معهد البترول الأميركي يرفض بشدة مشروع القانون تواصل "الرياض" رصد أصداء عالمية مدوية إزاء بعض التصريحات الاميركية التي تتهم المملكة بوقوفها خلف قرار كبح انتاج مليوني برميل يومياً من امدادات دول أوبك وشركائها في تحالف أوبك+، مشيرين لاستحالة فرض المملكة آرائها وإملاءاتها على 23 دولة يمثلون أوبك+ من مختلف انحاء العالم من البرازيل إلى روسيا مرورا بقلب أفريقيا وشمالها والشرق الأوسط والخليج العربي والذين يتفقون جميعاً على كافة قرارات التحالف وجميعها ناجحة ونافذة في عمق موازين العرض والطلب محققة الاستقرار لأسواق واقتصادات العالم. وقال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة العالمي د. أنس الحجي، إن قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط، أثار هجومًا أميركيًا ضد السعودية، على الرغم من أن القرار اتخذته 23 دولة. وأوضح الحجي، في حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة" في موقع تويتر، قدّمها بعنوان "محاكمة دول أوبك وأزمات الطاقة في أميركا وأوروبا"، أن أزمات الطاقة في والولاياتالمتحدة ودول أوروبا -تاريخيًا- هي أزمات كهرباء. وأضاف: "ان أوبك+ لا تصدر الكهرباء، والسعودية بدورها لا تصدر الكهرباء، كما أن الأزمة بالأساس مرتبطة بالغاز، والمملكة لا تصدر الغاز، وهناك أيضًا أزمة بنزين في كاليفورنيا، ولكن كاليفورنيا لا تستورد البنزين من السعودية". وقال مستشار تحرير منصة الطاقة د. أنس الحجي، إنه بالنظر إلى كل الأزمات "لا نجد يدًا للمملكة أو أوبك فيها، فهم ليسوا وراء الأعاصير في خليج المكسيك، ولا علاقة لهم بإغلاق الحفارات أو المصافي هناك، كما أن المنظمة لم تطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن أن يعد ناخبيه بمنع التنقيب في الأراضي الفيدرالية". وأشار إلى أن أوبك لم تطلب من بايدن -أيضًا- أن يوقف خط أنابيب "كيستون إكس إل" من كندا، لذا فإن الأزمات المتعلقة بالطاقة في كل من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لا علاقة لها بقرار أوبك+ أو دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية. وتابع: "على العكس، فعندما نرجع إلى عام 2020 مثلًا، نجد أن هناك تعاونًا كبيرًا من أوبك+ ودول الخليج مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، عندما خفضوا الإنتاج.. وتاريخيًا لم يشهد العالم أزمات طاقة خاصة في أوقات الحروب، بسبب تعاون دول الخليج مع الدول الغربية وزيادة الإنتاج". وأضاف خبير اقتصادات الطاقة أنه خلال غزو العراق للكويت، وأيضًا حرب الخليج الأولى والثانية، وغيرها من الحروب، كانت هناك زيادة في الإنتاج وتعاون واستعمال للطاقة الإنتاجية الفائضة التي تكلف المليارات. ولكن، وفق د. الحجي، فإن ما حدث من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الأيام الأخيرة يخالف جميع الحقائق التاريخية، ويعدّ تغاضيًا عن حقيقة أن المشكلة الحقيقية في الولاياتالمتحدة وأوروبا حاليًا لا علاقة لها بخفض إنتاج أوبك+، خاصة أن هذا الخفض سيحدث في المستقبل، أي الشهر القادم. وأوضح الحجي أن بداية خفض الإنتاج خلال شهر نوفمبر المقبل (2022)، تعني أن هذه الشحنات التي يجب أن تصل للولايات المتحدة، حتى إذا لم يكن هناك خفض، لن تصل قبل عام 2023، لذلك فإن كل هذا الهجوم لا أساس له. وقال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منزعجة من إعلان أوبك+ تخفيض "سقف" إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، وليس الإنتاج نفسه، فالأول هو المستهدف، وهناك فرق بينهما. وشدد الحجي قوله: "عندما أقول، إنني أريد أن أجري لمسافة 5 كيلومترات، ولكني لا أستطيع فعليًا الجري سوى لمسافة 3 كيلومترات، هنا سقف الإنتاج هو الرقم الأكبر، بينما الإنتاج الفعلي هو الرقم الأقلّ، وهذا هو الفارق بين سقف الإنتاج والإنتاج". وأوضح أن التخفيض جاء من سقف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، ولكن التخفيض الفعلي بحسب التزامات الدول الأعضاء في أوبك+ سيكون بين 800 ألف و1.1 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وسيتحدد الرقم بالضبط بعد رؤية التزام الدول بتطبيق خفض الإنتاج. ولفت خبير اقتصادات الطاقة د. أنس الحجي إلى أنه -شخصيًا- يعتقد أن العراق لن يلتزم بقرار خفض سقف إنتاج النفط على كل الحالات، ومن ثم فإن التخفيض سيكون أقلّ من ذلك. وقال إن واردات الولاياتالمتحدة من النفط السعودي تمثّل نحو 7.5% من إجمالي واردات النفط الخام، وهي نسبة بسيطة جدًا، متسائلًا: بما أن النسبة بسيطة.. فلماذا انزعجت إدارة بايدن من تخفيض جزء من الإنتاج؟ صادرات النفط السعودية لأمريكا وأضاف: "لو نظرنا إلى صادرات السعودية من النفط الخام إلى الولاياتالمتحدة، نجد أنها تمثّل 7% من إجمالي صادراتها الكلّية، وإذا نظرنا إلى كمية التخفيض الحقيقية التي يجب أن تنفّذها المملكة، وفقًا لاتفاقية أوبك+، فإنها ستكون 440 ألف برميل يوميًا". وتابع: "بعبارة أخرى، لو نظرنا إلى صادرات السعودية إلى الولاياتالمتحدة، وافترضنا أن المملكة ستوزع هذا الانخفاض على الصادرات وليس من الإنتاج على كل الدول، فإن نصيب أميركا من هذا التخفيض سيكون 29 ألف برميل فقط، وهو لا شيء". وأشار الحجي إلى أنه خلال أعاصير سابقة، بلغ حجم التخفيض بين 1.5 مليون و1.6 مليون برميل يوميًا، وليس 29 ألفًا، موضحًا أن هذا الخفض السعودي البسيط يتزامن مع سحب إدارة بايدن مليون برميل يوميًا من احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي. في الوقت نفسه، شدد الحجي على أن هذا الخفض -الافتراضي- لن يحدث، وذلك بسبب أن الطلب على النفط يزيد في الصيف في كل الدول النفطية حول العالم وليس بدول الخليج فقط، وهذه الزيادة مع دخول الشتاء يتم تُوَفَّر، ويكون هناك أحد حلّين، إمّا تصديرها أو وقف إنتاجها. ولفت إلى أن تصدير هذه الكميات سيؤدي إلى توفير المزيد من المعروض، ومن ثم خفض أسعار النفط، ولذلك فإن الحل الأفضل والوحيد هو وقف إنتاجها. وأدى قرار المنظمة بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، أي ما يعادل حوالي 2٪ من الطلب العالمي على النفط، إلى وضع المملكة العربية السعودية في مسار تصادمي مع البيت الأبيض، والذي اتهم المملكة بالانحياز إلى روسيا العضو في أوبك+. وأخبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، جيك تابر من شبكى سي ان ان بأنه يجب على واشنطن الآن "إعادة التفكير" في علاقتها مع الرياض بعد الخفض، الأمر الذي يهدد برفع أسعار البنزين في أمريكا قبل انتخابات التجديد النصفي. ونقلت سي ان ان عن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير الذي قال إن الخفض يهدف إلى استقرار الأسواق. وأضاف الجبير، أحد كبار الدبلوماسيين في المملكة العربية السعودية، لبيكي أندرسون من سي ان ان: "نحاول التأكد من عدم وجود تقلبات غير منتظمة في الأسعار." وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، سيكون الخفض الفعلي للإنتاج أقرب إلى مليون برميل يوميًا، نظرًا لأن معظم أعضاء أوبك+ -بما فيهم روسيا- لا يفون بأهداف الإنتاج السابقة. مع ذلك، أدى قرار تقليص المعروض إلى ارتفاع سعر خام برنت، لحافة 100 دولار للبرميل مرة أخرى. وعادةً ما تدفع أسعار النفط المرتفعة المنتجين من خارج أوبك إلى العمل، وخاصة شركات النفط الصخري الأمريكية. لكنها كانت تعاني من اضطرابات في سلسلة التوريد وتضخم في التكلفة ولم تعلن بعد عن استثمارات كبيرة في الإنتاج، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. عامل آخر يلعب دورًا في نقص الاستثمار: أزمة النفط في العام 2020. لقد دفعت الأيام الأولى للوباء سعر خام برنت إلى مستوى منخفض يصل إلى 20 دولارًا للبرميل - بينما تحولت أسعار النفط الأمريكي إلى سلبية لفترة وجيزة - مما أدى إلى موجة من حالات الإفلاس في صناعة النفط والغاز. وأضافت الوكالة أن "هذا يلقي بظلال من الشك على الاقتراحات القائلة بأن الأسعار المرتفعة ستؤدي بالضرورة إلى موازنة السوق من خلال زيادة المعروض." ومن المتوقع أن يتباطأ نمو العرض "بشكل ملحوظ" في العام 2023، على الرغم من أنه لا يزال يصل إلى مستوى قياسي يبلغ 100.6 مليون برميل يوميًا. وقالت وكالة الطاقة الدولية بأنه من المتوقع أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط 101.3 مليون برميل يوميا العام المقبل. ولكن بعد خطوة من قبل تحالف "أوبك بلس" النفطي قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولاياتالمتحدة قبل أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، فيما قال الرئيس جو بايدن لمراسل سي ان ان جيك تابر إن الوقت قد حان للولايات المتحدة لإعادة التفكير في علاقتها مع السعودية. وردت السعودية، الأربعاء الماضي، قائلة إن طلب الولاياتالمتحدة بتأجيل قرار خفض الإنتاج "لمدة شهر" سيكون له تأثير اقتصادي سلبي. فكرة مطالبة الإدارة الأمريكية للسعوديين بتأجيل الخفض إلى ما بعد الانتخابات أثارت غضب منتقدي بايدن. ورد البيت الأبيض، الخميس، بالقول إن الرياض تحاول "الالتفاف" على الحقائق. وأكد منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أن الولاياتالمتحدة "تعيد تقييم علاقتها مع السعودية في ضوء هذه الأفعال". في حين يكشف عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية في مقابلة مع سي ان ان، إنه "عندما تكون في موسم الانتخابات، ما يسميه البعض (الموسم الهزلي)، يُقال الكثير من الأشياء ويتم القيام بالكثير من الأشياء التي قد يكون لا معنى لها في وقت آخر"، مضيفا: "آمل أن يكون هذا ما نتعامل معه هنا". قانون نوبك بعد قرار خفض إنتاج النفط مباشرة تقريبًا، قال البيت الأبيض إن الرئيس بايدن "سيتشاور مع الكونغرس بشأن أدوات وسلطات إضافية لتقليل سيطرة أوبك على أسعار الطاقة"، وهو ما فُسر على نطاق واسع على أنه تهديد بدعم مشروع "قانون نوبك" المقدم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. ويهدف مشروع القانون إلى إخراج التحكم في أسعار النفط من قبضة دول قليلة من خلال تعريض دول أوبك لقوانين مكافحة الاحتكار، وفي حالة إقراره، سيرفع القانون الحصانة عن أعضاء أوبك وشركاتهم النفطية ويسمح بمقاضاتهم للتواطؤ في رفع الأسعار. وأقرت لجنة من مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع القانون في مايو الماضي. ولكن لكي يصبح قانونًا ساريًا، فإنه لا يزال بحاجة إلى الموافقة عليه من مجلسي الشيوخ والنواب بكامل هيئتهما والتوقيع عليه من قبل الرئيس بايدن. ووجد استطلاع أجرته شركة مورنينق الاستشارية وصحيفة "بوليتكو" أن أقل من نصف الناخبين الأمريكيين بقليل يدعمون مشروع "قانون نوبك"، بما في ذلك أكثر من نصف الديمقراطيين وحوالي 40% من الجمهوريين. لكن إقرار القانون لن يكون بدون عواقب على الولاياتالمتحدة نفسها، بحسب محللين. وقالت كارين يونغ، باحثة أولى في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية: "أعتقد أن هذا سيكون له تأثير كبير على صناعة النفط والغاز، وسوف يجعل جميع أنواع المشاريع والاستثمارات المشتركة مع شركات النفط الوطنية أكثر تعقيدًا". هناك أيضًا مخاوف من أن إزالة سقف الإنتاج من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض أسعار النفط لدرجة أن صناعة النفط الأمريكية قد تتوقف عن العمل لأن تكاليف الاستخراج في الولاياتالمتحدة أعلى بكثير من السعودية لبتي لديها أقل تكلفة لاستخراج النفط في العالم، ولذا يمكنها الاستمرار في جني الأرباح بأسعار النفط المنخفضة للغاية. عارض معهد البترول الأمريكي، وهو اتحاد تجاري لصناعة النفط والغاز الطبيعي، بشدة مشروع القانون، قائلًا إنه سيكون ضارًا بالمصالح الدبلوماسية والعسكرية والتجارية الأمريكية. وقالت غرفة التجارة الأمريكية في مايو الماضي إن التشريع "لن يكون له أي تأثير في ترويض أسعار الوقود". ويقول الخبراء إن جميع الخيارات التي ذكرها السياسيون الأمريكيون لمعاقبة المملكة العربية السعودية غير واقعية ومن غير المرجح أن تتحقق، وقد يختار البيت الأبيض بدلًا من ذلك اتخاذ إجراء أقل أهمية لحفظ ماء الوجه. وقالت يونغ إن إدارة بايدن "تزيد من هذا التوتر لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا قصر نظر بشكل خطير"، مضيفة: "إن هذا الأمر يجعل العلاقة تتعلق بالنفط فقط بينما طوال الوقت كانت الإدارة تحاول جعلها تتعلق بشيء أكبر وأكثر تاريخية". وتابعت بالقول: "قد ينتهي بنا الأمر ببيان خفيف اللهجة بشأن مبيعات الأسلحة وتوبيخ بشأن "القيم". د. أنس الحجي