في استطلاع للرأي أجرته منظمة (أفضل بيئة عمل) أشار 98 % من الباحثين عن العمل إلى أن ثقافة الشركة ذات أهمية في البحث عن وظيفة. ثقافة المنظمة وصورتها الذهنية في المجتمع لا شك أنها عامل مؤثر في قرار اختيار الوظيفة.. يتبع ذلك سؤال: ما الحالة حين لا تتوفر فرصة الاختيار للباحث عن وظيفة، حين يلتحق مجبرا لظروف مادية للعمل في منظمة لا يتفق مع ثقافتها؟، حين يتثاقل الموظف في الذهاب إلى عمله، حين يكثر الحديث عن الفرص الوظيفية، حين يتغيب عن العمل، أو يكثر من طلب الإجازات، حين يتعمد التسويف، حين يعود من عمله لا يريد أن يتحدث مع أحد، حين يفعل ما سبق، هل معنى ذلك أنه اختار العمل في المكان الخطأ؟ أليست تلك السلوكيات السلبية مؤشرات على أن الموظف غير سعيد مهنيا؟ واضح عدم توفر السعادة المهنية لكن هل الأسباب واضحة للإدارة وللزملاء وللأسرة أم يحتفظ بها الموظف لنفسه؟ إذا اكتشف خطأ الاختيار وقرر المغادرة، فهل ستجري معه الإدارة مقابلة خروج لمعرفة أسباب قراره؟ في حالة اختيار أخرى عكسية حين تبادر المنظمة إلى استقطاب أحد الكفاءات المتميزة في مجال مهم يخدم أهداف المنظمة ويرتقي بأدائها ثم تظهر على هذا الشخص علامات عدم السعادة المهنية.. ما الحل؟ هل وجد نفسه محبطا في بيئة عمل لا أمل في تطويرها؟ هل جاء ليتفرج على بيئة عمل محبطة أم جاء لينقلها إلى آفاق جديدة متطورة ثم وجد نفسه في بيئة مختلفة لا يستطيع التأقلم معها؟ لماذا إذن قبل الوظيفة، هل بسبب العامل المادي أم العامل الاجتماعي؟ إذا كان قبوله للوظيفة تم استنادا إلى ثقافة المنظمة، فكيف تعرف على هذه الثقافة؟ هل كان ذلك عن قرب، أم عن طريق أصدقاء، أم عن طريق الإعلام، أم عن طريق الإصدارات المتخصصة؟ هذه الأسئلة نفسها يفترض أن تصدر من المنظمة قبل قرار الاستقطاب، على ماذا استند قرار الاستقطاب، معرف شخصية، توصية صديق، بحوث، إنجازات، سيرة ذاتية، أم ماذا؟ المعروف أن من أسباب السعادة المهنية شعور الموظف بأهميته، فإذا كان هذا الموظف قادما جديدا للمنظمة ومستقطبا كقيادي أو مستشار لإحداث تغيير وتطوير ثم لا يجد الترحيب من المخضرمين فكيف يتصرف؟ هل يستسلم رغم ثقة قيادة المنظمة به ودعمها له أم يستسلم لأنه ينتظر دعم الجميع الذي يندر أن يتحقق؟ في حالة المستشار الذي يعمل مع المنظمة بصفة مؤقته سيعتمد نجاحه في تحقيق خطة عمله أن يعمل بمهنية خالصة يعزل فيها بين ثقافته الخاصة أو انطباعاته السابقة وبين المهمة التي جاء من أجلها، سينجح إذا قدم الحلول ولم يكتف بالانتقاد. الحلول تتطلب تقييما مهنيا شاملا لا يتحقق بدون مشاركة الجميع ورغبتهم في التغيير، أما القيادي القادم الجديد للمنظمة بهدف التطوير بدءا من ثقافة المنظمة فسيكون أمام تحدّ كبير، فهل ينتصر على الثقافة القديمة أم تنتصر عليه؟ تلك قصة أخرى تحتاج إلى قراءة عميقة لفهم أبعادها وتفاصيلها وما يرتبط بها من عوامل نجاح أو فشل.