قدّم معرض 30×30 التشكيلي المقام في جمعية الثقافة والفنون بالدمام مجموعة من الأعمال الفنية التي ارتكزت على أسلوب التجريد والتعبيرية والكولاج، الوسائط المتعددة والسريالية، والذي جمع تجارب 34 فنانا تشكيليا من المنطقة الشرقية بأعمال اشتركت في مقاس واحد، وحمل قرابة 280 عملا فنيا. وترتكز تصورات هذا المعرض في إضافة لتنشيط الحركة الثقافية على تلاقي التجارب الفنية التشكيلية وعلى التشجيع على ثقافة الاقتناء الفني والتعوّد عليها من قبل المعرض والتنظيم والمتلقي والفنان نفسه حتى يخرج الفن من أطر العرض ويتجاوزها. اقتناء الفن أوضح مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام يوسف الحربي أنه «من الضروري تأسيس ثقافة اقتناء في الفن وفق مقاييس الفن والنهوض به، وعدم اقتصار العرض على شروط المتلقي وبالتالي التحول بالفن من مجرد لوحة ديكور إلى لوحة تعكس الفن وروح الفن وفكرة العرض والأسلوب واللمسة الجمالية التي تثير الشغف برؤى التعبير والانطلاق منها لامتلاك ثقافة وأسس، وهو ما يساعد الفنان على تطوير التجربة ويساعد المتلقي على الفهم والبحث وبالتالي تحقيق النهضة العامة في هذه الصياغة التي تبني أطرا للمعارض ودورا للعرض وأهمية للفنان، وهو ما تسعى الجمعية لتثبيته كثقافة تحتاج لبرمجة واستمرار». التكرار والتجديد نوه الحربي إلى أن الفكرة ليست بالجديدة فقد طبقت في عدة مدن في المملكة، وأنها ستكرر قريباً لعدد أكبر من الفنانين وأعمال أكثر من مناطق المملكة وليس المنطقة الشرقية فقط. ومشيدا بالحضور الكبير للمعرض الذي افتتحه رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون الكاتب عبدالعزيز السماعيل، وحضره الفنانون والمهتمون بالفنون في المنطقة الشرقية. الهوية السعودية قدم المعرض مجموعة من الأعمال الفنية التي اشتركت في مقاس واحد 30×30 عكست الأعمال خصوصية سعودية لم تنفصل عن هويتها ولم تقف عند التقليد إذ صنعت لمسة وبصمة بالتجريب والتنويع عند كل فنان وانتمائه الجمالي، وهذا التنوع في الرمز واللون في الفضاء والتشكيل في الخطوط والكتل والألوان والمفاهيم استطاع أن يفرض ذاته بحرفية لم توقفها المقاييس الصغيرة عن التعبير بحرية وأريحية. أعمال المشاركين قدمت التشكيلية زكية المتعب أسلوبها المتوافق مع طبيعة المنطقة وخصوصياتها التراثية في تجلي اللون والملامح ومفاهيم الواقع والتراث، وكذلك ركّزت شعاع الدوسري على مفهوم التراث ورمزياته مشكّلة اللون بأبعاد تدريجية بين الضوء والعتمة، مستغلّة مساحات الظل والضوء وفكرة التماهي بينها كمحاكاة بصرية للأزمنة والأمكنة، وكذلك رجاء الشافعي التي ركزت على المفاهيم التراثية كلغة بصرية، ولكن بتجريد الصورة وتحرير اللون واتباع فكرة الحنين للأمكنة بخصوصية اللون الأصفر والأخضر وتحريك الفكرة في الذاكرة، أما أزهار سعيد فقد استغلت المساحة وحجم الكتل اللونية وهندستها بتوظيف الخط العربي لخلق توليفة بصرية مع حركة اللون والكتل في عمق تداخلاتها المحسوبة والدقيقة، أما فهد الكردشي فقد اشتغل على الظل والضوء وحاكى الأبعاد في تفاعل المساحة في تدريج اللون الأزرق والأحمر بمفاهيم تصل إلى فكرة التلاحم مع الذات في رؤية الواقع والتراث، كما خصّصت أحلام المشهدي أبعادا مثيرة في محاكاة المعنى وفق الملامح وملحمة الالتحام بالأرض بالإنسان بالقيود فهي تفلت من طبيعتها وتحرّك حواسها في تشكيلات الألوان وحدّتها وهي تسجن المساحة وتحرّرها، أما عمل زمان جاسم فمفاهيمه طرحت الكثير من التساؤلات في محاولة فهم الملامح المبهمة والغائبة وسط اللون. الأعمال المحلية قالت مشرفة الفنون التشكيلية في الجمعية الفنانة يثرب الصدير، إن هذا المعرض يعزز العمل الفني المحلي الذي يعتبر قيمة تاريخية وتراثية تزداد قيمتها مع مرور الوقت خصوصا اللوحة، ويأتي هذا الدعم على صعيد نشر ثقافة الاقتناء ووضع اللوحة التشكيلية للفنان المحلي في منزلة ترفع من قيمتها السوقية وتشجع المتلقي على امتلاك أعمال أصلية من خلال عرض أعمال بمساحات صغيرة وأسعار مقبولة، بينما يعد هذا المعرض تجربة جديدة للجمعية إلا أنها لا تعتبر جديدة على مستوى المملكة والمنطقة، حيث سبق أن أقيمت معارض مشابهة بأماكن مختلفة تحمل نفس الطابع والهدف. وهذه الخطوة هي خطوة صغيرة في طريق تحقيق اقتصاد تشكيلي يدعم ذاتية الفنان في عمله الفني، إلى جانب تشجيع الفنان ومنحه الفرصة على عرض بعض أعماله من خلال هذه التجربة التسويقية البسيطة ذات الطابع البسيط ودون طابع رسمي يشبه المزادات، وتسعى جمعية الثقافة والفنون إلى جعل هذه الخطوة متجددة مستمرة تبعا لتجدد الفنانين ونموهم الفني والعددي مما يفتح مجالا واسعا للاقتناء ووضع الأعمال الفنية في مسار آخر يضفي عليها حيوية من جوانب مختلفة».