شهدت فرنسا الثلاثاء يوماً جديداً من التعبئة الواسعة مع إضرابات وتظاهرات احتجاجاً على مشروع تعديل نظام التقاعد بدفع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يناقش في الجمعية الوطنية خلال الأسبوع الحالي. وكان يومان من التظاهرات في 19 يناير و31 منه جمعا في كل مرة أكثر من مليون محتج بحسب الشرطة وأكثر من مليونين على ما أكد المنظمون، احتجاجا على مشروع لا يحظى بشعبية ينص في أبرز نقاطه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاماً. وقالت سيدسا ديالو البالغة 36 عاماً وسط الحشود في إحدى المحطات في ضاحية باريس "يحصل الأمر للمرة الثالثة في غضون أيام قليلة وبدأنا نعرف ما علينا القيام به" موضحة أنها خصصت ساعة ونصف الساعة إضافية للوصول إلى العمل. أما التعبئة في قطاع التعليم والتربية فستتأثر بعطل مدرسية في أجزاء من فرنسا. وقال رئيس نقابة CGT فيليب مارتينيز "نعول على التعبئة لكي يأخذ نواب الجمهورية رأي المواطنين في الاعتبار". وتنظم النقابات تظاهرات السبت في اختبار لقوتها ولدعم الرأي العام لها في كل مرة. وحتى لا ينقلب الرأي العام عليها، ستتجنب النقابات التأثير على حركة وسائل النقل للسماح للناس بالتظاهر خلال عطلة نهاية الأسبوع وعدم عرقلة الذاهبين في عطلة أو العائدين منها. أنا مضخمة في الجمعية الوطنية، حيث لا تملك الحكومة الغالبية المطلقة، بدأت مناقشة مشروع تعديل نظام التقاعد الاثنين في ظل فوضى إذ أن معارضي المشروع ينوون اعتماد نهج التعطيل البرلماني. وقال وزير العمل أوليفييه دوسوب الاشتراكي السابق الذي انضم إلى غالبية الرئيس ماكرون "هذا إصلاح من أجل المساواة والتقدم، يوزع الجهد بطريقة عادلة". وقال الوزير غابريال أتال "الاصلاح أو إفلاس" نظام التقاعد داعيا معارضي المشروع إلى الاختيار بين "المصلحة العامة" و"المصلحة الانتخابية". ويبدو الأسبوعان المخصصان لمناقشة المشروع محفوفين بالمخاطر لماكرون وصدقيته السياسية إذ إنه المشروع الرئيسي في ولايته الرئاسية الثانية. وندد فيليب مارتينيز عبر إذاعة "ار تي ال" ب "الأنا المضخمة" لإيمانويل ماكرون الذي اتهمه المسؤول النقابي بالسعي إلى تمرير مشروع إصلاح التقاعد بأي ثمن مع خطر أن "يستولي اليمين المتطرف على الإليزيه" في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027. لاقرار المشروع، تعول حكومة رئيسة الوزراء اليزابيت بورن على نواب حزب الجمهوريين اليميني. في تنازل أتى في اللحظة الأخيرة، أعلنت بورن الأحد أن الأشخاص الذين بدأوا العمل بين سن 20 و21 عاماً يمكنهم التقاعد اعتبارا من سن 63 عاماً. لكن رئيس "الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل" (سي إف دي تي) لوران بيرجيه ندد بهذا "الترقيع" معتبرا أنه ليس "الحل للتعبئة الحاشدة". وسن التقاعد في فرنسا هو من الأدنى بين الدول الأوروبية مع أنه لا يمكن المقارنة فعلا بين أنظمة التقاعد في البلدان المختلفة. واختارت الحكومة الفرنسية تمديد سنوات العمل لمعالجة التراجع المالي في صناديق التقاعد وتشيّخ السكان. وتدافع عن مشروعها معتبرة أنه "يحدث تقدماِ اجتماعياً" من خلال تحسين معاشات التقاعد المتدنية.