مع وجود 2.7 مليار لاعب في جميع أنحاء العالم، أدت الشعبية المتزايدة لألعاب الفيديو وتفاعلها مع المجتمعات الأخرى عبر الإنترنت إلى خلق ثقافات فرعية مهمة، وفي حين أنه يمكن استخدام هذه الألعاب كقوة من أجل زراعة السلم والخير عبر إقامة روابط جديدة، أو فرص لدعم حل النزاعات، فإن الجماعات المتطرفة والإرهابية تستغل وبشكل متزايد هذه المساحات الآخذة في التوسع في محاولات لإعادة التوجيه، وتعزيز التطرف، ونشر دعاياتها. وبالنظر إلى هذه الحقيقة، نجد أطفالنا يقضون الساعات الطويلة وهم يلعبون بهذه لألعاب بلا ثقافة، وبلا مراقبة من الأهل، أو حتى معرفة بنوعية الألعاب التي يلعبها أبناؤهم. والحقيقة أنه كلما زاد الوقت الذي يقضونه مع هذه الألعاب، كلما زاد احتمال تعرضهم للأيديولوجيات المتطرفة واستيعابهم لتلك المعتقدات الداعية للعنف والتطرف. لقد وجد المختصون أن الجماعات المتطرفة ترسل رسائل مسيئة وتعزز من علاقاتها، في الألعاب العسكرية التي تشتمل على إطلاق النار مثل "كول أوف ديوتي" (Call of Duty) أو "ببجي" (Pubg) وغيرهما. ويمكن أن نذكر هنا مجموعة "باتريوتك ألترنيتف" اليمينية التي استغلت لعبة (call of duty) لتجنيد بعض الشباب في صفوفها، ومن الممكن أن يتعرض أبناؤنا على العديد من منصات هذه الألعاب إلى علامات الفكر المتطرف سواء الغربي منها كالنازية، أو الشرقي منها كداعش وغيرها دون أن يعرفوا معنى هذه العلامات ودلالاتها. يقول أليكس نيوهاوس، نائب مدير مركز الإرهاب والتطرف ومكافحة الإرهاب، ضمن مؤتمر مطوري الألعاب الذي عقد في العام 2022: إن التطرف في الألعاب يمثل "تهديداً متزايداً"، ويضيف: "أصبحت الألعاب منصة توفر الهياكل والبنية التحتية للمتطرفين ضمن تنظيم معين ونشر أيديولوجياتهم البغيضة والمتطرفة". إن هذه الحقيقة، مع تمدد الجماعات المتطرفة والإرهابية في العوالم الافتراضية تتطلب مواجهة أمنية واجتماعية وفكرية. كما أنه من المهم أن تُتابع الأسرة أبناءها، وتتعرف على طبيعة المواقع والألعاب التي يختارونها بما يتناسب مع أعمارهم، ومنعهم من ممارسة الألعاب العنيفة، ومن الأهمية بمكان دعم مواهب الأبناء، وتشجيعهم على ممارسة أنشطة اجتماعية وهوايات حركية كالرياضة، لحمايتهم من الوقوع في العزلة والانطواء، فدور الأسرة والمؤسسات التعليمية في توعية الأطفال محوري في سبيل حمايتهم من الوقوع في براثن تلك التنظيمات المتطرفة بأشكالها المختلفة.