تعرضت أوكرانيا صباح الاثنين لقصف روسي غير مسبوق بحدته منذ أشهر ندد به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، معتبرًا إيّاه "تصعيدًا غير مقبول". وقال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان إن "الأمين العام يشعر بصدمة عميقة إزاء الهجمات الصاروخية واسعة النطاق التي نفّذتها قوات روسيا الاتحادية المسلحة على مدن في أنحاء أوكرانيا"، مضيفًا أن ما حصل "يشكّل تصعيدا آخر غير مقبول في الحرب، وكالعادة، يدفع المدنيون الثمن الأكبر". من جهته، اتهم رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشنكو أوكرانيا بالتحضير لهجوم ضد بلاده مضيفًا أنه نتيجة لذلك ستنشر مينسك قوات روسية-بيلاروسية بدون تحديد موقعها. وقال خلال اجتماع مع مسؤولين أمنيين "نظرًا إلى تفاقم الوضع عند الحدود الغربية للاتحاد، اتفقنا على نشر قوة إقليمية لجمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية بيلاروس". وتعليقا على القصف الروسي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على شبكات التواصل الاجتماعي "انهم يحاولون تدميرنا جميعا، محونا عن وجه الأرض"، داعيًا السكان الى البقاء في الملاجئ ومطالبًا حلفاءها العربيين برد "قاس" على روسيا وكذلك باجتماع طارئ لمجموعة السبع. وفي حصيلة أولية، تحدثت أجهزة الإنقاذ الأوكرانية عن مقتل 11 شخصًا وإصابة 64 بجروح في أنحاء مختلفة من أوكرانيا. وقال رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميغال من جهته إن 11 منشأة مهمة تضررت صباح الاثنين في ثماني مناطق وفي العاصمة كييف. وقال زيلينسكي في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي "يريدون تدمير نظام الطاقة"، فيما كانت عدة مناطق أوكرانية تعاني من انقطاع في التيار الكهربائي. وبحسب وزارة الدفاع الأوكرانية، أطلق الجيش الروسي 83 صاروخًا اعترض الدفاع الجوي 52 منها 43 صاروخ كروز. وسُمع نحو ستّة انفجارات في كييف مع ضربات في عدة أحياء بما في ذلك وسط المدينة. ولفت رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إلى أن "التهديد بضربات جديدة لا يزال قائمًا"، داعيًا الشعب الأوكراني إلى الاحتماء في حال انطلاق الإنذارات المضادة للطائرات. وقال ايفان بولياكوف (22 عامًا) "أنا مصدوم جدًا. وصلت إلى كييف هذا الصباح. كنت أسير في الشارع (...) حين دوت الانفجارات. وقالت كسينيا ريازانتسيفا التي تقطن في كييف "هناك جامعة ومتحفان في هذا الحي ولا توجد أهداف عسكرية أو ما شابه. هم يقتلون المدنيين فقط". * "جريمة حرب" - ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "التصعيد" الروسي "غير مقبول" في أوكرانيا. واعتبر الاتحاد الأوروبي أن الضربات الصاروخية الروسية على المدنيين في أوكرانيا "ترقى إلى جريمة حرب"، وفق ما أفاد ناطق باسم مسؤول شؤون التكتل الخارجية جوزيب بوريل الاثنين. أكّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الاثنين أن الحلف يدين "الهجمات المروعة والعشوائية" التي تشنّها روسيا على منشآت مدنية في أوكرانيا، مشددًا على أنه سيواصل دعمه للشعب الأوكراني. وكتب على تويتر "تحدثت مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ونددت بالهجمات المروعة والعشوائية لروسيا على منشآت مدنية في أوكرانيا". وكتبت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في تغريدة الاثنين "أدين بأشدّ العبارات الضربات الروسية العشوائية على المدن الأوكرانية. إن استهداف السكان المدنيين عمدًا يشكل جريمة حرب". وأعلنت برلين من جهتها أن قادة دول مجموعة السبع والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيجرون محادثات طارئة الثلاثاء لمناقشة الهجمات الروسية الأخيرة على أوكرانيا. وستنطلق المحادثات عبر الفيديو عند الساعة 14,00 (12,00 ت غ) الثلاثاء. وتأتي هذه الضربات بعد التدمير الجزئي لجسر يربط القرم التي ضمتها روسيا في 2014 بالأراضي الروسية. وأكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا استهدفت البنى التحتية الأوكرانية بقصف كثيف، متوعدا بأن الرد على أي هجمات أوكرانية أخرى سيكون "شديدا". وقال بوتين في مستهل اجتماع متلفز مع أعضاء مجلس الأمن الروسي "لم يكن من الممكن ترك (الهجمات الأوكرانية) تمر من دون رد. إذا تواصلت، فسيكون الرد الروسي شديدا ومتناسبا مع مستوى التهديد". ولم تؤكد كييف أو تنفي ضلوعها في الانفجار الذي وقع صباح السبت على هذا الجسر دعا الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي دميتري ميدفيديف إلى "التفكيك الكامل" للسلطة السياسية الأوكرانية، مؤكدًا أن الضربات على أوكرانيا ليست إلّا "الحلقة الأولى". وكتب ميدفيديف على تلغرام "انتهت الحلقة الأولى، وستكون هناك حلقات أخرى"، مضيفًا "من وجهة نظري، يجب أن يكون (الهدف) هو التفكيك الكامل للنظام السياسي في أوكرانيا". * "تغيير ايقاع الحرب" - واعتبر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الاثنين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشنّ ضربات كثيفة على أوكرانيا لأنه "يائس بسبب الهزائم في ساحة المعركة". وكتب كوليبا على تويتر "إن بوتين يائس بسبب الهزائم في ساحة المعركة، ويستخدم إرهاب الصواريخ ليحاول تغيير ايقاع الحرب لصالحه". ومن جهته، اتهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو الاثنين، وهو حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليتوانيا وبولندا وأوكرانيا بتدريب بيلاروسيين "متطرفين" لشن هجمات "إرهابية"، بعدما أعلن عن خطط لنشر قوات مشتركة مع موسكو. واتهم الجيش الأوكراني روسيا بتنفيذ الضربات بطائرات مسيرة إيرانية الصنع ارسلت من بيلاروس. وأعلنت مولدافيا الاثنين أن ثلاثة صواريخ كروز أطلقتها القوات الروسية على أوكرانيا عبرت مجالها الجوي، واستدعت سفير موسكو للحصول على توضيحات. وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "قلقه البالغ" حيال الضربات الروسية على أوكرانيا وذلك خلال اتصال مع نظيره الأوكراني، متعهّدًا بأن باريس ستزيد دعمها العسكري لكييف. واعتبر وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أن الضربات الصاروخية الروسية على العاصمة الأوكرانية كييف ومدن أخرى "غير مقبولة". وقال على تويتر "إنها تعبير عن ضعف (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، لا قوته"، مضيفا أنه اتصل بنظيره الأوكراني دميترو كوليبا. من جانب آخر، نددت أجهزة الأمن الروسية الأحد "بتزايد كبير" للقصف الاوكراني الذي يستهدف الاراضي الروسية الواقعة على الحدود الاوكرانية. وتراجعت بورصة موسكو بحوالى 12% عند بدء التداولات الإثنين بعد يومين على الانفجار الذي دمر جزءا من جسر القرم. وبلغ تراجع مؤشر بورصة موسكو (موكس) بالروبل 11,9% إلى 1780,39 نقطة، متدنيا لفترة قصيرة عن عتبة 1800 نقطة للمرة الأولى منذ 24 شباط/فبراير، فيما تراجع مؤشر آر تي إس بالدولار بنسبة 13% مسجلا 909,26 نقاط.