -دع القلق ... - وسترون منه ما يدهشكم ويجعلكم تلازمونه، فهو من أشهر الكتب وأكثرها مبيعاً في العالم، وقد استغرق تأليفه ست سنوات.