صعق المنتخب السعودي العالم أجمع عندما هزم الأرجنتين المرشح الأول لتحقيق كأس العالم في قطر 2022، حقق الإعجاز، وأكد للجميع أنَّ المستحيل كلمة اخترعها العاجزون، والأجمل أنَّ الأخضر هزم الأرجنتين في إحدى أزهى فتراته، وأقوى أجياله، وبمستوى وتكتيك كانا حديث العالم في الأيام القليلة الماضية، وبهدفين جميلين مرسومين لن ينساهما السعوديون ولن ينساهما الأرجنتينيون أبدًا! الفرحة التي نشرها نجوم الصقور الخضر في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج بالفوز على المرشح الأول للقب والفريق الأقوى في المجموعة كانت تستحق أن تستمر فترة أطول، لكن ربما أنَّ الثقة والطموح قد ارتفعا أكثر من اللازم، وردد كثيرون: "من استطاع أن يهزم أقوى المجموعة، بات لزامًا عليه أن يهزم بولندا أضعف المجموعة"، وربما كان هذا هو الفخ الذي وقعنا به جميعًا، ووقع به قبلنا السيد هيرفي رينارد، فشاهدنا الأخضر أمام بولندا هو الذي يستحوذ ويبادر ويهاجم، بينما بدا أن رفاق ليفاندوفيسكي قد استفادوا جيدًا مما حدث للأرجنتين، فاحترموا المنتخب السعودي كثيرًا، ولم يندفعوا للهجوم، معتمدين على الهجمات المرتدة واستغلال أخطاء الدفاع الفردية، وبالفعل تحقق للبولنديين ما أرادوا مع مساعدة مؤثرة من الحكم البرازيلي ويلتون سامبايو الذي تساهل مع خشونة البولنديين وتغافل عن طرد ماتي كاش الذي كان يستحق الأحمر المباشر بعد ضربه للبريك بالكوع، ورغم أنَّ لديه إنذاراً إلا أنه نجا من طرد مستحق بمكرمة من سامبايو الذي تغافل هو وطاقمه وفريق الVAR عن إعادة ضربة الجزاء السعودية بعد أن ظهر جليًا أن أقدام الحارس البولندي شتشيسني لم تكن على خط المرمى أثناء التنفيذ! كسب الأخضر أصعب المجموعة بعبقرية مدربه الفرنسي رينارد، وقتالية وتركيز نجومه، وقبل كل شيء بتوفيق الله عز وجل؛ لكنه في اللقاء الثاني خسر من أسهل المجموعة بأخطاء مدربه وضعف تركيز بعض لاعبيه في الدفاع والهجوم، وبأخطاء الحكم البرازيلي وطاقمه، وقبل كل شيء ورغم كل شيء خسر ليس لأنه كان يستحق الخسارة، وليس لأنه لم يكن طيلة دقائق اللقاء هو الأفضل والقادر على الوصول والتسجيل، بل لأنَّ التوفيق غاب عن الأخضر ونجومه، وهذه هي حال كرة القدم! هل انتهى كل شيء بهذه الخسارة؟! بالطبع لا.. من استطاع أن يكسب الأرجنتين يستطيع أن يكسب المكسيك، وأثبتت المباراتان السابقتان أنَّ لدينا الأدوات والقدرات التي تجعلنا ندًا لهؤلاء، هزمنا الأرجنتين بجدارة، وكنا الأفضل أمام بولندا رغم الخسارة، ونلنا احترام كل متابعي كرة القدم في العالم، لذلك يجب أن نتهيأ لهذه المباراة المفصلية بتركيبة معتدلة نبعد عنها الثقة الزائدة، والانهزامية، والإحباط، وأن نلعب مباراة العمر بقتالية وروح وقبل ذلك بذكاء، فالمكسيك ستبحث عن الفوز، وأي نتيجة غير الفوز تعني خروجها من دور المجموعات، والفريق يملك قدرات هجومية لا يمكن الاستهانة بها ونجوم يلعبون في أقوى الدوريات بقيادة هيرفينغ لوزانو نجم نابولي، وهيكتور هيريرا لاعب خط وسط أتلتيكو مدريد؛ لذلك لا يجب أن نلعب دور الأقوى الباحث عن التسجيل والفوز في وقت باكر، حتى لا نفقد الفرصة والأمل في وقت باكر؛ بل يجب أن نلعب بذكاء وأن نتحلى بالصبر كما فعلنا أمام الأرجنتين، وسيفعلها الأخضر بإذن الله، سيفعلها الأخضر!