من قلب الحاضر يأخذنا إلى التاريخ.. ذلك تحديدًا ما قام به موسم الرياض (2022)، والذي حمل هذا العام شعاراً يحمل الكثير من التشويق والإثارة والجاذبية وهو شعار "فوق الخيال" الذي يعتمد على العامل التاريخي للمملكة، إذ يلعب التاريخ في هذا الموسم دوراً كبيراً في جذب الزوار الذي بلغ بالفعل حد المليون زائر خلال الأسبوع الأول فقط، وقد تمكّن القائمون عليه من تقديمه كطرح اقتصادي وسياحي وثقافي وحضاري، والأهم من ذلك هو قدرته على التأكيد على أن هذه الأهداف يمكن استثمارها لتعزيز الحضارة السعودية، وربط وجدان الأجيال بماضيهم العريق، والتأكيد على أن الماضي بذرة الحاضر، والحاضر هو بذرة المستقبل. وتكمن أهمية التواصل مع عبق الماضي في أن معرفة التجارب السابقة تُعد خير وسيلة لتجنّب أخطاء الحاضر، وتجويده، إذ يسهم التاريخ في إنشاء الحوافز، وتعزيز القيم لدى الناشئين من أفراد الوطن، وبث الوعي الوطني في دواخلهم؛ ليتمكنوا من المحافظة على هذا التاريخ وهذه الحاضرة، والسير بها قُدمًا نحو الأمام. ومن أبرز الفعاليات التي تمكّنت من تحقيق هذا الهدف: سوق الزل: يُعد سوق الزل أقدم سوق تراثي في الرياض، حيث توجد فيه العروض الموسيقية والرقصات الشعبية، ويجمع بين الترفيه والتراث، سوق الزل أقدم الأسواق يتلألأ بشكله الجديد في الموسم؛ ذلك لما يحتويه من تحف وقطع نادرة، وقد سُمي بهذا الاسم نسبة إلى «زولية» وهو الاسم العامي للسجاد؛ إذ اشتهر السوق في بداياته على احتوائه على العديد من أنواع السجاد المنسوج من أفضل الأقمشة. وبمجرد الدخول إلى هذه المنطقة، يجد الشخص نفسه أمام عدد من العروض الشعبية، والعروض الضوئية على المباني ليأخذ لمحة عن الماضي والحاضر في نفس اللحظة، ويفخر بما تمكّنت المملكة من تحقيقه، وتحفيز مخيلته لما يمكن أن يكون عليه المستقبل. ومما يميز هذا السوق، هو قربه من قصر المصمك؛ مما يجعل الزيارة أكثر ثراءً إذ تجمع بين الترفيه والمتعة والتسويق في مكان واحد. متحف قصر المربع: هو واحد من أهم المواقع الأثرية المعمارية والمباني التاريخية، التي سيضاء بها موسم الرياض ويتمتع زواره بأفخم مطاعمه ومقاهيه ومعالمه الأثرية والتاريخية التي تتمثل في قصر المربع بمجمع واسع من القصور السابقة، ويضم الآن متحفًا أثريًا يعرض العديد من الأعمال الفنية المزخرفة، والقطع الأثرية التي تحكي حكايا الأجيال السابقة، وتخبر أخبارهم، وتخلق في نفس الزائر فضولًا للاستماع إلى ما شهده هذا القصر من حكايا، خاصة وأن الملك عبدالعزيز اتخذ القصر مقرًا لإقامته، وجعله مركزًا لإدارة شؤون الحكم وتصريف أمور الدولة، بل وتمتد حكايا هذا القصر إلى ما هو أبعد من ذلك، فيلتقي الزائر لهذا المتحف بكلّ من الفن والتاريخ، وقد أعدت هيئة الترفيه الزيارات لهذا القصر والتي تتمثل في زيارة جناح بيت الصلاة المزخرف بالأحجار والزجاج الملون والذي يشغل ثلث مساحة القصر والذي خصص لإقامة الصلاة، والشعائر والاحتفالات الدينية، وكذلك زيارة الحديقة الخارجية التي تتميز بأشجار النخيل والورود والنباتات النادرة، والنافورة المبنية من الرخام الأبيض والاستمتاع بمشاهدتها أثناء تناول الوجبات في المطاعم المجاورة. قرية زمان: من أجمل ما تميز به موسم «فوق الخيال» أنه أعادنا لزمن قديم حيث تراث الأسلاف والأجداد وطبيعة الحياة التاريخية العريقة في المملكة، وهذا ما ستشاهده وتشعر به بالفعل في قرية الزمان التي تتميز بالعديد من المناطق التراثية، وتعد القرية مفاجأة من أبرز مفاجآت موسم الرياض هذا العام والتي سيتم افتتاحها تباعاً للمشاركة في فعاليات الموسم الجديد وعندما تزور القرية ستتمتع بالكثير من الأنشطة التفاعلية مثل العروض التقديمية حول الحرف والمهارات القديمة والمنتجات اليدوية، وأنشطة متنوعة مثل عروض كشكات بيع الأدوات اليدوية التي صنعتها الأيادي السعودية. قرية الزمان لمن لا يعرفها هي عبارة عن قرية تراثية تأخذك للحنين إلى الماضي فقد صممت بشكل جذاب يعبر عن ثقافة وهوية المملكة والانتماء السعودي حيث تتميز القرية بمجموعة تراثية من مسرحيات وفنون شعبية ودكاكين وأكلات تراثية بالإضافة إلى المحلات والمطاعم الصغيرة والورش الخاصة بتعليم الغزل والتطريز ومبادئ الحياكة. وبناءً على ما سبق؛ يمكننا القول: إن موسم الرياض هو أكثر من مجرد حدث ترفيهي يستقطب كافة أبناء الشعب السعودي، بل هو انعكاس حقيقي لتوجه المملكة في تعزيز مصادر دخلها وتنويعها من خلال اجتذاب السياح من الخارج والتداخل؛ للتعرف على التاريخ والحضارة السعودية، والفخر بالتراث العريق، ورواية الحكايا التي تملأ كافة أرجاء المملكة، ولفتح باب على التاريخ من قلب الحاضر؛ للاستشراف المستقبل بقلوب وعقول أكثر انفتاحًا وقدرة على العطاء وصناعة التغيير.