تنعقد القمة العربية في دورتها ال32 بضيافة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد -حفظهما الله- اليوم في ظل ظروف سياسية مهمة ومتطورة تشهدها منطقتنا العربية تمثلت في حرص المملكة على تجسيد العلاقات العربية ومعالجة الخلافات والقضايا العربية والسعي لترميم التصدع العربي وإعادة ترتيب البيت العربي وإعادة عدد من الدول العربية لمحيطها العربي عبر السياسية السعودية الناجحة التي مارستها الدبلوماسية السعودية لإعادة الجمهورية السورية إلى محيطها العربي ومعالجة الملف اليمني واقترابه من الحل السياسي ومعالجة الوضع السوداني من خلال بدء المشاورات بين أطراف النزاع السودانية في جدة. "الرياض" استطلعت آراء محللين سياسيين لمعرفة أهمية القمة العربية الثانية والثلاثين التي تنعقد في جدة اليوم. قال المحلل السياسي مبارك آل عاتي بأن القمة العربية تأتي في ظل نجاح الدبلوماسية السعودية في إنهاء الخلافات العربية مع دولة إيران في اختراق تاريخي غير مسبوق والذي تمثل في توقيع الاتفاق السعودي الإيراني في بكين بضمانة صينية كما أن هذه القمة تأتي بعد النجاحات الدبلوماسية السعودية في معالجة العلاقات العربية التركية وإعادة العلاقات بين المملكة وعدد من الدول العربية مع دولة تركيا كما أنها أيضاً تأتي في ظل تحسن العلاقات العربية مع الكتل النظيرة. وتأتي في ظل ظروف متطورة دراماتيكية في المجتمع الدولي من بينها تطورات الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على عدد من الملفات في العالم خصوصا الملفات الاقتصادية وفي ظل ظروف المجتمع الدولي الضاغط عليه قضية التضخم الاقتصادي الذي ضرب الكثير من الاقتصاديات العالمية. ولفت أن توقيت انعقاد القمة يأتي متزامناً مع نجاح الدبلوماسية السعودية في قيادة أسواق الطاقة العالمية للعودة للتعافي وقيادة دول أوبك بلس بالتعاون والتنسيق مع الأصدقاء في روسيا لحماية أسعار الطاقة العالمية من الابتزازات الدولية وإبعاد أسواق الطاقة العالمية عن الاضطرابات السياسية والذي حاولت من خلاله بعض القيادات الكبرى ممارسة سلطتها عليها، مؤكداً على أن الحكمة السعودية نجحت في إبعاد الضغوط السياسية عن سوق الطاقة العالمية. وأكد على أن القمة العربية في جدة ستعتبر قمة مفصلية نظراً للملفات التي ستناقشها من جانب ومن جانب آخر في مستوى التمثيل الذي سيمثله قادات الدول العربية والتي أعتقد أنها ستشهد أعلى تمثيل من أصحاب قادة الدول العربية وهو تمثيل غير مسبوق في تاريخ القمم العربية نظراً للدور المحوري والمهم الذي تمثله المملكة العربية السعودية في الكتلة العربية والعلاقات القوية التي تتمتع بها المملكة مع أشقائها العرب والثقة والمصداقية التي تتميز بها الدبلوماسية السعودية. وأشار آل عاتي أن القمة العربية ستبحث ملفات التعاون الاقتصادي ورؤية المملكة الاقتصادية والتي بدأت تجني ثمارها منذ وقت مبكر واستقطبت اقتصاديات وشركات الاستثمار والاقتصاد العالمي داخل المملكة وأصبحت تحرص على اقتسام وتبادل النماء والرخاء مع الدول العربية الشقيقة ولذلك أعلنت المملكة عن إنشاء ستة شركات استثمار للاستثمار في جمهورية مصر العربية والسودان وعمان والبحرين والعراق والأردن وهذا يثبت توجهاً سعودياً كبيراً للاستثمار وهذا يعني أن القمة ستأخذ على عاتقها قضية تعميق التعاون والازدهار الاقتصادي فيما بين الدول. د. الوقاع: ستكون هناك مصارحة ومكاشفة ومراجعة لكافة الملفات وأكد في سياق حديثه إلى أن الملف اليمني والذي يشهد تطوراً مهماً من خلال سعي وحرص المملكة على حله سياسياً متوقعاً أن يحصل على دعم عربي كامل لجهود المملكة وتأييد عربي لحل هذا الملف والملف الليبي الذي يشهد تطوراً مهماً وله تأثير في الأمن القومي الاستراتيجي العربي وله تأثير على أمن دولة الشقيقة مصر وستؤكد القمة العربية على الوقوف ضد تهديدات القوى الإقليمية والدولية الطماعة في الأوضاع العربية وتطورات القضية الفلسطينية والأطماع الإسرائيلية المتواصلة في الوقت الذي ستؤكد فيه القمة العربية على الموقف الثابت الذي يرفض الإرهاب وإعادة التأكيد على أن العرب دائماً معاً مع المجتمع الدولي في حربه على الإرهاب وتجفيف منابعه بعيداً عن أن يصبغ هذا الإرهاب بأي دين أو مذهب أو عرق. وذكر الأكاديمي والمحلل السياسي د. نايف الوقاع إن القمة العربية ال32 المنعقدة في المملكة تأتي في مرحلة صعبة في تاريخ العرب نتيجة للإرهاب وللاضطرابات ونتيجة للتحولات الدولية السياسية والاقتصادية والأمنية ولو نظرنا للتحديات فهي كبيرة يأتي في مقدمتها التحدي الأمني والمملكة ولله الحمد استطاعت بجهد دؤوب وعمل مستمر أن تغلق الكثير من الملفات التي كانت مضطربة والبؤر الأمنية المشتعلة وأصبحنا نشعر الآن في جميع أنحاء الوطن العربي بالأمن والسلام والاطمئنان باستثناء الأزمة السودانية الحالية والمملكة حفظها الله تولي هذه الأزمة اهتماماً خاصاً. وأضاف: لدينا أيضاً مشكلات في العالم العربي كالفقر والتعليم والصحة والمديونيات الكبرى لبعض الدول العربية ومشكلة البطالة -ولفت قائلاً- ولكن في اعتقادي أن كل هذه المشكلات تنبثق من مشكلة رئيسية لطالما عانى منها العرب التباين متمثل في عدم وجود رؤية مشتركة للأهداف الاستراتيجية للدول العربية بمعنى لا يوجد إجماع أو تعريف لمفهوم الأمن القومي العربي ولا يوجد مفهوم للوحدة الاقتصادية العربية ولا يوجد مفهوم لمعالجة الاختلالات في بعض الدول وتباين وجهات النظر في الحقيقة أحياناً يصل إلى الاختلاف عند قضايا مصيرية وبالتالي هذه الثقافة يجب أن تتغير سواء على مستوى القمة أو مستوى وسائل الإعلام. وأصبحنا نلاحظ في الفترة الأخيرة أن المملكة العربية السعودية تقود المنطقة بشكل هادئ ومدروس ووضع خطط واضحة ونتائج بارزة بحيث يكون للعرب اتفاق على الإطار العام والاستراتيجيات العامة وعلى الخطوط العريضة بحيث يكون مفهومنا للأمن القومي العربي والقضايا الاجتماعية والأمن والدفاع واحد ولا نريد أن يكون هناك تطابق تام ولكن في الحد الأدنى يكون هناك توافق -لافت- د. الوقاع إلى أن القمة العربية ستكون مختلفة وستكون هناك مصارحة ومكاشفة ومراجعة لكافة الملفات في العالم العربي وسيكون هناك تدارس لبعض الإخفاقات والأخطاء التي وقعت. وذكر أن عودة دولة سوريا للصف العربي والعودة لمقعدها في الجامعة العربية وتلقي الرئيس السوري دعوة من خادم الحرمين الشريفين لحضور القمة العربية لعلها تكون نقطة تحول في مسارات الأزمة السورية ومسارات الأزمات العربية المختلفة ولا شك أن ما حدث في دولة سوريا مؤلم وهناك تداعيات مستمرة لهذا الملف ويجب معالجة هذه التداعيات بشكل كامل وعميق ودقيق وأن ما حدث يجب أن نأخذ منه العبرة لتجنب وقوع هذه الأخطاء في المستقبل. وأكد د. الوقاع على وجود تغييرات دولية ودول عظمى وكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و روسيا والصين والهند واليابان جميع هذه الدول تتجه للتعاون مع الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة فهي تبحث عن إنشاء كيانات تخدم أهدافها بالرغم من بعد المسافة بينهم واختلاف اللغة والثقافة وأحيانا قد يكون الاختلاف في الأسس البسيطة بينما نحن العرب كأمة واحدة لدينا ما يجمعنا من المشتركات أكثر مما يفرقنا وبالتالي أعتقد أن البحث عن صيغ جديدة مرفقه بجداول تنفيذ وآليات رقابية وحوكمة ستنقل التعاون العربي إلى مجالات أخرى أكثر رحابة وأكثر اتساعاً إن لم يتم أيضاً هيكلة الجامعة العربية وإنشاء محكمة العدل العربية ورفع المستوى التنسيقي فيما يتعلق بقضايا الدفاع والأمن ومواجهة الإرهاب والمخدرات فالتعاون في مجال هذه الملفات بصراحة وشفافية سيجعل القمة العربية مختلفة تماماً عن باقي القمم السابقة -مؤكداً- في سياق حديثه على أن المملكة لن تجعل هذه القمة مجرد رقم في تاريخ سلسلة القمم العربية. ولفت قائلاً.. أكاد أجزم بأنها ستكون نقطة تحول خصوصاً وأن المملكة تملك رؤية واضحة للمنطقة ولديها إدراك بالتحولات العالمية لأنها عضو في مجموعة العشرين وتعرف أين يتجه العالم وهذه الملفات الكبرى ستدعو العرب جميعا قادة وشعوباً إلى الاستماع للقيادة السعودية بعمق وفهم و إدراك ولما تطرحه من رؤية لأن المملكة حققت نجاحات شهد لها العالم وفي ظروف استثنائية صعبة وقاسية واستطاعت أن توائم بين توجهات دولية مختلفة وأن تجد بينها قاسماً مشتركاً ولذلك أصبح الدور السعودي مطلوب وقوي ومؤثر ولذلك يمكن وصف انعقاد القمة في المملكة بالفرصة النادرة والثمينة للعرب للوصول بالنموذج الجديد في العلاقات العربية العربية لتكون المنطقة كما وعد سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بأوروبا الجديدة.