اعتبر محللون إسرائيليون إطلاق صواريخ من جنين صوب منطقة جلبوع القريبة، حادثة خطيرة وغير مسبوقة، وطالبوا الجيش الإسرائيلي بالتحرك قبل أن تصل الصواريخ إلى المدن الإسرائيلية الأخرى. وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عصر أمس، بإطلاق صاروخ من مدينة جنين صوب موقع إسرائيلي، وسقط داخل أراضي الضفة دون وقوع إصابات، وأعلن أن الجيش فتح تحقيقا في الحادثة. المحلل في موقع "والا" أمير بوخبوط، قال تعقيبا على إطلاق الصاروخ: "مسألة وقت فقط وتنطلق الصواريخ من جنين وتصيب المناطق الإسرائيلية، والسؤال الآن، ما الذي ينشغل به الجيش الإسرائيلي؟". في غضون ذلك، أوضح المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون أن الصاروخ المحلي الصنع في جنين سقط على بعد 150 مترًا من نقطة انطلاقه. المحلل أشار إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعترف بوجود محاولات من خلايا المقاومة لتصنيع وإطلاق الصواريخ شمال الضفة، وهذه الحادثة غير مسبوقة، وهي الثالثة في أقل من أسبوع، بعد القصف الذي نفذه الجيش في جنين. في حين اعتبر مراسل القناة 14 العبرية هيلل بيتون روزين، أن إطلاق الصواريخ من الداخل، من جنين ليس جديدا، حيث في السبعينيات تم إطلاق صواريخ كاتيوشا على القدس وحتى على مدينة بتاح تكفا، مما أسفر عن مقتل 4 إسرائيليين، وفي العقد الأول من القرن الحالي أطلقت قذائف الهاون على حي جيلا في القدس، بحسب قوله. وينوه روزين أن القدرة الاستخباراتية والإجراءات المضادة التي تمتلكها إسرائيل اليوم، والسيطرة التي يجب أن تكون على الأرض ليست كما كانت قبل 20 عامًا، وبالتأكيد ليس كما قبل 50 عامًا. ونبه المراسل العسكري لإذاعة الجيش دورون كدوش إلى أنه خلال أسبوع في جنين، وقعت سلسلة أحداث، أولها انفجار عبوة ناسفة قوية في جنين مما أدى إلى إصابة 6 جنود وإلحاق أضرار جسيمة بمركبة عسكرية التي جرّت الجيش الإسرائيلي إلى عملية إنقاذ مدتها 8 ساعات تحت إطلاق النار، وغارة جوية من مروحية قتالية لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية، والقضاء على خلية إطلاق نار في جنين عبر طائرة مسيرة لأول مرة منذ 2006، وأخيرا إطلاق صاروخ من باتجاه موقع جلبوع وانفجر في منطقة خط التماس. صواريخ بلا توقف أما مراسل القناة 13 العبرية، ألموغ بوكير، فأشار إلى أنه في عام 2001 تم إطلاق صاروخ من قطاع غزة، ثم أدت سياسة احتواء ذلك إلى إطلاق صواريخ بلا توقف علينا لأكثر من 22 عامًا، بحسب قوله. ويطالب بوكير حكومة نتنياهو- غالنت باتخاذ قرار اليوم والرد بقوة على إطلاق الصواريخ من جنين، محذرا بالقول: "وإلا فإن مناطق العفولة وجلبوع ومجدو ومناطق أخرى سيتعين على الإسرائيليين فيها الذهاب للنوم في مدن الوسط هربا من الصواريخ". وعلى وقع الصاروخ دار سجال حاد بين عضو الكنيست داني دانون ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال نقاش داخل الليكود حول إطلاق الصاروخ، حيث قال دانون: "رأيت تقريرًا من الضفة يفيد بأن صاروخًا أطلق هذا الصباح من جنين، وفي الأسبوع الماضي قتل 4 مستوطنين يهود، وحتى الآن نحن لم نرى أي رد". وأضاف دانون: "ماذا ننتظر أن تتحول جنين إلى غزة، نحن نعلم أن هناك مخططات منتظمة للتعامل مع التصعيد الأمني في شمال الضفة، ولماذا لا يوافق عليها المستوى السياسي؟". وبحسب موقع "والا" العبري، رد نتنياهو على دانون غاضبا بعد طرق الطاولة: "أنت هاجمتنا أيضا خلال عملية الدرع والسهم في قطاع غزة، نحن نعمل طوال الوقت". إرهاب المستوطنين اتهمت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى الحكومة الإسرائيلية، بأنها تمنع أجهزة الأمن من التعامل مع إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربيةالمحتلة، وفق ما نقلت عنهم صحيفة "هآرتس" العبرية، الثلاثاء. وبحسب المصادر نفسها، فإن الجيش الإسرائيلي "والشاباك" فقدا السيطرة والقدرة على العمل ضد المستوطنين في الأشهر الأخيرة، وأن إرهاب المستوطنين يتم "بتشجيع من وزراء وأعضاء كنيست من أحزاب الائتلاف". وأضافت المصادر أن المستوى السياسي يمنع أجهزة الأمن من تعزيز قواتها في الضفة الغربية من أجل منع "الجريمة القومية"، وهي التسمية الإسرائيلية لإرهاب المستوطنين، وأن المستوى السياسي لا يسمح لأجهزة الأمن بإخلاء مستوطنين من بؤر استيطانية يقيمونها. وشددت المصادر على أن المستوى السياسي يطالب أجهزة الأمن بعدم منع إدخال معدات إلى البؤر الاستيطانية الجديدة. وقال مصدر أمني مطلع على تفاصيل سياسة حكومة نتنياهو للصحيفة بهذا الخصوص، إنه "أصبحنا عمليا بدون قدرة سيطرة ميدانية على مثيري أعمال الشغب الذين ينفذون ما يشاؤون في يهودا والسامرة. والشرطة ليس موجودة في المنطقة ولا يبدو أنه ستتواجد". وأشار المصدر نفسه إلى أنه منذ عملية إطلاق النار في مستوطنة "عيلي"، يوم الثلاثاء الماضي، وقعت "مئات الجرائم القومية التي أضرم فيها يهود النار بيوت، وأحرقوا سيارات، وأضرموا النار في حقوق زراعية، ويلقون الحجارة على فلسطينيين وسيارة مارة في الشوارع. وجرت اعتداءات كثيرة على فلسطينيين تواجدوا في المكان". وهاجم نحو 200 مستوطن بلدة ترمسعيا في عمق الضفة، وقسم منهم كان مسلحا، وأحرقوا بيوتا وسيارات وأراض زراعية. وبعد انصراف المستوطنين من البلدة، دارت مواجهات بين سكانها وبين قوات الشرطة الإسرائيلية، أسفرت عن استشهاد مواطن فلسطيني بنيران أطلقها شرطي إسرائيلي. وليلة الأربعاء - الخميس الماضية، وصل مستوطنون من جهة مستوطنة "يتسهار" قرب نابلس، المعروفة كأحد معاقل المستوطنين الإرهابيين، إلى قرية عوريف وأحرقوا مدرسة وحاولوا إحراق بيوت ومسجد القرية. ويوم الخميس الماضي، هاجم مستوطنون قرية جالود واستهدفوا أملاك الفلسطينيين فيها كما أصيب عدد من سكان القرية. وهاجم مستوطنون قرية أم صفا، يوم السبت الماضي، حيث أصيب عدد من الفلسطينيين وأحرق المستوطنون أربعة بيوت و20 سيارة. ووثق شريط مصور أحد المستوطنين يطلق النار من بندقية أوتوماتيكية باتجاه القرية. وقال أحد المصادر الأمنية للصحيفة، إن الكثير من المستوطنين الذي هاجموا أم صفا وصلوا إلى القرية من البؤر الاستيطانية المحاذية لمستوطنة "شيلا" بسيارات غير صالحة للسفر ("مشطوبة") واقتحموا القرية وأحرقوا ممتلكات فلسطينية فيها. عنصرية وشتائم وأضاف المصدر أنه عندما جاءت قوات الأمن إلى مستوطنة "عطيرت" من أجل اعتقال قسم من المستوطنين الذين دخلوا إليها بعد مشاركتهم في الهجوم على أم صفا، وصل إلى المستوطنة عشرات المستوطنين من "يتسهار" ومنعوا قوات الأمن من دخول المستوطنة. وقال المصدر نفسه إنه "لا ينبغي أن نكون متفاجئين الآن، فالأمور باتت واضحة. العنصرية، الشتائم، العنف ضد ضباط الجيش الإسرائيلي، عدم سيطرة قادة المستوطنين على ما يحدث لديهم". وأمس، طرد مستوطنون قائد لواء منطقة رام الله في جيش الاحتلال، إلياف إلباز، لدى وصوله إلى مستوطنة "عيلي" للتعزية بمقتل أحد المستوطنين في عملية إطلاق النار في المستوطنة، الأسبوع الماضي، وصرخوا تجاه الضابط أنه "قاتل"، وذلك بعد نشر صور الضابط في الشبكات الاجتماعية أثناء محاولة اعتقال المستوطنين في "عطيرت" بعد هجومهم على أم صفا. ووصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، أمس، تدقيق قوات الأمن في هويات المستوطنين في "عطيرت" بأنه "عقاب جماعي". وزعم وزير المالية والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، حول التدقيق في هويات المستوطنين أن "العقاب الجماعي الذي يجري الآن في مستوطنة عطيرت خطير ومثير للغضب". وقال مسؤول أمني إسرائيلي للصحيفة أن المستوطنين الذين نفذوا الهجمات على البلدات والقرى الفلسطينية في الأيام الماضية "ليس نفرا قليلا، ولا أعشاب ضارة، والحديث يدور عن مئات وعددهم يتزايد وينضم إليهم مستوطنون عاديون. وكان ينفذ هذه (الاعتداءات) في الماضي عشرات وخلال الليل، واليوم يحدث هذا في الظهيرة وفي العلن ويتلقون دعما من أعضاء كنيست ووزراء. وإذا قال وزير الأمن القومي "سارعوا للاستيطان في التلال" (يوم الجمعة الماضي)، فماذا يتوقع أن يحدث يوم السبت؟". دعاوى ضد الحكومة وأفادت الصحيفة بأن محامين يمثلون مواطنين فلسطينيين تضرروا من إرهاب المستوطنين بدأوا بتقديم دعاوى ضد السلطات الإسرائيلية إثر الأضرار التي لحقت بهم، وبتعويضات تصل إلى عشرات ملايين الشواكل. ويتخوفون في أجهزة الأمن الإسرائيلية من أن تجاهل هذه الدعاوى سيدفع المدعين إلى التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية أو جهات دولية أخرى، كي تعمل مقابل الجيش الإسرائيلي. واعتقلت أجهزة الأمن الإسرائيلية 11 مستوطنا شاركوا في الاعتداءات على الفلسطينيين، وأطلقت محكمة الصلح في القدس، أول من أمس، سراح ثلاثة منهم، رغم أنهم مشتبهون بإضرام النار والتسبب بأضرار وإلقاء حجارة بدافع عنصري. كذلك ألغت المحكمة المركزية في القدس أمر اعتقال إداري ضد أربعة من بين خمسة مستوطنين صدر ضدهم أمر اعتقال إداري، واثنان من المعتقلين هما جنديان نظاميان في الجيش الإسرائيلي، واعتقلا إثر مشاركتهما في الهجوم على أم صفا بمحافظة رام الله والبيرة.