ترتبط الإدارة بالقدرة على التأثير بالناس، والمدير الحقيقي هو من يجب أن يكون من الشخصيات الجاذبة للآخرين لأجل أن يتبعوه، وليست الإدارة بالسيطرة، بل أن تشعر أنك تستطيع إدارة وتوجيه الآخرين بمحبه ورضا تام منهم. فالإلهام والدعم وإبراز القدرات يشعرهم أن عملهم ذا قيمة ويعطي المجال للإبداع ويخرج أفضل الطاقات التي يمتلكها فريقه، ولن يتمكن من إدارة الآخرين إلا عندما يمتلك القدرة على إدارة نفسه أولاً. إن أفضل المدراء من يكون منهم على علم ومعرفة بكيفية إدارة ذاته بطريقة فعالة. ذات يوم كنت في لقاء مع أحد المدراء والذي كان يدير إدارة من أهم الإدارات في جهته التي يعمل بها، وقتها انتظرت أمام مكتبه حيث سمح لي موقعي مشاهدة وسماع ما يدور داخل مكتب هذا المدير، كان يجلس بكامل هيئته، ويقف حوله ثلاثة من الموظفين منهم من يطلب توقيع إحدى الأوراق، والآخر يستفسر عن إجراء معين في حالة ما، أما الثالث فهو يسأل عن تأخر في طلب له، وهذا المدير كان يستمع لهم بهدوء وثبات كان واثقاً ودوداً وينصت إلى ما يقولونه باهتمام حقيقي. وبكل يسر وبدون أية ضجيج أنهى مطالب الموظفين بشكل يثبت مدى خبرة هذا الشخص. وبعد أن عمّ الهدوء في المكتب وأتى دوري وأنهيت معه أعمالي سألته بشكل مباشر: هل تطمح في إدارتك أن تكون محبوباً؟ قال بعد تفكير: الشعور أنك محبوب أمر له بهجته ولا أحد يقبل شعور أنه مكروه مهما كان هذا الشخص قوياً؛ لكن كونك محبوباً ليس له صلة بالإدارة؛ فكل ما أحتاج إليه كمدير هو الاحترام أكثر من المحبة، والاحترام يكتسب مع الوقت من خلال ما تتحلى به من صفات مثل النزاهة والثقة والأمانة وهي أساسيات تكسبك ثقة الآخرين. قلت له: وما وجدت في إضافة هذه اللمسة الإنسانية في تعاملك مع الموظفين وتسهيل أمورهم؟ رد ببساطة متناهية: الراحة والسعادة الداخلية؛ واسترسل قائلاً: المدير المسؤول عن فريق يجب أن يُكرم المجتهد ويحاسب المقصر بعد أن يبحث في أسباب تقصيره ويعينه على تطوير أدائه، إذا كنت واثقاً بذاتك وصادقاً وعلى استعداد تام بتحمّل كامل المسؤولية كقائد فريق تعتذر عند خطئك بشجاعة ولا تتهرب وتعدل الأخطاء، وتشركهم في إنجازاتك ونجاحاتك عندها سيشعر من يتبعون لك بالارتياح ويتحسن أداؤهم. إن هذا النموذج من المدراء يتمتع بصفات تميزه عن غيره أولها وأهمها خبرته التي اكتسبها من مدرسة الحياة كذلك يتمتع بذكاء عاطفي كاف يجعله متحكم في مشاعره مسؤول عن معنويات فريقه فكما قال آلان هستر: ( الإدارة هي إنجاز المهام من خلال الآخرين عن طريق خلق بيئة تمكنهم من تقديم أفضل ما لديهم). ولخلق هذه البيئة يجب أن تكون بقيادة مدير حازم، ذكي اجتماعياً وعاطفياً قادر على إدارة ذاته فإن أردت أن تدير الآخرين بشكل ناجح عليك أولاً بإدارة نفسك واحتفل بالنجاح بمجرد أن تحققه، ثم اتفق على الهدف التالي مباشرة.