شنت روسيا أكبر موجة من الضربات بطائرات مسيرة على أوكرانيا منذ شهور، في إطار تكثيف الهجمات قبيل عطلة يوم النصر، الذي تحتفل فيه بهزيمة ألمانيا النازية عام 1945. واحتفلت أوكرانيا بالمناسبة قبل موعدها بيوم، في انفصال جديد عن موسكو. وقال رئيس بلدية كييف، إن روسيا أطلقت 60 طائرة مسيرة، على أهداف أوكرانية، منها 36 في العاصمة، وتم إسقاطها كلها، ومع ذلك أصاب الحطام عدداً من المباني، مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص على الأقل. وشب حريق في مستودع بمدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود، حيث أفاد مسؤولون بأن ثلاثة أشخاص أصيبوا. وهذا هو أكبر عدد للطائرات المسيرة في موجة من هجمات روسيا على الإطلاق، إذ كثفت هجماتها مجددا منذ عشرة أيام، بعد فترة هدوء منذ أوائل مارس. وقالت كييف إن موسكو تضغط للمرة الأخيرة لمحاولة الاستيلاء على مدينة باخموت شرق أوكرانيا، لتهدي الرئيس فلاديمير بوتين ما سيكون النصر الوحيد للهجمات المكلفة، خلال الشتاء الروسي بمناسبة يوم النصر. يوم النصر تستعد موسكو لاستعراض يوم النصر في المناسبة الأهم لبوتين، الذي استحضر روح الانتصار السوفيتي على ألمانيا النازية، لتبرير غزو أوكرانيا. ولمزيد من التأكيد على انفصال أوكرانيا عن ماضيها السوفيتي، أحيت ذكرى استسلام ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، تماشيا مع نهج حلفائها الغربيين. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه وقع مرسوما لتغيير التاريخ رسميا في المستقبل. ودخل استسلام ألمانيا النازية غير المشروط حيز التنفيذ في وقت متأخر، من مساء الثامن من مايو عام 1945، عندما بدأ بالفعل يوم التاسع من مايو في موسكو، وفقا لتوقيتها المحلي، وهو التاريخ الذي صار عطلة في الاتحاد السوفيتي. وتكبدت أوكرانيا التي كانت في ذلك الوقت جزءا من الاتحاد السوفيتي، الذي اجتاحه النازيون خسائر تزيد، على أساس نصيب الفرد، على ما تكبدته روسيا في الحرب العالمية الثانية، وكانت واحدة من معاقل يهود أوروبا. وفي خطاب إلى شعبه من فوق تل يطل على العاصمة كييف، قال زيلينسكي «وإذ نُذَكر ببطولة ملايين الأوكرانيين في تلك الحرب ضد النازية، نرى نفس البطولة في تصرفات جنودنا اليوم». وأضاف أن «الشر القديم» عاد وهذه المرة أطلقته «روسيا الحديثة» التي تسعى لتحقيق هدف النازيين نفسه المتمثل في «الاستعباد والدمار»، مضيفا أنها لن تنجح في ذلك. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، في إفادة صحفية «نحن على قناعة بأن هذا اليوم (9 مايو) مقدس للكثيرين في أوكرانيا... هناك أيضا محاربون قدامى شاركوا في الحرب الوطنية العظمى، وأقاربهم ممن سيظل هذا اليوم مقدسا بالنسبة لهم». وألغت روسيا أو قلّصت بعض العروض العسكرية الضخمة، التي تصاحب عادة يوم النصر. وتقول دول غربية إن هذا القرار نجم من ناحية عن مخاوف أمنية، ومن ناحية أخرى، لأن موسكو فقدت الكثير من المعدات العسكرية في هجوم على أوكرانيا التي شهدت أعنف قتال بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وأبقت أوكرانيا قواتها في حالة دفاع خلال الأشهر الستة الماضية، لكنها تستعد لهجوم مضاد واسع النطاق في الأسابيع المقبلة. إصابات استمر دوي الانفجارات طوال الليل في كييف. وقال فيتالي كليتشكو رئيس بلدية كييف عبر تيليجرام، إن ثلاثة أشخاص أصيبوا جراء انفجار في منطقة سولوميانسكي بالمدينة، وأصيب اثنان آخران عندما سقط حطام طائرة مسيرة على منطقة سفياتوشين. وتقع المنطقتان إلى الغرب من وسط العاصمة. وقالت الإدارة العسكرية في كييف إن حطام طائرة مسيرة، سقط على مدرج في مطار جولياني، أحد مطاري الركاب بالعاصمة، مما أدى إلى طلب خدمات الطوارئ هناك على الرغم من عدم وجود حريق. وأضافت أن حطام الطائرة المسيرة أصاب على ما يبدو مبنى من طابقين في منطقة شيفتشينكيفسكي، بوسط المدينة مما تسبب في أضرار. وأظهرت صور نشرها سيرهي براتشوك، المتحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا نارا، مشتعلة في مبنى كبير قيل إنه مستودع مواد غذائية. وبعد إطلاق إنذارات من الضربات الجوية لساعات، فيما يقرب من ثلثي الأراضي الأوكرانية، قالت وسائل الإعلام إن هناك دوي انفجارات في منطقة خيرسون في الجنوب وزابوريجيا جنوب شرق البلاد. وقال فلاديمير روجوف، المسؤول الذي عينته روسيا في زابوريجيا، إن القوات الروسية قصفت مستودعا وموقعا للقوات الأوكرانية في مدينة أوريخيف الصغيرة. ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من التقرير. ومن ناحية أخرى، قصفت القوات الروسية ثمانية مواقع في سومي بشمال شرق أوكرانيا، حسبما ذكرت الإدارة العسكرية الإقليمية في منشور على فيسبوك. كما تم تكثيف الضربات في الأسبوعين الماضيين على أهداف روسية، خاصة في شبه جزيرة القرم. ولا تؤكد أوكرانيا مسؤوليتها عن أي من تلك الهجمات، لكنها تقول إن تدمير البنية التحتية للعدو هو تحضير لهجومها البري الذي طال انتظاره.