أعلنت روسيا الأحد أنها سيطرت على مدينة ليسيتشانسك الاستراتيجية ومنطقة لوغانسك بأكملها. ويأتي ذلك في وقت أعلنت بيلاروس اعتراض صواريخ أطلقتها كييف بينما أفادت روسيا بأن أوكرانيا أطلقت ثلاثة صواريخ عنقودية على بيلغورود في هجوم أسفر عن سقوط أربعة قتلى. وكانت ليسيتشانسك آخر كبرى مدن مقاطعة لوغانسك التابعة لمنطقة دونباس في شرق أوكرانيا بقيت في أيدي الأوكرانيين. وتعد السيطرة عليها مؤشرا على تقدّم روسي كبير في دونباس، وهو أمر تركّز عليه موسكو منذ انسحبت من كييف. ووردت تقارير متضاربة السبت بشأن وضع ليسيتشانسك إذ نفت أوكرانيا صحة المعلومات الواردة من موسكو بأن القوات الروسية حاصرت كلالمدينة التي يفصلها نهر عن سيفيرودونيتسك المجاورة والتي انتزعتها القوات الروسية الأسبوع الماضي. ولم يصدر تعليق بعد عن الجانب الأوكراني بشأن المعلومات المرتبطة بسقوط ليسيتشانسك بعد أيام من المواجهات العنيفة. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته وكالات الأنباء المحلية إن "سيرغي شويغو القائد الأعلى للقوات المسلحة أبلغ فلاديمير بوتين بتحرير جمهورية لوغانسك الشعبية". وقبل دقائق على صدور الإعلان، قال ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أن المعارك جارية في ليسيتشانسك بينما باتت القوات الأوكرانية محاصرة "بالكامل". استهداف مدينة روسية جاء الإعلان الروسي بينما أفادت موسكو أن دفاعاتها المضادة للطائرات أسقطت ثلاثة صواريخ عنقودية من طراز "توشكا-يو" أطلقها "أوكرانيون قوميون" على بيلغورود، المدينة الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية. وذكر حاكم بيلغورود فياشيسلاف غلادكوف أن الهجوم أحدث أضرارا في 11 مبنى سكنيا و39 منزلا. واتّهمت موسكو كييف في السابق بتنفيذ ضربات على الأراضي الروسية، تحديدا في منطقة بيلغورود. بدوره، اتّهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو كييف ب"استفزاز" بلاده وقال إن جيشه اعترض صواريخ أطلقتها قوات أوكرانية على بيلاروس قبل "نحو ثلاثة أيام". وتعد بيلاروس من أبرز حلفاء روسيا ودعمت الغزو الذي بدأ في 24 فبراير بينما اتّهمتها كييف بشن هجمات على الأراضي الأوكرانية. لكن لوكاشنكو نفى أي دور لبلاده في حادثة عبر الحدود. ونقلت عنه وكالة "بلتا" الرسمية السبت قوله "أكرر لكم، كما قلت قبل أكثر من عام، لا نية لدينا للقتال في أوكرانيا". قتال عنيف في هذه الأثناء، تواصل القصف الروسي على أنحاء أوكرانيا في ظل معارك عنيفة، بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال زيلينسكي في خطاب السبت "يتواصل القتال العنيف على طول خط الجبهة في دونباس"، مضيفا أن "العدو يكثّف نشاطه في منطقة خاركيف". وفي بلدة سيفرسك الصغيرة التابعة لدونيتسك، قال أحد السكان إن "القصف مستمر ليلا نهارا". وقالت السلطات المحلية في دونيتسك إن شخصين قتلا وأصيب ثلاثة بجروح، بينهم طفلان، في ضربة استهدفت بلدة دوبروبيليا. كما استهدفت صواريخ منازل في سلوفيانسك وسط دونباس، ما أسفر عن مقتل امرأة في حديقتها وإصابة زوجها بجروح، وفق ما أفاد أحد جيرانها السبت في معرض حديثه عن الشظايا التي تناثرت في أنحاء الحي. وقال الشاهد إنه يُعتقد أن الضربة التي وقعت الجمعة نفّذت بواسطة ذخائر عنقودية انتشرت على مساحة واسعة قبل أن تتفجر وتضرب مباني وأشخاصا كانوا في الخارج. وحذّر زيلينسكي من التراخي في المدن التي لم تشهد عنفا بنفس القدر الذي سجل في مدن أخرى. وقال "لم تنته الحرب بعد. للأسف تزداد قسوتها في بعض الأماكن ولا يمكن أن ننساها". حاجة إلى استثمارات ضخمة تحدّث زيلينسكي في خطابه أيضا عن مؤتمر لإعادة إعمار أوكرانيا من المقرر أن ينطلق الاثنين في سويسرا. وسيجتمع قادة عشرات الدول والمنظمات الدولية في مدينة لوغانو بهدف وضع خارطة طريق لتعافي البلد الذي تمزّقه الحرب. وقال زيلينسكي إن إعادة إعمار أوكرانيا "تحتاج إلى استثمارات ضخمة - مليارات وتكنولوجيا جديدة ومؤسسات جديدة وبالطبع، إصلاحات". وأشار إلى أن الحرب أثّرت على عشر مناطق في أوكرانيا فيما بات يتعيّن "إعادة بناء" العديد من البلدات والقرى "من الصفر". يتوقع بأن تحدد خارطة الطريق احتياجات إعادة الإعمار بما في ذلك البنى التحتية المدمرة والمتضررة واقتصاد أوكرانيا المنهار إلى جانب الاحتياجات البيئية والاجتماعية. وتقدّر الكلفة بمئات مليارات الدولارات. كما ستواجه أوكرانيا مطالبات بإصلاحات واسعة، خصوصا في ما يتعلّق بمكافحة الفساد. وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على الحاجة إلى الإصلاحات وقالت إن عضوية الاتحاد الأوروبي المنشودة "في متناول" أوكرانيا، لكنها حضّت كييف على العمل على إجراءات لمكافحة الفساد. وقبل الحرب، كانت أوكرانيا مصدّرا رئيسيا للمنتجات الزراعية، لكن الغزو الروسي أحدث أضرارا في الأراضي الزراعية وسيطرت موسكو خلاله على موانئ أوكرانية أو جرفتها أو حاصرتها، ما أثار مخاوف حيال النقص في الغذاء وخصوصا في الدول الفقيرة. وحذّر المزارع سيرغي ليوبارسكي الذي يملك حقولا قريبة من خط المواجهة من أن الوقت ينفد لحصاد محصول العام الحالي. وقال "يمكننا الانتظار حتى العاشر من أغسطس كحد أقصى، لكن بعد ذلك، ستجف الحبوب وتسقط أرضا". واتّهمت القوى الغربية بوتين باستخدام المحاصيل العالقة سلاحا لزيادة الضغط على المجتمع الدولي بينما اتُّهمت روسيا بسرقة الحبوب.