يزعم بعض أعضاء الكونغرس الأميركي الديموقراطي المتآمرون أولا على الشعب الأميركي نفسه ثم على قضايا الأمة العربية والإسلامية أنّ "أفضل" طريقة للردّ على دول أوبك+ وتحديدا المملكة التي تمارس دورها وفق إرادة اقتصادية جماعية؛ تزعم هذه اللوبيات اليسارية أن تعليق مبيعات الأسلحة الأميركية للمملكة وإحياء مشروع نوبك ويعني مقاضاة دول أوبك وإعادة تقييم العلاقات مع الرياض، سيكون نهاية المطاف لدول أوبك + وهي إما نسيت أو تتناسى أن مثل هذه القرارات ستؤدي لسقوط أميركا.. وهناك أبواق في اليسار الحزبي الديموقراطي تجعجع حاليا كون تعلم أن حظوظ الحزب الديموقراطي في الفوز في الانتخابات النصفية للكونغرس أصبحت صفرية وبالتالي فإن مسار انتخابات 2024 أصبح مفتوحا للجمهورين، فبالتالي ليس أمام هؤلاء إلا الهرولة للخلف لإنقاذ ما يمكن إنقاذهلمستقبلهم السياسي. ومن أشد المتآمرين على دول أوبك بلس هو عضو مجلس النواب رو خانا الهندي الأصل، حيث زعم في إحدى مقالاته: أنّ "المملكة تواطأت مع روسيا، فقد قررت خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً في اجتماع "أوبك بلس"، وهو ما ردت عليه المملكة بأن هذا الاتهام افتراء واختلاق كون القرار كان اقتصاديا وليس سياسيا". وزعم رو خانا اليساري المتطرف أيضا أن الخطوة ستؤدي إلى تفاقم التضخم العالمي، وتقويض الجهود الناجحة في الولاياتالمتحدة لخفض سعر الوقود، والمساعدة في تأجيج غزو بوتين غير المبرر لأوكرانيا وهو إما يتغافل أو يتغابى أن التضخم في أميركا سببه السياسات الاقتصادية للإدارة الديموقراطية، حيث يعتبر الأكبر من نوعه خلال الأربعين العام الماضية. ويقول رو خانا عضو الكونغرس الديموقراطي من كاليفورنيا والذي دأب انتقاد أوبك + والمملكة منذ فترة "إن السعوديين يحصلون على ما يقرب من 73 % من أسلحتهم من الولاياتالمتحدة". ولم ير رو خانا حجم المبالغ الترليونية التي تذهب للبنتاغون والمصانع العسكرية والعمالة في تلك المصانع. وروخانا، هو زعيم في الجناح التقدمي للحزب الديموقراطي شغل منصب الرئيس المشارك الوطني لحملة السناتور بيرني ساندرز الرئاسية. فيما قال عضو السيناتور الديموقراطي ريتشارد بلومنتال مقال رأي بموقع "بولتيكو إن قرار أوبك +! بأنّه "ضربة موجعة للولايات المتحدة"، لكن لدى واشنطن أيضاً طريقة للرد، إذ يمكنها على الفور إيقاف النقل الهائل لتكنولوجيا الحرب الأميركية إلى المملكة وهذا يتناسى حجم الخسائر المليارية التي سيتسبب فيها القرار وحجم انخفاض العمالة الأميركية في مصانع السلاح. أما رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور بوب مينينديز دعم "تجميد فوري للتعاون" الأميركي مع السعودية وهو لا يعلم أو يتجاهل التداعيات المالية والاقتصادية لهذا القرار أما الهام عمر اللاجئة الأميركية فهي تبحث عن أصوات من الناخبين وذلك لتدارك هزيمتها القادمة لا محالة.. إنهم حفنة من عدد من الأعضاء المعادين للسعودية يستغلون الحدث للتحريض على دول أوبك +?، ونشر اتهامات باطلة حول علاقة السعودية مع روسيا ودعم بوتين.. ويؤكد خبراء أميركيون مستقلون أن الإدارة الديموقراطية ارتكبت أخطاء استراتيجية بسبب استماعه لأعضاء اليسار الديموقراطي المتطرف ولم ينظر في النتائج العكسية التي جناها بسبب نهجه قصير النظر في مقاربة العلاقة مع حليف مهم في الشرق الأوسط إلى جانب عدم تقييمه للارتدادات السلبية المحتملة على أمن قطاع النفط العالمي ومستقبل الشراكة مع منطقة الخليج فضلا أنه له يدرس بعناية التأثيرات الجانبية المحتملة على المصالح الأميركية في الخليج والمنطقة عموما. ولم يمضِ وقت طويل حتى أدركت الإدارة الديموقراطية أن نسخة جون بايدن كمرشح لا تصلح للتعامل مع تعقيدات العلاقات الدولية والمصالح الخارجية التي تتناقض في كثير من الأحيان مع المبادئ الأخلاقية التي يتبناها. مع ذلك، لم يستفد بما يكفي من بدايته المتعثرة في إدارة علاقة معقدة تسودها الكثير من الشكوك مع السعودية كون توعد مؤخرا بمعاقبة المملكة بسبب دفعها منظمة أوبك بلس إلى خفض الإنتاج النفطي. يبدو غضب الديموقراطيين مفهوما ومعروفا لأن عودة أسعار النفط إلى الارتفاع قد تهدد فرصهم بالفوز في انتخابات التجديد النصفي المقبلة ولهذا صبوا جام غضبهم حقدا في دول أوبك +. ولم تعد معادلة الأمن والنفط تعمل لأن الالتزام الأميركي بأمن الخليج يتراجع كما لم تعد الولاياتالمتحدة المستهلك الرئيس لنفط الخليج إلى جانب أن هذه النظرية سقطت بالتقادم. ويؤكد خبير أميركي مقرب من اليسار الأميركي سيكون من الحكمة الشروع في تقييم ذاتي ومعمق لأسباب تدهور الشراكة مع السعودية بدلا من الاعتقاد أن معاقبتها ستصلح الوضع. وأضاف أن تصريح أمين أوبك بأن اتفاق أوبك + ليس سياسياً، فتعامل أوبك+ مع النفط هو من خلال منظور وميزان اقتصادي وليس لبعد أو اصطفاف سياسي، مؤكدا أن أمن طاقة العالم واستدامتها هما مسؤولية العالم أجمع وليسا مسؤولية تحملها على عاتقها دول أوبك+ بمفرده، فضلاً على أن القرار لا تنفرد به السعودية أو دولة واحدة من دول مجموعة أوبك بمفردها، فهو قرار جماعي باتفاق المجموعة كلها والتي بفضل سياساتها كان النفط الأقل ارتفاعاً بين جميع السلع رغم موجة التضخم العالمية الشرسة. هذا ما يعني أن خفض إنتاج النفط هو لاستدامة السوق العالمية وليس لرفع الأسعار عن قصد على أميركا أو على دولة بعينها، وهذا ما ذكره الوزير عادل الجبير في لقائه الأخير والذي ظهر فيه على قناة فوكس نيوز، وأكد أن سبب ارتفاع الأسعار هو العجز الأميركي في بناء مصافي التكرير. في الواقع، تبدو إدارة بايدن في وضعه لا تحسد عليه، لم يسبق أن تعامل أسلافه مع مثل هذه المُعضلة منذ أزمة حظر النفطي العربي عام 1973. لكن مشكلة بايدن تحديداً أنه لا يزال يُقارب الشراكة مع السعودية من منظور لم يواكب التغييرات التي طرأت على قاعدة الأمن مقابل النفط. ريتشارد بلومنتال إلهام عمر