يجعلنا الأدب نعيش مرحلة من الثراء الروحي والمعنوي، ويضفي شمولية على الأشياء تتجاوز الروتينية في سردها، فالأدب يفسر لنا هذا العالم الممتلئ بالأسرار، وقد يكشف لنا حقائق لا نستطيع الوصول لها، ويوسع نظرتنا وأفقنا نحو الأشياء والآخر، هو تجربة ومتعة وجدانية وروحية تجعلنا ننفصل عن واقعنا المادي نحو الخيال، ويجعل نظرتنا مختلفة تجاه الثقافات الأخرى، مع توسيع مداركنا ومعارفنا نتيجة لإعطائنا نظرة بانورامية شمولية على الماضي والحاضر، وأحياناً المستقبل، يجعلنا الأدب في اتصال مع أنفسنا ويعطينا القدرة على التعبير عن ذاتنا وعن الإنسان بكل معاناته واحتياجاته، وهو ينمي مهاراتنا النقدية ويجعل لدينا القدرة على التحليل والربط، وهو مظلة لأجناس أدبية مختلفة وهي: الشعر، والنثر، والرواية، والقصة، والمقالة، والخاطرة، والحكم والأمثال، والمسرح. ومن وجهة نظري إن الأدب هدفه الأسمى هو التأثير، فلم يكن الأدب يوماً إلا للخروج من دائرة الرتابة ورفض الواقع القائم والتعبير عن النقصان والرغبة في معرفة الوجود، فلن يحتاج إنسان عادي اللجوء إلى ساحات الأدب والتحليق في فضائه وهو مرتاح وقانع بأفكاره وعيشه وحياته، لذلك يأتي الأدب لكسر قنينة الجمود والمسلمات المخدرة والتي تمنعك من التفكير، وهو نوع من الاستقلالية الفكرية والتي تنعكس على بنية الإنسان النفسية والاجتماعية والفكرية، وهذه الاستقلالية تدفعه إلى مزيد من الوعي للوجود الإنساني، فالأديب مثل الأشجار المثمرة يعطي حميمية للأشياء المادية والنفسية، ومعه يتصادم مشهدان من الواقع والخيال، ووفقاً لآرثر شوبنهاور، فإن الإرادة هي جوهر الأشياء قاطبة في هذا الكون، والمادة الأصلية الوحيدة لأي ظاهرة من الظواهر. لذلك يأتي الأدب كمجال خصب لدراسة الشخصية الإنسانية من أفكار وتصرفات وقضايا، وشرح وتفسير للسلوك على نحو مختلف، والبحث عن إجابات لأسئلة كانت كسيحة الأطراف، فهو يسقِط الأقنعة المتوارية ويغذي العاطفة ويعري الإنسان أمام نفسه وأمام الآخرين، فعندما تقرأ قصة أو رواية تجد نفسك أحياناً أمام مشكلة قد تكون حصلت لك وتروى على لسان أبطال الرواية، ترى ألواناً من البشر والعقول والشخصيات فيما تقرأ وأنت ترقب شخصيات غارقة بعضها بالبؤس وأخرى غارقة بقليل من الفرح، تغيب مع سطور تبحث عن الحقيقة الغائبة، وبكل تجلياتها، ورؤاها، وإحساسها الغارق بتفاصيل الإنسان، يجعلك كل هذا تفكر وتتساءل وتتأمل.