لا شك أن التخصص العلمي والخبرة عاملان أساسيان في تحقيق النجاح. هذا النجاح لا يكتمل بدون اتجاهات ايجابية تجاه الآخرين . كيف يستطيع المدير أن يكون احترافيا في عمله، يحرص على جودة الأداء، يتسم بالجدية والصرامة والتركيز الكلي على مسؤوليات العمل والنتائج، وفي نفس الوقت يتسم بالتعامل الإنساني المحترم مع الجميع. الصفات المهنية لنجاح أي مدير معروفة ومنها الالمام بطبيعة العمل، والقدرة على التخطيط والتنظيم واتخاذ القرارات والتطوير، واستقطاب الكفاءات. ماذا عن الصفات الأخرى؟ ماذا عن التحفيز، والتواضع, والاصغاء لأفكار الآخرين, وفرص المشاركة؟ ماذا عن الصفات التي تجعله قدوة في أخلاقه؟ القيادة هي امتلاك القدرة على الفعل وليس رد الفعل. من يكتفي برد الفعل سيكون جالسا على مقعد الانتظار ينتظر ماذا يحدث. الانتظار ليس من صفات القيادة. التغيير نحو التطوير لا يتحقق إلا بقدرة القيادي الإداري على التأثير . هذا التأثير قد يضعف حين يقوم القيادي الإداري بمهام الإدارة ويغرق في تفاصيل العملية الإدارية المتعلقة بالتنظيم والتنسيق والمتابعة, في حين أن موقعه القيادي يحتم عليه أن يتعامل مع الاستراتيجيات، والإشراف، والتحفيز على الابتكار والإبداع والتكيف لمتغيرات المستقبل, ورفع الروح المعنوية واكتشاف قيادات المستقبل. بعض القياديين الإداريين لا يكتفي بتحديد الغايات بل يكون هو الوسيلة لتحقيق تلك الغايات وبهذا يكون هو الكل في الكل ولا يترك مجالا للمشاركة ونمو الآخرين فيضعف الانتماء والحماس وتقوى الاتكالية, ويؤدي ذلك إلى نتائج سلبية. هل يلجأ القيادي للممارسة المشار إليها لعدم توفر الكفاءة في فريق العمل أم لأنه يعتقد ذلك ولم يختبرهم بسبب تعلقه بالمركزية؟ وإذا افترضنا أن الكفاءات غير متوفرة فلماذا لا يوفرها إلا إذا كان يستمتع بوجود فريق يحمل اسم (نعم). ثقة القيادي بفريق العمل الذي تشكل باختياره وحسب معاييره هي الحل لتحقيق التناغم والانسجام واستثمار قدرات الجميع. في مجال التربية يوجد في بعض البيوت من يمارس المركزية بحسن نية فلا يترك فرصة لأبنائه للتعلم, يفعل ذلك بدافع الحب لكنه حب مبالغ فيه ينطوي على سلبيات تؤثر على شخصية الأطفال وسلوكهم في المستقبل لأنه يحرمهم فرص المشاركة والتعلم بالممارسة والتطور وهذا ما يحدث في بيئة العمل مع اختلاف الدوافع. هل الأب الذي يمارس المركزية في البيت هو نفسه الذي يمارسها في العمل؟