تؤمن المؤسسات الثقافية في المملكة بالفكرة التي تجمع وتحقق أهداف التبادل الفني والتعرف على الجهود الإبداعية والفنية وهو ما حققه هذا المعرض من خلال اكتشاف أسماء شابة وجديدة تلازم وترافق من سبقوهم في المعارض، وتصنع الأثر على الجمهور والمجتمع من خلال الاقتناء. معرض «30x30 احتمالات للفن لا تنتهي» المقاس الموحد والمعرض الخامس الذي يقام على مستوى المملكة، الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون بالدمام، وقدمت هذه النسخة في الأحساء بالشراكة مع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء ودار نورة الموسى للفنون، والمختتم مؤخراً، ما يميز المعرض شمولية العدد المشارك 233 فناناً وفنانة بمجموع 918 عملاً فنياً من 23 مدينة سعودية، لتنتهي عملية الفرز إلى مشاركة 132 بأعمال تجاوزت 600 عمل، هذه الأرقام والشراكات والمقتنيات في المعرض تقدم رغم صغر الحجم الفكرة بخصوصيتها وهويتها إلى الجمهور وتقبله الهدف الأسمى في المعرض هو نشر ثقافة الاقتناء. كما شملت كل تفاصيل الإبداع التي تنطلق بالتنفيذ والإنتاج ثم العرض والتواصل ومن ثمة الاقتناء الذي يخوّل بناء منظومة متكاملة ذات جدوى جمالية حقيقية نابعة من شغف وذوق وإدراك وفهم. ولعل الهدف العميق من المعرض يشمل في حد ذاته خاصة إذا ما كانت الأعمال تعكس خصوصية الهوية والثقافة السعودية، فالأعمال ورغم أحجامها استطاعت أن تكون بارزة في تفاصيلها الدقيقة وعميقة في حضورها المعبّر مع الفكرة التي تعطيها أكثر من احتمال تعبيري، لأنها ورغم الحجم كاملة عميقة تحمل أكثر من بعد تأثيري يتجاوز صغر المساحة نحو اتساع الفكرة ومداها الثابت، وبالتالي تركيز الانتباه الجمالي وحرفية الفنان القادر على احتواء المساحات الصغيرة بأفكار كبيرة وتركيز احتمالاته الفنية التي لا تنتهي بخيالها وانتمائها لتراثها لثقافتها لرموز الهوية والنهل من منابعها ومخزونها الحضاري والتراثي. حملت الأعمال المشاركة في المعرض تصورات ورؤى بصرية مختلفة كانت تحاكي بعضها عند التنسيق العام للعرض وكأنها تتحدى الفترات الزمنية التي تؤثث لتطوّر الحركة التشكيلية بين الأجيال وهذا ما وسمها بالكثير من النضج الذي عرفه الفنان أولاً والجهات المنظّمة بدرجة كبيرة، حيث أدركت وهي ترتّب الأعمال قيمتها الجمالية والأسلوبية، وقيّمتها في السردية البصرية عند العرض، وقرأها المتلقي وهو يحاول فكّ رموزها وعلاماتها ومقاصدها الجمالية. منح المعرض للفنان والمنظّم القدرة على تكثيف الحضور الجمالي، وساهم في الإقناع الإبداعي بفكرة الاقتناء الذي كان أساسه التفاعل، وفرصة للفنانين حتى تكون لوحاتهم باقية ومستمرة ولها دورها الثقافي وحضورها المتداول الذي يبلور دور النشاط الثقافي الذي يؤسّس لفكرة العرض المجدية والمتواصلة والتي تربط مواعيدا لها مع الجمال. فالمعرض نجح جمالياً في إعلاء قيمة الفن والفنان ودوره ورؤاه، كما خلق ترابطاً كلياً تكمن أهميته في قدرته على بناء ثقافة بصرية عميقة وواعية بأهمية احتواء الفنون وخلق فرص للفنان وحثّه على المنافسة والتحدي خاصة أن الأعمال تنوعت باختلاف مدارسها الفنية ومراحلها من الحداثية إلى المعاصرة والكلاسيكية والخط العربي والحروفية. *كاتب في الفنون البصرية