لقد واجه العالم في العصر الراهن ظاهرة مسمومة تصدرت المنابر والمواقع وتسببت في حالة من الهلع وباتت تشكل مصدر قلق للأنظمة والمجتمعات، هذه الظاهرة التي تتمثل في التعصب وخطاب الكراهية وما آلت إليه من نتائج وتداعيات خطيرة، عصفت بجميع الدول والمجتمعات بمختلف أديانها وطوائفها وانتماءاتها. في ظل تنامي خطاب الكراهية.. رابطة العالم الإسلامي تتصدى للظاهرة. إن خطاب الكراهية شكل محور اهتمام المنظمات الدولية لأنه هدد الاستقرار الاجتماعي والأمن والسلم العالميين، وهو ما دفعهم للبحث في أسبابه وكيفية وضع حد له، وكان لها دور مؤثر وإيجابي في العمل الدؤوب لاستئصال هذه الظاهرة المرضية ومعالجتها من الجذور، وعلى رأس هذه المنظمات رابطة العالم الإسلامي التي تحملت مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الآفة التي فتكت بمجتمعاتنا الإنسانية وعملت عبر مختلف المؤتمرات والملتقيات واللقاءات وتنسيق الزيارات والانفتاح على الآخر لوضع حد لها، من خلال نهجها القائم على نشر قيم الإسلام القائمة على المحبة والتسامح لا على العصبية الجاهلية والكراهية، وإن مساعي رابطة العالم الإسلامي لم تكن مجرد تنظيرات، بل كانت جهوداً عظيمة انعكست على أرض الواقع، ولقد رأينا ذلك متجسداً في ملتقى القيم المشتركة بين الأديان في العاصمة السعودية الرياض الذي عالج خطاب الكراهية بالدعوة إلى ضرورة تعزيز السلام والتضامن حول العالم، ولقد رأينا قادة دينيين من مختلف الدول والمناطق، شاركوا فيه لتحليل هذه الظاهرة الفتاكة والبحث في سبل مواجهتها باتفاق شامل بين مختلف الأديان والمذاهب والطوائف بتعزيز المشترَكات الإنسانية، وإرساء رؤية موحدة والعمل المشترك الذي يصب كله في نفس الهدف. ونهج رابطة العالم الإسلامي القائم على الانفتاح ونشر القيم الإنسانية سبيل للقضاء على خطاب الكراهية. إننا نؤكد أن المنظمات الدولية، ورابطة العالم الإسلامي نموذجا كان لها دور مميز وفعال في مواجهة خطاب الكراهية من خلال التعريف بالقيم الإنسانية وقيم الإسلام الحقيقية وشرح تعاليمه السمحة وكشف اللثام عن المفاهيم المغلوطة عن الإسلام من خلال تنسيق الزيارات والتواصل مع الآخر، وإن ملتقى" القيم المشتركة بين الأديان" ندد بخطاب "الكراهية" و"العنصرية" باعتبارهما أكبر مُحَرِّض على العنف والإرهاب والانقسام، ومن هنا ندعو إلى ضرورة مواجهة خطاب الكراهية عبر المنظمات الدولية من خلال تعزيز السلام والتضامن حول العالم، وتفعيل دور المؤسسات الدينية حول العالم وتشجيع الخطاب المعتدل ونبذ خطاب الكراهية الذي يغذي التطرف، إضافة إلى إدانة جميع الممارسات المتطرفة والإرهابية وكل مظاهر العنف في حق أتباع الأديان، وسن قوانين لتجريم النيل من رموزها ومقدساتها، والعمل على تفعيل فقه التعايش والتسامح باعتباره الطريق المختصر لعلاج داء التطرف، كما نشدد على ضرورة إبعاد الدين عن المعارك السياسية وعدم استغلاله في أجندات مشبوهة تخرجه من قيمه ومبادئه، كما أننا نؤكد على أهمية التعاون والتنسيق مع مختلف شركات التواصل الاجتماعي لطرح مدونة سلوك لمكافحة خطاب الكراهية، ولاشك أنه من المهم جداً دعم دور المؤسسات التربوية في تقديم برامج تحسيسية وتوعية للناشئة لوقايتهم من أخطار الفكر المتطرف. وفي الختام نشيد بأهمية دور المنظمات الدولية للقضاء على ظاهرة خطاب الكراهية باعتبارها مؤسسات عابرة للحدود، وباعتبار أن هذه الآفة لم تعد محصورة في جغرافيا معينة أو دين معين، بل أصبحت ظاهرة متنقلة هدفها هو ضرب الاستقرار الإنساني، ووحده العمل المشترك انطلاقاً من المشتركات الإنسانية القائمة على قيم المحبة والتسامح والانفتاح، قادر على إنهاء صلاحية الفكر المتطرف وتوابعه. * أمين عام المجلس الإسلامي العربي